غرفة الأخبار – نورث برس
لم يتوانَ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالإدلاء بتصريحات يدعو فيها الرئيس السوري بشار الأسد للقاء، وتكررت تصريحات الرئيس التركي مؤخراً ودعا الأسد في ثلاث مناسبات تقريباً للتطبيع، متحدثاً في كل مرة عن العلاقات العائلية بينهما.
ومنذ سنوات بدأ أردوغان بمهاجمة الأسد في تصريحاته، لا سيما أنه دعم الاحتجاجات السورية التي تطورت فيما بعد إلى صراع مسلّح، بلغت ذروته في عام 2013، حينها قال الرئيس التركي في خطاب شهير أنه لن يجلس معه وكال له التهم وقذفه آنذاك بعدة صفات.
وخلال سنون الحرب السورية التي طالت أمدها، بقي أردوغان يكيل وينعت الأسد بصفات من قبيل “مجرم، إرهابي”، لكن الحال تغيّر منذ عام 2022، وبعد أن توغلت القوات التركية في الأراضي السورية عبر عمليات يتحدث عنها في خطاباته الداعية للقاء الأسد، لكن الأخير يرفض اللقاء في ظل وجود القوات التركية في الأراضي السورية.
وفي الأيام الأخيرة، خرج أردوغان بتصريحات مبدياً رغبته الشديدة بلقاء الأسد، وسط تجاهل الأخير للدعوات التي تتوسط فيها كل من موسكو وبغداد، في ظل كل ذلك تقول الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إن المحاولات التركية تهدف لمحاربتها، خاصة أنها جاءت بعد دعوات مسؤولين أتراك للتحالف مع دمشق من أجل تضييق الخناق على الإدارة الذاتية.
تقارب مستبعد
ويقول أوزكان إسلام، المحلل التركي، لنورث برس، أن المخاوف الأمنية تلعب دوراً مهماً في تطبيع العلاقة بين أنقرة دمشق، في ظل وجود الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ومن الممكن أن يحد التطبيع من نفوذ قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
ويشير المحلل إلى رغبة روسيا وهي الوسيط في التطبيع، بزيادة نفوذها في المنطقة، بالإضافة لمصالح تركيا الاقتصادية لعمل الشركات في سوريا وتسهيل حركة التجارة بين البلدين.
ويمثل وجود الجيش التركي في شمال سوريا مشكلة بالنسبة لدمشق التي جعلت من انسحاب تركيا من جميع الأراضي السورية شرطاً مسبقاً لبدء المحادثات، “وهي غير مستعد للتراجع في هذه المسألة”، بحسب إسلام.
واستبعد إسلام انسحاب تركيا من الأراضي السورية في القريب المنظور، قائلاً: “يبدو أن أنقرة تدرس جدولاً زمنياً للانسحاب من شمال سوريا من أجل التوصل إلى اتفاق مع دمشق، والشيء المهم هو معرفة ما إذا كانت موسكو ستقنع دمشق بذلك”.
ويشير إسلام إلى انعدام ثقة بين الجانبين، بسبب دعم أنقرة للمعارضة التركية، وموقف دمشق من “قسد” إذ لم يستبعد المحلل التركي أن تنخرط دمشق بتعاون “تكتيكي” مع الإدارة الذاتية.
ويرى الباحث التركي أن التقارب مستبعداً في الوقت الحالي، إذ تعتبر دمشق العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا انتهاكاً لسيادتها، كما أن تعد الاشتباكات المستمرة في إدلب ودعم تركيا لجماعات مسلحة هناك يعد نقطة خلاف بين الحكومة السورية وتركيا.
كما أن اتفاقات خفض التصعيد التي تم التوصل إليها بين تركيا وروسيا لا تحظى بالقبول الكامل من قبل الحكومة السورية وهذا الوضع يخلق حالة من التوتر، بحسب إسلام.
قبول
يرى المحلل والدبلوماسي السوري السابق، بسام بربندي، أنّ الحكومة السورية قبلت بالمبادرة التركية مضيفاً: “المسألة هي مسألة وقت قبل التوصل لآلية لعقد اجتماعات بين الطرفين”.
ويشير إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يود أنْ يقول للشعب التركي أنّه “يعمل لحل قضية اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا”.
كما يرى ان أردوغان يود أن يأخذ المباردة من المعارضة التركية وذلك بالتواصل مع نظام الأسد.
ويقول بربندي المقيم في واشنطن لنورث برس، “من وجهة نظر الأتراك موضوع الانسحاب التركي العسكري متعلق بنهاية الأزمة السورية وليس جزء أو شرط للتطبيع مع دمشق وأنّ عودة العلاقات بين الطرفين سهلة”، على حدِّ قوله.