“الموت على سفح الجبل”.. ألغام “هرابش” تحصد أرواح وإصابات خطيرة في دير الزور
علي البكيع – دير الزور
في حي “هرابش” بمدينة دير الزور شرقي سوريا، يقف سكان المنطقة أمام تهديد دائم بسبب الألغام المزروعة على سفح الجبل، والتي تعود إلى حقبة النظام السابق والميليشيات الإيرانية.
هذه الألغام، التي لم تتم إزالتها حتى الآن، تواصل حصد الأرواح والتسبب بإصابات خطيرة، مما يفرض واقعًا مأساويًا على الأهالي، خصوصًا رعاة الغنم الذين يدفعون الثمن الأكبر.
وشهدت دير الزور معارك عنيفة بين مختلف الفصائل المسلحة، وأدى هذا النزاع إلى استخدام الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة، مما جعل المنطقة واحدة من أكثر المناطق خطراً على مستوى سوريا.
“تهدد حياتنا يومياً”
يقول جاسم محمد الصالح، أحد سكان حي هرابش، لنورث برس، إن العديد من الأشخاص فقدوا حياتهم أو تعرضوا لإصابات بليغة بسبب هذه المتفجرات القاتلة.
ويضيف: “نحن بحاجة ماسة لفرق هندسة مختصة لتطهير المنطقة”، داعياً الجهات المعنية بالتحرك لإزالة هذه الألغام التي “تهدد حياتنا يومياً”.
ويروي عمر زهير النايف (22 عامًا)، من سكان حي هرابش، قصته المؤلمة مع الألغام بعد فقدان ساقه، قائلاً: “كنت أنا وزملائي نصعد إلى سفح الجبل، وعند اقترابي من إحدى النقاط العسكرية، انفجر لغم تحت قدمي، شعرت بصدمة هائلة وسقطت أرضًا”.

ويضيف: “هرع زملائي لنقلي إلى منزلي، بعدها أسعفوني إلى المستشفى، حيث أدركت أنني فقدت ساقي اليمنى”.
ويشير إلى أنه ليس الضحية الوحيدة، هناك خالد وصالح وجاسم، وغيرهم ممن فقدوا أطرافهم بسبب هذه الألغام.
ويبين أن الجبل لا يزال مليئًا بالألغام، وهو يشكل خطرًا على الجميع، قائلاً: “بعد فقداني ساقي، تغيرت حياتي تمامًا، وأصبحت غير قادر على المشي كما كنت سابقًا، وأضطر الآن لاستخدام العكازات”.
ويضيف: “نريد أن نحمي أنفسنا وأطفالنا، ونحلم بأن نعيش حياة طبيعية دون الخوف من كل خطوة نخطوها على أرضنا”.
حتى الآن، يظل سكان حي هرابش في مواجهة خطر الموت المتربص بهم في كل زاوية، فيما يترقبون تحركًا حقيقيًا لإنقاذهم من هذا الكابوس المستمر.
ويناشد سكان حي هرابش الجهات المسؤولة والمنظمات الإنسانية بالتدخل الفوري وإرسال فرق هندسة مختصة بإزالة الألغام، قبل وقوع المزيد من الكوارث.
أرقام قياسية
وفق إحصائيات المشفى الوطني في دير الزور، خلال شهري كانون الثاني/ يناير وشباط / فبراير من العام الجاري، بلغ عدد الوفيات 27 شخصاً و171 إصابة جراء انفجار الألغام.
فيما يشير محمد السلطان، عضو في لجنة الصحة بدير الزور، إلى أنه “منذ بداية العام الحالي شهد 38 حادث انفجار بالألغام في دير الزور، غالبيتها في الريف الشرقي، خاصة في القرى السبع”.
ويضيف أن تلك الحوادث أسفرت عن إصابة ومقتل 50 طفلاً، منهم 19 فقدوا حياتهم وجلهم من الأطفال.
بالإضافة إلى حالات إصابة من أعمار مختلفة وصلت إلى 40 إصابة على الأقل، 30% منها وفيات.
ويبين أن أعمار الأطفال المتأثرين تتراوح بين خمسة و15 عامًا، مما يشير إلى أن الأطفال في سن المدرسة هم الأكثر عرضة للخطر.
وتشكل حوادث الانفجارات الناتجة عن الألغام تهديدًا كبيرًا لحياة الأطفال في دير الزور، في الوقت الذي يرى نشطاء أنه من الضروري تكثيف الجهود المحلية والدولية لحماية هؤلاء الأطفال وضمان مستقبل آمن لهم.