الحسكة – إبراهيم إبراهيمي/عباس علي موسى – NPA
يستيقظ الخمسيني محمد أبو النور باكرا, ويجلس في مكانه المحدّد على إحدى أرصفة سوق بلدة عامودا, ويعرض مسابِحه من العقيق وناب الفيل واللؤلؤ والمرجان وغيرها للبيع, فيما يلتف من حوله الزبائن.
يعمل أبو النور منذ ثلاثين عاما في مهنة بيع المسابِح, قضى منها إحدى وعشرين عاما في مسقط رأسه بمدينة دير الزور, وتسعة أعوام على أرصفة بلدة عامودا.
لم يرِث أبو النور المهنة لكنّه تعلّمها, يقول وهو يمسّد لحيته الكثّة “أحببتُ هذه المهنة ومارستها”, فهو إلى جانب بيع المسابِح يبدّل خيوط المسابح للزبائن.
إلى جانب مسابحه المتنوّعة، يبيع أبو النور خواتم الفضة أيضاً، وهي أيضا ذات فصوص مرجان وكريستال، حيث تلمع في علب مستطيلة الشكل, بأنواعها وأصنافها حسب ما رصّع به من الأحجار.
ويستفسر منه الزبائن عن عيار الخواتم وأسعارها, فيرد قائلاً “هذا الخاتم بفصّ من حجر الزمرد, وذاك بحجر العقيق, والآخر بالمرجان”.
ويستطرد أبو النور في الشرح المستفيض لزبون يبحث عن خاتم مرصّع بحجر كريم وتفيد في تخفيف الآمه “إنّها الفيروز, وتفيد في تقوية البصر وتخفيف آلام العظام والعضلات”.
يعدّد محمد أبو النور للزبائن أنواع المسابِح ومنشأها وأسعارها, فيقول عن أول نوع يعرضه لزبون يبحث عن مسابِح غريبة المنشأ “إنها اليسر, مطعّمة بالأحجار الكريمة والذهب”.
فتلتمع وتتدلى كمشة المسابح في يديه وهو يغوص في الشرح وسرد المعاني “هذه سبحة الكوك؛ حباتها مصنوعة من شجرة جوز الهند أو النارجيل، وتتميز بأنّها تحتفظ برائحة الطيب”.
ويقول عن مسابح الصندل “إنها تصنع من خشب أشجار الصندل الاستوائي ومصدره الهند” فيما يشرح لزبون آخر يبحث عن مسابح غالية الثمن قائلا “هذه سبحة العقيق اليماني, وهذه من حجر الفيروز الكريم, وهذه تستخرج حباتها من حجر الكهرمان؛ وهي أغلى من الذهب, وهذه من عظم الجمل”.
ويعرض أبو النور الأنواع لزبون يبحث عن مسبحة يقدّمها هدية لصديق, فيقول “هذه مسبحة العاج؛ إنّها مصنوعة من ناب الفيل, ولونها أبيض تسرّ الناظرين”.
ويعرض سبحة لونها أحمر وردي وهو يصفها “هذه سبحة المرجان؛ إنّها مستخرجة من أعماق البحر، وملمسها دهنيّ”.
فيما يبحث عن مسبحة تخصّ النساء, فيلوّح في يديه مسبحة تتميز حباتها بالجمال ولونها أبيض ناصع, فيقول عنها “إنّها سبحة اللؤلؤ الطبيعي, وتستخدمها النساء”.
يلتف الزبائن حوله من أعمار متفاوتة, فيقول “لكلّ عمر مسبحة, وسكان كلّ مدينة يفضّلون نوعا على آخر, وللمتصوفين حباتهم المائة, وللنساء حبات الكريستال”.
ويبقى محمد أبو النور طوال النهار جالسا على الرصيف, وهو يعرض مسابحه, ويشرح معادنها, ومنشأها, وأسعارها حتى تغيب شمس النهار.