الجنوب السوري.. مشهد عسكري مشتت ومواقف غير واضحة

غرفة الأخبار – نورث برس

تشهد سوريا تطورات متسارعة بعد سقوط النظام السابق في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الماضي سواءً من الناحية السياسية أو العسكرية، وخلال هذه التطورات تتجلى ضبابية المشهد العسكري في الجنوب السوري.

وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، شهدت السويداء إعلان تشكيلات عسكرية جديدة، لتتوحد أخرى تحت مسميات جديدة، حيث طالبت تشكيلات هناك الحكومة الانتقالية بأن تكون جزء من الجيش السوري الجديد ولكن بشروط.

وأمس الأربعاء، اجتمع زعيم الروحي للطائفة الدرزية حكمت الهجري في دارة قنوات مع وفد من الناشطين السياسيين والمدنيين في السويداء بحضور محافظ السويداء مصطفى البكور، وتم الاتفاق على عدة قضايا منها قضايا أمنية وعسكرية.

ويقول بشار علي الحاج علي سياسي ودبلوماسي سوري سابق، إن المشهد العسكري في الجنوب السوري بعد سقوط النظام السابق “يسوده حالة من الضبابية، التي تعكس التعقيدات السياسية والأمنية التي لم تحسم بعد”.

لا رؤية موحدة

ويضيف لنورث برس، أن الإعلان عن تشكيلات عسكرية جديدة وتوحيد أخرى كانت قائمة في السابق، ويأتي “في سياق محاولات الفصائل المحلية إعادة التموضع، في ظل غياب رؤية عسكرية واضحة من قبل الإدارة الجديدة في دمشق”.

ويرجع الحاج علي عدم وجود رؤية مشتركة للتشكيلات العسكرية في جنوب البلاد إلى عدة عوامل منها تعدد الجهات المؤثرة: “الفصائل الجنوبية لديها حالة من الاستقلالية، ولكل منها أولويات مختلفة وربما مرجعيات أو توجهات مختلفة”.

ويذكر أن “عدم وضوح رؤية الإدارة الجديدة حتى الآن، حيث لم تقدّم الحكومة السورية الجديدة تصوراً واضحاً لكيفية التعامل مع الفصائل، وهو ما يبقي الساحة مفتوحة لاحتمالات متعددة”.

إضافة إلى “غياب قيادة موحدة رغم المحاولات لتوحيد الفصائل، التي لا تزال الخلافات قائمة بين القيادات العسكرية حول الرؤية المستقبلية، خاصة فيما يتعلق بعلاقتها مع الدولة الجديدة”، بحسب الحاج علي.

ويبين أنه من العوامل أيضاً “تجربة المصالحات السابقة، التي قادتها روسيا ولم تُثمر عن اندماج فعلي للفصائل، بل تركت حالة من الترقب والحذر بين الأطراف المختلفة”.

مطالب وشروط

يتساءل السياسي السوري؛ هل يمكن أن تتحقق شروط الفصائل للاندماج في الجيش السوري الجديد؟.

ويضيف الحاج علي أن الفصائل العسكرية الجنوبية تطالب بضمانات محددة قبل الانضمام إلى أي مشروع عسكري جديد، ومن أبرزها رفض منطق التابع والمتبوع، إلا من خلال رؤية واضحة لوزارة دفاع تقوم على أسس مهنية، ضمن إطار حكومة شرعية تمثل جميع السوريين.

وكذلك “تذويب هذه الفصائل ضمن هيكلية عسكرية وطنية، مع احتفاظ بعض الفصائل الأخرى بامتيازات خاصة وفق ترتيبات لم تتضح معالمها بعد” وفقاً لـ الحاج علي.

ويضيف أنه “حتى الآن، لم تصدر الحكومة الجديدة أي موقف واضح تجاه هذه الشروط، وهو ما يزيد من حالة عدم اليقين بين الفصائل، إذا لم تكن هناك استجابة جدية لهذه المطالب، فمن المحتمل أن يستمر الجنوب السوري في حالته الحالية من التفكك وعدم الاستقرار العسكري، أو أن نشهد تحركات أخرى قد تعيد رسم الخريطة العسكرية في المنطقة”.

ويمكن حصر التشكيلات العسكرية في السويداء بعدة تشكيلات منها حركة رجال الكرامة ويعتبر أكبر تشكيل عسكري إضافة إلى فصيل لواء الجبل و”قوات شيخ الكرامة” و”مجلس السويداء العسكري” الذي تم الإعلان عنه مؤخراً.

وفي درعا يوجد اللواء الثامن بقيادة أحمد العودة ومقره مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي، إضافة إلى مجموعات كاللجنة المركزية بريف درعا الغربي أغلبها معطلة وليس لها أي دور وعناصرها ينضمون للأمن العام أو لوزارة الدفاع.

انقسام

يقول أمين عام الحركة الوطنية السورية ذكريا ملا حفجي، إنها “حالة طبيعية تخضع الأطراف والقوى السورية، لحوارات للتفاهم والتقارب فهناك سنين طويلة تفصل بين القوى حواجز أمنية وقيادات مختلفة ومخاوف متعددة، واليوم هناك جهود ضرورية وحوارات لجمع القوى العسكرية ضمن المؤسسة العسكرية للدولة”.

يضيف ملا حفجي، لنورث برس، أن “السويداء تنقسم بين ثلاث أقسام، قسم يؤمن باللامركزية، وآخر يعتبر إسرائيل هي الضامن، والثالث يؤمن بأن الحل يكمن في البقاء مع دمشق”.

ويشير السياسي السوري إلى أن “المجلس العسكري بقياد العقيد المتقاعد طارق الشوفي له علاقات بقسد ولديه نموذج وتصور لامركزي”.

ويضيف أن “القسم الذي يصر على اللامركزية كنقطة انطلاق، ويطالب بضرورة وجود ضامن دولي، وهذا ما أكد عليه سماحة الشيخ حكمت الهجري”.

ويؤكد ملاحفجي أن هناك حاجة إلى “خيار سياسي للتفاهم لجمع شتات القوى العسكرية على جميع الأراضي السورية بتواضع وطني واعي”.

إعداد وتحرير: مالين محمد