مهنةٌ على ضفاف الفرات.. ورّثها الآباء والأمهات لجيلٍ بعد جيل

فتاح عيسى – منبج

تقضي حليمة المعمو، نحو عشر ساعات كل يوم في صناعة شباك الصيد، هذه المهنة التي توارثتها عن أمها وأجدادها، وتعلمها لأطفالها الإناث خاصة، كي يعاون عائلاتهن على تأمين لقمة العيش، في منطقة يعتمد أغلب سكانها على مهنة صناعة شباك الصيد، وصيد الأسماك.

وتمتهن أغلب نساء قرية الحديدي والقرى المجاورة مهنة نسج الشباك لتساعدن عائلاتهن وأزواجهن الذين يمتهنون مهنة صيد السمك فقط.

وتقول حليمة المعمو (40 عاماً)، وهي من سكان قرية الحديدي بريف منبج الجنوبي، إنها تعلمت هذه المهنة منذ كانت في العاشرة من عمرها، لتساعد بها عائلاتها، ومن ثم زوجها.

الطريقة والتكلفة

وتضيف لنورث برس، أنها تجهز شباك الصيد لزوجها، كما تقوم بنسج شباك لصيادين آخرين مقابل مبلغ مالي يصل إلى 25 ألف ليرة سورية لكل شبكة صيد.

وتتابع أن شبكة الصيد تحتاج إلى عمل على مدار يومين، وتستخدم أدوات تم صناعتها محلياً، إضافة إلى خيوط وحبل وشباك صناعية.

وتستخدم المعمو أداة اسمها المخاط (للخياطة) وأخرى أسمها المقياس إضافة إلى بكرة الخياطة لتجهيز الشبك، كما تستخدم مواد أخرى مثل “المرس” (نوع من الحبل) والفلين والرصاص، لإعداد شباك الصيد.

وتذكر أن شباك الصيد لها مقاسات متعددة تبدأ من قياس “16 مم” وهي أصغر أنواع الشباك وتخصص لصيد الأسماك الصغيرة التي لا تتجاوز وزنها خمسين غراماً، وتصل إلى قياس ” 100مم” وهي تخصص لصيد السماك التي يتراوح وزنها بين عشرة وعشرين كيلو.

تقول المعمو إن تكلفة نسج شبكة الصيد تتراوح بين 100 دولار و500 دولار حسب حجمها، وأن شبكة الصيد تتلف بعد أكثر من شهرين من الاستعمال، ليبدأن بنسج شباك جديدة.

وتضيف أن عملهن اليومي يقتصر على إعداد الطعام لأفراد العائلة، ثم العمل في نسج شباك الصيد.

التعليم

بدوره يقول مصطفى الحسن (44 عاماً) وهو صياد سمك من سكان قرية الحديدي بريف منبج، إن أغلب الرجال والشباب في القرى الشاطئية القريبة من نهر الفرات يعتمدون في معيشتهم على صيد الأسماك.

ويضيف الحسن، أن الرجال والنساء يتعاونون معاً لصيد السمك، فالنساء ينسجن شباك الصيد، والرجال يصيدون الأسماك، لافتاً إلى أن النساء أحياناً قد يساعدونهم في تنظيف شباك الصيد، كما أن الرجال قد يساعدون النساء في نسج الشباك في الأيام التي لا يذهبون فيها إلى الصيد.

ويتابع الحسن أن مقاسات شباك الصيد تختلف بحسب حجم السمك الذي يصيدونه، لافتاً إلى أن شباك الصيد تحتاج إلى تغيير بعد نحو شهرين من الاستعمال.

ويذكر الحسن أن العائلات في القرى القريبة من شاطئ نهر الفرات، تقوم بتعليم أطفالهم الذكور على السباحة واستخدام “الشاحوغ” (نوع من قوارب الصيد) وصيد الأسماك، بينما يتم تعليم الفتيات “الإناث” على طريقة نسج شباك الصيد.

ويشير الحسن أنهم تعلموا المهنة من آبائهم وأجدادهم قبل أكثر من خمسين عاماً، وهم يقومون بتعليم أطفالهم على هذه المهنة، لأن معيشتهم تعتمد على هذه المهنة التي تؤمن لهم لقمة العيش.

تحرير: محمد القاضي