محمد موسى – دمشق
تشهد المؤسسات الصحية في مناطق سيطرة الحكومة السورية انحداراً في جودة الخدمات الطبية والمعايير الصحية المقدمة فيها، ناهيك عن نقص حاد في الموارد الطبية، وانتشار الفساد، وغياب الرقابة، وتدفق الكوادر الطبية خارج البلاد نتيجة الظروف الصعبة.
وحصلت نورث برس على شهادات من سكان في العاصمة دمشق، تظهر فيها تراجع الخدمات الطبية وازدياد مخاطر الأخطاء الطبية والإهمال مما دفع الكثير من السكان إلى اللجوء إلى المستشفيات الخاصة بالرغم من التكلفة الباهظة، بحثاً عن رعاية طبية أكثر أماناً وجودة.
إهمال يسبب حالات وفاة
يقول “حسام” اسم مستعار لطالب في كلية العلوم بجامعة دمشق، إنه سمع فجأة عن حالة وفاة لمهندسة شابة من سكان الحي الذي يعيش فيه، مشيراً أنها كانت بصحة جيدة ولا تظهر عليها آثار المرض.
ويضيف لنورث برس: “أثناء تقصينا للحادثة تبين أنها فقدت حياتها أثناء إجراء عملية استئصال الزائدة في مشفى المواساة، فقد انفجرت الزائدة أثناء العملية”.
ويشير إلى أنها توفت نتيجة عدم توفر الرعاية الطبية اللازمة في المشفى والإهمال من قبل الكوادر الطبية.
طعام فاسد يقدم للمرضى
من جهة أخرى، يروي أحمد، وهو اسم مستعار، لشاب من ريف دمشق، تجربته الصادمة في مشفى دمشق أو ما يعرف بمشفى المجتهد الحكومي، حيث واجه فساداً واضحاً في خدمة تقديم الطعام للمرضى، مما يبرز أزمة النظافة والرعاية في المشافي الحكومية.
ويقول: “المكان يشبه حياً مهملاً، مهجوراً من النظافة والتحضر، لا يُعقل أن يكون هذا المكان مطبخاً يعد فيه طعام المرضى، حيث تعيش الحشرات بحرية تامة، وتتدلى شبكات العناكب من الزوايا، بينما الجدران متآكلة بفعل الرطوبة”.
ويضيف لنورث برس: “إذا لم يكن المرض كفيلاً بأخذ حياة المرضى، فالطعام المُحضر في مثل هذه الظروف قد يكون السبب”.
البعض لا خيار لهم
مع ذلك، يظل الكثيرون غير قادرين على تحمل تكاليف العلاج الباهظة في المشافي الخاصة، والتي تقدم بدورها خدمات طبية جيدة مقارنة بالحكومية، مما يجبرهم على اللجوء للقطاع العام وتحمل المخاطر المرتبطة بها.
“محمد” اسم مستعار لمزارع من ريف دمشق يجسد أحد الأشخاص الذين يواجهون هذا التحدي، إذ الحاجة الملحة لتوفير خيارات علاجية آمنة ومتاحة لأمثاله من ذوي الدخل المحدود.
ويشير إلى أنه لا خيار له إلا بالذهاب للمشافي الحكومية بسبب عدم قدرته على تحمل التكاليف العلاجية المرتفعة في ظل الظروف المعيشية التي يعيشها أغلب السوريين.
وتصل كلفة بعض العمليات في المشافي الخاصة إلى عشرات ملايين الليرات، في وقت لا يتجاوز الدخل الفرد 200 ألف ليرة شهرياً، كما يبيّن المزارع.
وخفضت المشافي الحكومية بدمشق “المواساة” و”المجتهد” و”الأسد الجامعي” من منح المرضى الأدوية، إذ يشير محمد أن المشافي الحكومية تكتب للمرضى قائمة الأدوية المطلوبة، حتى خلال العمليات الجراحية، ليجلبوها على حسابهم الخاص من الصيدليات أو السوق السوداء.
وتكشف هذه الشهادات عن حجم الأزمة الصحية التي تعيشها مناطق سيطرة الحكومة السورية من إهمال للقطاع الصحي ومراقبة الأسعار والتراخي في محاسبة الفساد.