درعا عسكرياً و سياسياً بعد خمسة أعوام من سيطرة دمشق وحلفائها

إحسان محمد – درعا

مرت خمس سنوات على سيطرة القوات الحكومية على محافظة درعا بدعم جوي روسي ومجموعات وفصائل تابعة لإيران. لكن الوضع الأمني في المنطقة ما زال متوترا ومعقدا، مما يشكل تحديات كبيرة للسكان المحليين بسبب الانتهاكات المستمرة التي يتعرضون لها، والفلتان الأمني.

وبين فرض القوى العسكرية في الجنوب السوري على أنها انتصارات على الأرض وبين من يرى أن الفلتان الأمني في درعا والاحتجاجات الشعبية المستمرة في جارتها السويداء هو العنوان السياسي للرد على مزاعم  الانتصارات العسكرية يبقى الجنوب السوري يشكل نسخة مصغرة للصراع السوري الذي لم ينتهِ بعد.

فلتان ووعود

يصف القيادي السابق في المعارضة السورية، فؤاد الزعبي، الأوضاع في درعا بأنها هشة وغير مستقرة. فرغم انتهاء العمليات العسكرية، تستمر الاشتباكات المتفرقة وعمليات الاغتيال بحق المعارضين، مما يعزز حالة التوتر وعدم الأمان.

ويشير إلى أن التحديات الأمنية تتمثل في الانتشار الكثيف للقوات الأمنية والعسكرية سواء الحكومية أو المرتبطة بإيران، التي تفرض رقابة مشددة على السكان. كما أن عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري شائعة، مما يثير الخوف بين السكان المحليين.

 ويضيف: “الحركة بين مدن والبلدات أصبحت مقيدة بشكل كبير بسبب الحواجز الأمنية المنتشرة في كل مكان، بالإضافة للفساد الأمني وابتزاز السكان”.

اتفاقات “المصالحة”

عمدت روسيا من خلال المصالحة إلى ضم معظم فصائل المعارضة للواء الثامن التابع للفيلق الخامس، وأصبحت تحت سيطرتهم وبعد دخول روسيا في الحرب الأوكرانية أصبحت تبعية هذا اللواء لشعبة المخابرات العسكرية.

ورغم مرور 5 أعوام  على مصالحة إلا أن السكان لم يلمسوا أي نوع من أنواع الاستقرار طيلة الأعوام الماضية.

ويرى القيادي المعارض أن روسيا لعبت دوراً هاماً كوسيط بين القوات الحكومية والسكان في درعا، وفرضت نوع من الاستقرار عبر التفاوض وإبرام اتفاقيات محلية.

لكن، يشير إلى أن الدور الروسي لا يخلو من التناقضات، حيث سعت موسكو لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، التي تعارضت أحياناً مع مصالح سكان المدينة.

ويضيف لم ينتج عن المصالحة والوعود سوى مزيد من الملاحقات والمضايقات الأمنية وتحولت محافظة درعا إلى منطقة تشهد بشكل يومي عمليات قتل واغتيالات.

وبيّن أن انتشار قوات الشرطة العسكرية الروسية في بعض المناطق كمحاولة لضبط الأمن، لكن فعاليتها محدودة في مواجهة التحديات الأمنية الكبيرة التي تشهدها.

تغيرات سياسية

يقول بشار الحاج علي، وهو عضو عن المعارضة السورية في الهيئة الموسعة باللجنة الدستورية لنورث برس، إنه منذ سيطرة القوات الحكومية،  عاشت درعا تغييرات سياسية وميدانية وصفها بـ “كبيرة”.

ويضيف: “في البداية كان هناك وعد بالاستقرار والعودة إلى الحياة الطبيعية، لكن الواقع أثبت عكس ذلك”.

ويقول أيضاً  إن الحكومة لم تتمكن من فرض سيطرتها بالكامل على درعا، ما أدى إلى تراجع الأوضاع الأمنية والسياسية، وسيطرة الفصائل الإيرانية وحزب الله على مناطق واسعة.

ويضيف: هذه التغيرات جعلت الوضع أكثر تعقيداً وفوضوية، الحضور الشكلي للحكومة لم يساهم في تحسين الأوضاع بل زاد من حدة التوتر وعدم الثقة بين السكان والسلطة.

ويشير إلى أن التحديات السياسية الرئيسية التي تواجه سكان درعا أبرزها غياب الأمن والاستقرار، قائلاً: “الوضع الأمني المتردي نتيجة نشاط فصائل وعصابات التهريب”.

العودة للحراك

أوضح السياسي المعارض أن السكان يتفادون هذه التحديات بطرق مختلفة، مثل تكوين شبكات مجتمعية محلية لتقديم الخدمات الأساسية، واللجوء إلى التظاهرات السلمية للمطالبة بتحسين الأوضاع.

كما يشير إلى استمرارية الحراك الشعبي ضد الحكومة في درعا البلد وبصرى وجاسم وغيرها من مدن حوران، بينما يختار بعض السكان الهجرة أو النزوح إلى مناطق أكثر أماناً.

ويقول أن المعارضة السياسية في درعا لا تزال موجودة، رغم أنها تعمل بطرق سرية لتجنب القوات الحكومية. مشيراً إلى أن المعارضة تعمل على عقد اجتماعات سرية وتبادل المعلومات بطرق غير مكشوفة، والتواصل مع منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية لتسليط الضوء على الانتهاكات، واستخدام وسائل الإعلام لنقل صورة الوضع الحقيقية.

وينوه الحاج علي، أن التواجد العسكري والأمني للنظام السوري وإيران في درعا أدى إلى قمع الحريات حيث لا مساحة للتعبير عن الرأي وممارسة النشاط السياسي بحرية نتيجة استمرار الاعتقالات والفوضى.

ويعتقد المعارض أن “الأوضاع ستنفجر مجدداً وسيشارك فيها جميع السكان حتى من كان يحسب على إنه موالي للحكومة”.

تحرير: تيسير محمد