بعد سنوات النزوح.. فرحة سوريين بالعودة لديارهم ممزوجة بالمخاوف

دلسوز يوسف – الحسكة

بعد ليلة ماطرة، أنهى النازح السبعيني خليل الفرج حزم أمتعته في مخيم العريشة بريف الحسكة، تمهيداً للعودة إلى دياره في دير الزور شرقي سوريا، بعد 8 سنوات من النزوح.

والثلاثاء الماضي، غادرت مئات العوائل من مخيم العريشة جنوبي الحسكة، إلى ديارهم في الضفة الغربية من دير الزور، بعد سماح الإدارة الذاتية للنازحين السوريين بالعودة إلى ديارهم عقب سقوط نظام الأسد.

نحو المجهول

أمام الشاحنة التي ستنقلهم، يقول “الفرج” الذي يرتدي وشاحاً على رأسه وغزا الشيب لحيته، إنه سيعود إلى أرضه وسيبني خيمته على أنقاضها،إلا أن فرحته بالعودة تصطدم برحلة نحو المجهول بعد تدمير منزله بفعل الحرب وغياب فرص العمل.

ويضيف النازح الذي ينحدر من قرية المراعية القريبة من مطار دير الزور: “منزلي تدمر وحل الخراب بمنطقتنا، نتمنى أن تساعدنا المنظمات الإنسانية هناك”.

ويقطن عشرات الآلاف من النازحين من مختلف المناطق السورية ضمن العديد من المخيمات في مناطق شمال شرقي سوريا، الذين فروا من المعارك الدائرة منذ أكثر من عقد في البلاد.

ولم يستطع هؤلاء النازحين العودة إلى ديارهم بالرغم من توقف المعارك في السنوات الأخيرة خشية من الاعتقالات، كما الحال بالنسبة لفرج وعائلته.

ويقول: “كنت أستطيع العودة لكن أولادي كانوا سيعتقلون بسبب الخدمة الإلزامية وغيرها (..) العام الفائت عدت إلى منزلي وحاولت زراعة أرضي لكن بسبب التكاليف الباهظة والظروف المعيشية الصعبة لم استطع”.

وعن شعوره بالعودة إلى منزله بعد سنوات من الغياب، لم يتمالك النازح السبعيني حبس دموعه، وقال بعد برهة “كيف سنرجع، أولادنا هاجروا ونحن المتبقون لا نعلم مصيرنا”.

ووفقًا لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، أن أكثر من 7.4 مليون نازح داخل سوريا قبل سقوط نظام الأسد، منهم ما يزيد عن مليوني شخص يقيمون في مخيمات، وأكثر من 5 ملايين يعيشون خارجها.

تحديات ومخاوف

رغم عودة الكثيرين من النازحين السوريين إلى ديارهم، إلا أن تحديات جمة تعيق عودة المزيد من النازحين، كما تقول سمية أحمد لـنورث برس، ومنها وجود ألغام وعدم توفر الخدمات.

وتنحدر “أحمد” أيضاً من قرية المراعية بدير الزور، التي تنقلت بدورها بين عدة مناطق حتى انتهى المطاف بها في مخيم العريشة منذ 8 سنوات.

وتعرب السيدة عن مخاوفها بالعودة إلى منزلها المدمر بفعل قصف الطيران، وفق قولها، من انتشار ألغام في منطقتهم بالإضافة إلى غياب الخدمات مثل المياه والكهرباء، واصفة أن “الحياة شبه معدومة”.

وأسوة بغيرها، تتوق السيدة الأربعينية بالعودة إلى ديارها ولا سيما بعد انقطاع المساعدات الإغاثية من قبل المنظمات المرتبطة بوكالة التنمية الأميركية.

وتضيف: “في الفترة الأخيرة انقطعت المساعدات وفرص العمل قليلة، نرغب بالعودة إلى ديارنا ولكن لا نملك حتى خيمة للجلوس فيها وظروفنا المادية صعبة”.

وأثرت هذه العوامل بشكل كبير على قرار الكثيرين بشأن العودة إلى منازلهم، ولم يختلف الحال بالنسبة للنازح محمود العبدالله عن سابقيه، الذي تدمر منزله هو الآخر ليخرج تاركاً خلفه كل ممتلكاته، بحسب قوله.

يشير النازح السبعيني إلى أن الامكانيات داخل مخيمهم باتت شحيحة لكنه لا يستطع العودة لعدم توفر مسكن له بالإضافة إلى غياب فرص العمل.

ويضيف: “بعد سقوط النظام، سنحت لنا الفرصة بالعودة مجدداً، لكن مصاعب العودة هي أن أغلب المنازل مهدمة، مما يتطلب مساعدات ببناء خيم والبدء بحياة جديدة ولاسيما ظروف المعيشة قاسية ونعتمد على الزراعة لكن لا يتوفر الوقود”.

كما يشير العبدالله إلى أنهم لم يستطيعوا العودة سابقاً بسبب الاعتقالات الكيدية من قبل النظام السابق وطلبهم للرشاوي بشكل كبير.

وبينما يعبر النازحون فرحتهم بالعودة مجدداً إلى مسقط رأسهم، يبقى خيار إعادة الإعمار أبرز التحديات أمامهم.

تحرير: خلف معو