“فوضى وتعجيز”.. انتقادات بالجملة لامتحانات الشهادتين في دمشق

صفاء سليمان – دمشق

لم تكن إقالة مدير تربية دمشق هي الفضيحة الوحيدة في امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية التي تجري حالياً وتنتهي الخميس القادم.

فقد تواردت الشكاوى من عدم انسجام الأسئلة مع الوقت المحدد إضافة إلى أسئلة وصفها الطلاب بالتعجيزية في مادتي الفيزياء والرياضات للشهادة الثانوية العلمية.

ومنذ بدء الحرب في سوريا تدهور الوضع التعليمي أسوة بالأوضاع الأخرى فعاش هؤلاء الطلاب الذين يتقدمون للامتحانات الآن -الذين ولد بعضهم في السنة الأولى من بدء هذه الحرب- الخوف من القذائف والتدهور الاقتصادي وسوء المعيشة وذل الانتظار في الطوابير وغيرها الكثير من ويلات الحرب.

“حرب”

تقول ناهد، وهي والدة إحدى الطالبات اللاتي تتقدمن للامتحانات الثانوية العلمية، لنورث برس: ” جعلوا الطلاب يشعرون وكأنهم يخوضون حرباً”، مبينة أن “الطالب يجب أن يكون مستمتعاً بالامتحانات”.

وتضيف: “لقد ظلم الطالب هذا العام من ناحية الوقت والتخبط بموضوع الأتمتة وقالت لي ابنتي التي درست مادة الفيزياء بشكل جيد إنها لم تعرف ماذا يريدون ببعض الأسئلة وكذلك في مادة الرياضيات وهذا يشكل تعباً ليس فقط للطلاب وإنما لذويهم أيضاً”.

وتشير إلى أن هذا الجيل هو جيل حرب وقد عانى كثيراً، “فابنتي كانت في الصف الأول الابتدائي عندما بدأت الحرب وعانت من القذائف ومن ثم عانت من الوضع الاقتصادي لذلك كنت أتمنى أن يتعاملوا مع هذا الجيل بإنسانية”.

وتذكر أنه “لم يكن هناك كادر تدريسي كامل في المدارس، وأنا غير قادرة على تسجيلها في معاهد خاصة ولكني استطعت أن أَؤمن لها ثلاثة أستاذة لدروس خصوصية فيما اعتمدت على نفسها في باقي المواد”.

أحلام في مهب الريح

تقول الطالبة أسماء الخميس، لنورث برس: “كان حلمي أن أدرس الصيدلة ولكن بعد ما حصل، أحاول أن أحصل على علامات قدر الإمكان لأدخل فرعاً أحبه كي أستطيع النجاح فيه”.

وتضيف:  “لم يتم تدريبنا على الرسم في مادة العلوم وقد طلبوا في الامتحان أن نرسم آكل الجراثيم”.

وتقول بحسرة: “كل شيء غلط وهذا أدى إلى انسحاب عدد من الطلاب ورسوب عدد آخر وضاعت أحلام الجميع”.

وتشير إلى أن “إلغاء الدورة التكميلية وإلغاء الأتمتة أدى إلى خسارة الطلاب الذين أصروا على المتابعة”، مبينة أن “صعوبة الأسئلة أدت إلى انخفاض علامات الطلاب كما أدت إلى حالات إغماء عند البعض، ونحن لا نريد أن ننجح بالغش لدينا أحلام ونريد تحقيقها ونريد أن يكون أهلنا فخورون بنا لقد تعبنا طوال العام وكانت الاسئلة تعجيزية وغير منطقية”.

مدارس بلا مدرسين

تقول سامية إبراهيم، وهو اسم مستعار لوالدة إحدى الطالبات التي تتقدم للامتحان في مركز وليد جبر بدمشق، لنورث برس: “ابنتي من الأوائل وهي متفوقة دائماً ولكنها مع ذلك وجدت أن أسئلة الرياضيات صعبة جداً وهذا ما عبر عنه أغلب الطلاب حيث جاءت سيارات الإسعاف وحدث انهيار عند بعض الطلاب”.

وتسألت عن الأسباب بلهجتها العامية: “منشان شو الشي اللي صار، منشان شو عم تجيبوا أسئلة صعبة؟”.

وتشير إبراهيم، إلى أن “انقطاع الكهرباء أغلب الأوقات، وكذلك عدم وجود مدرسين في المدراس وأغلب الطلاب يعتمدون على الدروس الخصوصية، وهذا ليس بمقدور الجميع، فأنا لدي ستة أولاد وليس لدي قدرة على تكاليف الدروس الخصوصية”.

وتتمنى أن يصل كلامها لوزير التربية، مطالبةً باهتمام أكبر بالمدارس وأن تكون كوادرها كاملة وأن يتم منع الدروس الخصوصية، مؤكدة أن “أغلب المدراس بلا مدرسين”.

وفي التصنيف العالمي لجودة التعليم الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافاوس 2021 الذي يعتبر من أهم التصنيفات المتبعة عالمياً لتقييم المستويات التعليمية في دول العالم، خرجت سوريا بشكل كامل منها.

سخرية وسخط على وسائل التواصل

وخلال أيام الامتحانات، اجتاحت موجة من السخرية والسخط مواقع التواصل الاجتماعي فقد نقلت صفحة “العلم أساس المستقبل”، “ماذا يخطر ببال اللجنة التي تضع أسئلة الامتحانات عندما تكون الأسئلة شبه تعجيزية، هل هو تبييض وجه مع الوزارة وأن المدرس القدير هو من يأتي بطلاسم يصعب فكها “.

فيما نشر معمر فيصل نهار على فيس بوك، قائلاً: “استعراض للقوة وعقد نفسية واضحة جداً وعدم إدراك ومعرفة وسوء تخطيط هذا ما يقوم به المسؤولون عند اختيار أسئلة الامتحانات”.

فيما تساءل آخر: “هل هناك هدف تربوي أو تعليمي من هكذا أسئلة أم ماذا ؟”، فيما سخر الناقد والشاعر لؤي سلمان مما يجري فكتب “فينا نترحم على أيام البيطرة”، في إشارة منه إلى أن السلبيات الكبيرة أيام ووزير التربية الطبيب البيطري دارم طباع هي أفضل من الوضع الحالي.

أما وائل حفيان، فكتب: “إذا كانت التربية غير قادرة على تعيين معلمين فرنسي طوال العام فيجب أن لا تقسو على الطلاب أثناء الامتحان أو تلغي مادة الفرنسي من المناهج”.

وتوجه بشار أديب إلى وزير التربية بالسؤال: “هل قام أحد من المعنيين بالامتحانات بتدقيق أوراق الأسئلة أم كلها متروك للرب والخاسر الوحيد هو الطالب” وأشار إلى أسئلة مادة الجغرافية.

وكتب الدكتور الشاعر محمد عضيمة، أستاذ اللغة العربية في جامعة طوكيو متهكماً: “عند باب الثانوية بياع الفلافل يكشف للمدير أخطاء أخرى في أوراق الامتحان”.

تحرير: محمد  القاضي