تطبيع أنقرة مع دمشق .. محاولات جديدة لأهداف قديمة

غرفة الأخبار – نورث برس

عاد الحديث عن التطبيع بين دمشق وأنقرة مجدداً، بعد عام من تلويح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بانفتاحه للقاء الرئيس السوري بشار الأسد.

وخلال عام، تدخّلت أطراف إقليمية لتعيد العلاقات بين دمشق وأنقرة، لكن الأولى ترفض أي مشاورات على مستوى الرؤساء في ظل تواجد عسكري للقوات التركية على الأراضي السورية، إذ كان الانسحاب أبرز شروط التطبيع ولو رسمياً، وهذا ما ترفضه أنقرة.

مصلحة متبادلة

وتعليقاً على التطبيع، يقول أيمن عبد النور، وهو إعلامي وسياسي سوري مقيم في الولايات المتحدة، إن هناك مصلحة متبادلة بين دمشق وأنقرة يمكن البناء عليها، إذ أن هناك نقاطاً تريدها الحكومة السورية وأخرى تبحث عنها تركيا.

ويضيف لنورث برس، أن هناك بعض الأمور التي يختلف عليها الطرفان، لكن التقارب ليس مستحيل وفي الوقت ذاته ليس سهل بحسب عبد النور، متوقعاً أن يكون هناك دور كبير للضغط الروسي من جهة والجهود العراقية التي يمكنها حلحلة الأمور تباعاً.

ومؤخراً، قال محمد شياع السوداني الذي يقود جهوداً للتطبيع بين دمشق وأنقرة: “نفكر بنفس الطريقة التي تفكر فيها تركيا فيما يتعلق بالحوار مع الحكومة السورية، هناك مصلحة مشتركة في تقريب وجهات النظر للتوصل إلى حل لقضايا الخلاف”.

فيما يقول عبد النور إن أميركا لا تعارض التطبيع بين أنقرة ودمشق طالما أنه لا يضر بالتوازنات على الجغرافية السورية، ومصالح واشنطن في المنطقة.

ويشير السياسي السوري إلى أن شروط دمشق لانسحاب أنقرة من شمالي سوريا تراجع إلى قبول الحكومة بـ”إقرار شفهي” من قبل تركيا للانسحاب حتى تبدأ اللقاءات.

مصالح آنية

وعن التقارب، يقول حازم الغبرا، وهو مستشار سابق في الخارجية الأميركية، إن السياسة التركية تفتقر إلى التخطيط المستقبلي، واصفاً إياها بمصالح وتوجهات “آنية”.

ويضيف لنورث برس، أن هناك تقاطع مصالح بين أنقرة ودمشق فيما يرتبط بشمالي سوريا، لا سيما في شمال شرقها، وهذا ما يدفع تركيا لمحاولات التطبيع.

ويقول إن روسيا التي كانت مسؤول عن شمالي سوريا، تبحث عمن ينوب عنها في المنطقة، خاصةً أنها منخرطة بشكل شبه كامل في أوكرانيا، لذا تعمل على تحسين العلاقة بين أنقرة ودمشق.

وتوقّع الغبرا فشل محاولات التطبيع، قائلاً: “في مثل هذه الصفقات الأثمان محل جدل وستكون مشكلة، إذ أن الطرفين يبحثان عن أثمان لا يستطيع أي منهما دفعها للآخر”.

وأوضح أن دمشق قد تطلب الكثير من أنقرة مقابل تنازلات قليلة، والعكس. متوقعاً أن لا تذهب محاولات التطبيع وجهود روسيا أبعد من المناقشات.

وتبحث دمشق عن محاصرة أنقرة لفصائل المعارضة وقطع الدعم عنها، بالمقابل تبحث تركيا عن التنسيق مع دمشق لمحاصرة الإدارة الذاتية وشنّ عمليات عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، إذ تبحث أنقرة عن شرعنة عملياتها ضد “قسد” ، بحسب قول الغبرا.

ويقول إن التطبيع بين أنقرة ودمشق لن يذهب بعيداً ولا يغير بالخارطة السياسية على الساحة السورية، إذ سبق محاولات تركيا جهود عربية لسحب “النظام” من أحضان إيران، لكنها فشلت.

محاولة جديدة

وفي الأول من حزيران/ يونيو الجاري، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني، في مقابلة مع قناة “خبر تورك” التركية، إنّ هناك اتصالات يُجريها مع الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن المصالحة بين الطرفين.

ومؤخراً، عادت أنقرة ودمشق إلى المفاوضات بشأن تطبيع العلاقات الثنائية بينهما، وأفادت تقارير صحفية بأن الحكومة العراقية المركزية قد تستضيف اجتماع سلام جديداً، وقالت إن الخطوة التحضيرية تمثلت بمحادثة بين ممثلي سوريا وتركيا في قاعدة حميميم الجوية السورية، التي تستخدمها روسيا، دون تأكيدات رسمية من الطرفين.

وكان بوتين قد أكد خلال لقاء جمعه بهاكان فيدان، في موسكو على أهمية مسار آستانا، قائلاً إن روسيا وتركيا لعبتا دوراً مهماً في حل الحرب في سوريا، مضيفاً: “أعتقد أنه من الصواب القيام بدورنا للحفاظ على مسار آستانا ومحاربة الإرهاب، وضمان عودة الوضع إلى طبيعته في هذا الاتجاه… الوضع بشكل عام يتطور في الاتجاه الإيجابي”.

ويسعى بوتين إلى إحياء محاولات التطبيع ولقاء سوري تركي على مستوى الرؤساء، خلال لقاء مرتقب مع أردوغان أثناء قمة دولية تعقد في آستانا يومي 3 و4 تموز/يوليو المقبل، والذي سيأتي بعد فترة من انقطاع اللقاءات بينهما وفتور غير معلن قطعه لقاء فيدان وبوتين.

وبدأت أنقرة ودمشق في كانون الأول/ ديسمبر 2023، مساراً لتطبيع العلاقات بينهما برعاية روسية، بلقاء وزيري دفاع البلدين في موسكو، تبع ذلك لقاء وزيري الخارجية بحضور وزيري خارجية روسيا وإيران التي انضمت لاحقاً لمحادثات التطبيع.

لكن مسار التطبيع جمد منذ أشهر، بسبب خلافات بين الجانبين بشأن كثير من الملفات، يتصدرها الوجود التركي في شمالي سوريا، إلا أن تركيا حاولت إحيائه مع نية الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إجراء انتخابات في مناطقها.

إعداد وتحرير: أحمد عثمان