مهجر من سري كانيه.. يروي مشاهد من دمار قريته بفعل فصائل موالية لتركيا

دلسوز يوسف – نورث برس

بملامح شاحبة ويائسة، يتأمل محمد عبر شاشة هاتفه مشاهد دمار قريته بريف مدينة سري كانيه/رأس العين من قبل الفصائل السورية الموالية لتركيا، في موقف يختزل تراجيديا مجتمع برمته.

بعد دقائق من التمعن، أغلق “مسلم” هاتفه بعدما فاضت ذاكرته باللحظات الجميلة في قريته “عين حصان” والتي كانت مقصداً للتنزه بالنسبة لسكان المنطقة، نظراً لطبيعتها الخلابة.

وفرّ “مسلم” برفقة عائلته على غرار عشرات الآلاف من سكان منطقة سري كانيه، عقب الاجتياح التركي رفقة فصائل سورية مسلحة موالية لتركيا، في الـ 9 من تشرين الأول / أكتوبر 2019.

مع حلول الذكرى السنوية الخامسة لنزوحهم، يروي الشاب محمد مسلم (33 عاماً)،  تفاصيل معاناة تهجيرهم من قريتهم ومشاهد دمارها.

“القذائف كالمطر”

مع بدء العملية العسكرية التركية، تفاجأ “مسلم” كغيره بالغارات الجوية التي استهدفت مركز المدينة بشكل وحشي مما أصابه الهلع دون معرفة كيف يتصرف.

وهو يعود بذاكرته إلى ذلك اليوم، قائلاً: “الهجوم كان وحشياً، رأيت الطائرات كيف تقصف بلا هوادة فيما القذائف كانت تنهمر على المدينة كالمطر”.

مع إدراكه بوجود عملية عسكرية، سارع “مسلم” إلى إخراج عائلته على دراجته النارية, متخذاً طرقاً فرعية بين الأراضي الزراعية بعدما تحول الطريق العام المؤدي إلى مركز المدينة لأزمة سير بسبب النزوح الجماعي.

وبينما كان الجميع يحاول أن ينجو بحياته، يصف مسلم طريق النزوح بـ “مأساة حقيقة والمنظر كان وحشياً للغاية”.

 ويضيف: “هناك من كان معاقاً فيما خرج البعض حفاة القدمين من منازلهم، فيما الهلع دفع البعض لنسيان أطفالهم خلفهم”.

وقصد مسلم في بادئ الأمر قرية تدعى الجميلية وبعد المكوث عدة أيام هناك، قصفت الطائرات التركية مدرسة في قرية مجاورة مما دفعه للنزوح مجدداً، قبل أن ينتهي به المطاف في قرية “تل نصري” بريف بلدة تل تمر، شمالي الحسكة.

ويقول: “مع وصولنا لتل نصري، لم نعلم أين سننام وأين سنسكن، بقينا أكثر من 10 أيام ننام في العراء”.

ومنذ ذلك الحين، يقطن مسلم إلى جانب عشرات العائلات النازحة في قرية تل نصري.

“سويت بالأرض”

رغم مرارة النزوح، تلقى سكان قرية عين حصان صدمة كبيرة عندما نشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للقرية تظهر جرافات للفصائل المسلحة وهي تدمر منازل القرية وتقطع أشجارها.

وجرى ذلك في الـ 22 من آذار / مارس 2022، وذلك بالتزامن مع احتفالات عيد النوروز، حيث جرفت 9 منازل بالإضافة إلى جرف بساتينها لتحويل القرية إلى مقرات عسكرية وساحات للتدريب، وفق بيان للجنة مهجري سري كانيه.

ويقول مسلم عن ذلك: “دمروا قريتنا، لأنه كان يقام فيها سنوياً احتفال عيد النوروز، بالإضافة لأننا كرد فهم فعلوا ذلك بدافع عنصري”.

ويروي الشاب الثلاثيني، أن “المسلحين قاموا في البداية بتفجير منزل خالي بالمتفجرات، كما أحرقوا منازل أخرى، وفيما بعد قاموا بتدمير القرية بالكامل بالجرافات”.

ويصف المشهد بحسرة كبيرة: “عندما رأينا تلك المشاهد أوجعنا قلبنا كثيراً (…) هذا تعب سنوات ولكن لا نستطيع فعل شيء”.

“حتى لو تحت خيمة”

مع حلول الذكرى السنوية الخامسة على اجتياح مدينتهم، يصف مسلم كما أقرانه ذلك اليوم بـ “اليوم الأسود”، وسط تمسكهم ببصيص أمل يعيدهم إلى ديارهم في أقرب وقت.

ويقول: “منذ خمس سنوات لا نستطيع العودة لديارنا، لأننا نرى تلك الفصائل على التواصل الاجتماعي كيف يتناحرون دائماً “.

ويضيف: أن “هؤلاء مستعدون للقتال على دجاجة، فكيف سنعيش بينهم، ومن عاد إما اعتقل أو قتل”..

ويؤكد بالقول “نريد اليوم قبل الغد بالعودة إلى ديارنا وقريتنا حتى لو تحت خيمة”.

تحرير: خلف معو