عطش دائم .. أزمة مياه في اللاذقية بين الفساد والتبريرات
صفاء سليمان – اللاذقية
يعاني قرويون من اللاذقية في الساحل السوري من انقطاع شبه تام لمياه الشرب لفترات تصل لأسابيع، وذلك بسبب ما يقال إنها “عمليات صيانة لشبكة المياه” وفقاً لبيانات حكومية، بينما يقول سكان أن سبب المشكلة تعود للمحسوبية والفساد المستشري في البلاد.
عطش دائم
يتحدث حسن وهو شاب من قرية قرن حلية بريف اللاذقية لنورث برس عن أزمة انقطاع المياه، مشيراً إلى أن الصنبور لا يجود بالماء إلا ساعة خلال شهر كامل، وهي فترة لا تكفي لملء الخزانات، خصوصاً مع انقطاع الكهرباء المستمر.
ويقول: “نعاني كثيراً من انقطاع المياه، وهي شبه معدومة، الوضع مأساوي حتى الكهرباء غير موجودة، مما يعيق أعمال كثيرة مثل الغسيل والاستحمام والنظافة”.
وتؤكد “سوسن” وهي شابة ثلاثينية تعيش في نفس القرية رواية حسن مشيرةً إنها تعتمد على مياه الأمطار لتعبئة الخزانات المياه في حال عدم قدرتها على شراء المياه من الصهاريج جوالة.
وتتساءل مستنكرة: “كيف ندبر أمورنا بهذه الساعة؟ لا يوجد مياه للشرب لدينا”.
ويضطر السكان إلى شراء المياه من صهاريج جوالة تبيع البرميل الواحد بـ 10 الاف ليرة سورية.

تبرير ووعود مؤجلة
وتبرر المؤسسة العامة للمياه التابعة للحكومة انقطاع المياه بعدم توفر الكهرباء وصعوبة الحصول على المحروقات لتشغيل مولدات الضخ وقطعت المؤسسة مياه الشرب عن أكثر من 25 تجمع سكني في اللاذقية، يرتوي قاطنيها من محطة الجنديرية وآبار الصفصاف والبهلولية والشير.
وقالت مؤسسة المياه حينها إن سبب إيقاف ضخ المياه، يعود لإجراء أعمال صيانة طارئة تقوم بها شركة الكهرباء، وأن ضخ المياه للتجمعات السكنية سيتم فور الانتهاء من أعمال الصيانة.
وتعاني اللاذقية منذ عدة سنوات من مشكلة مياه الشرب، ورغم إقالة مدير مديرية مياه الشرب سابقاً ووعود إصلاح شبكات الكهرباء التي تتغذى منها الآبار، إلا أن المشكلة لاتزال قائمة.
وقال مصدر حكومي لنورث برس إن اللاذقية تحصل على 85 بالمئة من احتياجات المياه من نبع السن الذي يبعد 40 كم عنها وهو من اغزر الينابيع السورية ويتم ضخ المياه عبر ثلاثة خطوط الى خزانات تجميع في جبل قرفيص القريب من نبع السن، في حين تغذي أبار وينابيع الصفصاف و الجنديرية و البهلولية وجورين والتي يفترض أنها تخضع لعملية صيانة بنسبة 15 بالمئة.
والمفارقة تكمن فيما يؤكده موقع fanack المتخصص بالموارد المائية، حيث تشير دراساته إلى أن حوض الساحل السوري هو المنطقة الأولى من حيث الهطول المطري، بمتوسط يتراوح بين 400 و650 مليمتر، وحجم المياه المتوفرة يصل إلى 4150 مليون متر مكعب، ما يشكل 23% من الموارد المائية في سوريا.
ادفع تشرب
تشير سوسن إلى أن هناك قرى مجاورة تحصل على المياه لأنها “تدفع رشاوي لمسؤولي مؤسسة المياه”.
وتقول: “هناك أناس يسقون أراضيهم ونحن لا يوجد مياه للشرب لدينا”.
وتضيف “لا نريد أن نزرع بل نريد أن نشرب ونستحم وننظف منازلنا ودائما يتحججون بالأعطال والحقيقة أن الذي يدفع المال تأتيه المياه”.
أما باسم، وهو شاب من قرية الشامية التي تبعد 10 كم عن اللاذقية يتفق مع سوسن ويقول لنورث برس “هناك تعديات كثيرة على شبكة المياه والكل يعرف من يسبب أزمة المياه”.
ويشير إلى أن “الحيتان” (في إشارة منه إلى أشخاص متنفذين أو ذات نفوذ واسع في السلطة)، يقومون بهذه التعديات، “لا أحد يجرؤ على منعهم، إنهم يسرقون المياه من الشبكة لري بساتينهم وبيوتهم البلاستيكية”.
وبحسب قانون الاستثمار المائي رقم 31 لعام 2005، تنص المادة 35 على معاقبة “من يقوم بهدم أو تخريب منشآت الري الرئيسية أو بتلويث مصادر المياه بالسجن والغرامة، كما يُلزم الفاعل بدفع قيمة الأضرار الناتجة عن فعله”. ومع ذلك، يبدو أن القانون لا يطبق بشكل عادل، وفقاً لما يذكره “باسم”، حيث تعاقب ضابطة المياه التابعة للمؤسسة الفلاحين البسطاء، بينما يتجاهل المعتدين الفعليين.