إحسان محمد – درعا
تحل الذكرى الثالثة عشر لانطلاق الاحتجاجات المناهضة للحكومة السورية في درعا، حيث بدأت هذه المدينة الجنوبية بإطلاق الشرارة الأولى للحراك السوري. ورغم مرور هذه الفترة الطويلة، مازالت درعا خارجة عن إرادة حكومة دمشق رغم سيطرة الأخيرة عليها في صيف عام 2018 بدعم من روسيا وإيران.
الشرارة الأولى
في نهاية شباط/ فبراير 2011 اعتقلت القوات الحكومية مجموعة من الأطفال من مدرسة الأربعين في مدينة درعا، على خلفية كتابتهم عبارات مناهضة للحكومة مثل “الشعب يريد إسقاط النظام”، محاكاة للعبارات التي رفعها المتظاهرون في دول كانت تشهد احتجاجات حينها، كمصر وليبيا وتونس.
واقتيد الأطفال إلى فرع الأمن السياسي في درعا، وحين خرج ذويهم للمطالبة بمعرفة مصير أولادهم جاءهم الرد من رئيس الفرع، وطلب منهم العودة ونسيان أطفالهم وإنجاب أطفال آخرين. مما مهد لخروج مظاهرات شعبية لاحقا في درعا، حسب ناشطون.
ويقول السياسي المعارض بشار الحاج علي، “إن السوريين أظهروا إرادة قوية للتغيير والمطالبة بالحرية خلال الثورة التي بدأت في درعا عام 2011”.
ويضيف العضو عن المعارضة السورية في الهيئة الموسعة باللجنة الدستورية لنورث برس: “رغم تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية وتحولات الصراع، إلا أن رغبة السوريين في التغيير لا تزال موجودة”.

درعا ما بعد التسوية
الواقع السياسي الذي يسود المشهد العام في درعا اليوم المعقد للغاية، لتكون غير مستقرة.
اتفاق التسوية في تموز/ يوليو ٢٠١٨ بين فصائل المعارضة المسلحة، وبين روسيا من الجهة الأخرى، أتاح المجال لآلاف المقاتلين البقاء في درعا مع الاحتفاظ بأسلحتهم الفردية، وفي ذات الوقت سمح للقوات الحكومية وبدعم من إيران بإنشاء العديد من المواقع لها، وذلك كنتيجة طبيعية لتجميد المواجهات وانخفاض الفاعلية العسكرية لفصائل المعارضة إثر تسليم الأسلحة الثقيلة بموجب الاتفاق.
ينوه الباحث الصحفي حسام البرم أن بعد مرحلة التسوية، استلم روسيا وإيران درعا واستطاع سكان المنطقة أن يحافظوا على تأثر نسبي.
ويضيف لنورث برس “عانت درعا بعد التسوية من ظروف سيئة جداً رغم وعود النظام بتقديم الكثير من الامتيازات الادارية والسياسية إلا أنه لم ينفذ إي شيء منها”.
ويشير في حديثه لنورث برس إلى أن انتشار المخدرات وانعدام الأمن وتواجد المجموعات الموالية لإيران من أبرز التحديات التي تشهدها درها بعد 13 عاماً من الحرب السورية.
ومن جانبه يؤكد السياسي المعارض على عدم قدرة الأجهزة الامنية على فرض سيطرته الكاملة على مدينة درعا أو القيام بواجبها في الحفاظ على الأمن والاستقرار.
مجدداً.. درعا على صفيح ساخن
تشهد درعا اليوم حالة من التوتر وانعدام الاستقرار وغياب الخدمات العامة، مما يجعلها قابلة للتبدل المستمر.
يتوقع قيادي معارض (لم يرغب بذكر اسمه) عودة الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة وخاصة بعد فشلها بتحقيق الاستقرار والأمن في المدينة.
ويضيف القيادي إن الأجهزة الامنية على عكس من ذلك قامت بتجنيد عناصر سابقين في فصائل المعارضة من أجل تنفيذ اغتيالات بحق المعارضين لها لضمان عدم وجود أي معارض في درعا.
و يقول لنورث برس “لا توجد عائلة في درعا لم تتضرر من الأجهزة الأمنية سواء بقتل أحد أفرادها أو إصابتهم أو اعتقالهم ناهيك عن المختفيين قسرياً”.
ويشير القيادي إلى أن درعا على موعد مع احتجاجات واسعة سنتطلق في الذكرى الثالثة عشر على انطلاقتها وستعود بشكل أكبر من السابق.
في المجمل، يظل الوضع في درعا معقداً وعلى الرغم من التحديات الكبيرة، لا تزال عصية على القوات الحكومية للسيطرة الكاملة، كما الحال في السويداء وغيرها من المدن السورية.