بعد سقوط الأسد.. تغيّرات في الدور التركي وسيطرة على المشهد السياسي في دمشق

غرفة الأخبار – نورث برس

في ظل التحولات السياسية التي شهدتها سوريا بعد الثامن من كانون الأول/ ديسمبر العام الفائت، وسقوط نظام الأسد، تغيّرت الأدوار الدولية بشكل ملحوظ، وظهرت بعض القوى الإقليمية والدولية بأدوار جديدة في الساحة السورية.

وعلى الرغم من تراجع الدور الروسي والإيراني، فإن الوجود التركي أصبح أكثر بروزاً، في ظل مساعي تركيا لتوسيع نفوذها في الشمال السوري وسيطرتها على المشهد السياسي في دمشق.

ورغم مرور أشهر على سقوط النظام السوري، لا يزال مستقبل الوجود الأجنبي في سوريا محل تكهنات، وبالتحديد الوجود التركي في البلاد وهجماته المستمرة ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، لا سيما بعد مبادرة سلام كردية تركية أطلقت في أنقرة وحديث عن تأثيراتها على سوريا.

تركيا باقية في سوريا

يقول هاني سليمان، مدير “المركز العربي للبحوث”، لنورث برس، إنه رغم تراجع الدور الروسي والإيراني، فإن هناك وجودًا أكثر لبعض الأطراف الأخرى لملء الفراغ ومحاولة البحث عن أدوار جديدة، وهذا يمكن أن نلمسه في الوجود التركي المتنامي وعلاقته بالحكومة في دمشق.

ويرى وليد جولي، الباحث في مركز “الفرات” للدراسات، أنه في البداية كانت هناك تكهنات بأن أنقرة ستنسحب من الشمال السوري، لكن خلال الأشهر الثلاثة الماضية أكدت المؤشرات أن تركيا باتت أكثر تأثيرًا في تفاصيل العملية السياسية السورية.

ويقول جولي في تصريح لنورث برس: “هذا النفوذ المتزايد من شأنه أن ينعكس سلبًا على مبادرة السلام في تركيا، حيث إن تحقيق السلام الداخلي في تركيا بات مرتبطًا بالمكاسب الخارجية. فكلما ازدادت فرص التوسع والهيمنة لحكومة العدالة والتنمية، ابتعدت عن أي مسار سلام داخلي”، وفق تعبيره.

وصرح قياديون في قوات سوريا الديمقراطية، بعدة مناسبات، إن تفاهمات وشيكة مع الحكومة في دمشق أفشلتها تركيا.

والاثنين الفائت، وقع الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، والجنرال مظلوم عبدي قائد “قسد”، اتفاقاً يقضي باندماج القوات ومؤسسات الإدارة الذاتية ضمن الدولة السورية.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بعد زيارة أجراها الخميس الفائت إلى دمشق مترأساً وفداً رفيع المستوى، إنهم نقلوا هواجسهم إلى دمشق بشأن الاتفاق مع “قسد”.

تفاهمات مرحلية

يشير هاني سليمان، إلى أن مبادرة السلام التي أطلقها زعيم حزب العمال الكردستاني، عبدالله أوجلان، نهاية شباط/ فبراير الفائت، “ربما تكون فرصة لتواصل أو هدنة مع قوات سوريا الديمقراطية قسد”.

ويقول إن أي اتفاق بين أنقرة و”قسد” سيكون “مؤقتاً، ويعتقد أن “المسألة الكردية وقسد تتعارض مع الأجندة والأهداف التركية ولا يمكن أن تكون هناك نقاط توافق تامة وجذرية  وأقصى ما يمكن الوصول إليه هي تفاهمات مرحلية ونوع من المهادنة والقبول بالأمر الواقع”.

ويشدد على أن تركيا موجودة في سوريا وستبقى فيها بهدف تثبيت أركان الحكم الجديد في سوريا والوقوف في وجه أي تواجد لقوات سوريا الديمقراطية، وفق رأيه.

ويرى الباحث في مركز “الفرات” للدراسات وليد جولي، أن الوضع الحالي سيؤثر على علاقة أنقرة مع قوات سوريا الديمقراطية، “الجيش التركي والفصائل الموالية له يواصلون العمليات العسكرية ضد قسد مع مؤشرات على تصعيد محتمل ما لم يتم كبح التحركات التركية دولياً”.

إعداد وتحرير: عبدالسلام خوجة