ثلاثة عشر عاماً على الحرب في سوريا

غرفة الأخبار – نورث برس

مرت ثلاثة عشر عاماً على الحرب في  سوريا، حيث انطلقت شرارتها من درعا حين خطّ طفل سوري يدعى معاوية الصياصنة شعارات مناوئة للحكومة السورية، لكنها سرعان ما انتشرت في معظم مناطق سوريا.

ففي مثل هذا اليوم  من كُل عام يستذكر السوريون الأيام الاولى من بدء الاحتجاجات في البلاد، والتي أدت لاحقاً  لمقتل الآلاف وهجرة الملايين، وإلى دمار هائل في البنية التحتية ومن ثم  دخول دول وجماعات مسلحة لتتعقد المسألة وعقد اجتماعات لاتُعد ولا تُحصى لإنهاء الحرب وكلها باءت بالفشل 

“الجحيم العربي”

لا يمكن الحديث عن بداية الاحتجاجات في سوريا  بمعزل عن  “الربيع العربي” والذي تحول إلى جحيم بدأ من تونس تبعها سقوط النظامين المصري والليبي، مما مدّ الأفق أمام السوريين حول إمكانية إحداث تغيير سياسي حقيقي.

وفي 15 شباط/ فبراير اعتقلت قوات الأمن الحكومية في مدينة درعا، جنوبي البلاد، مجموعة من الأطفال على خلفية كتابتهم عبارات على سور مدرستهم مثل “الشعب يريد إسقاط النظام” و”إجاك الدور يا دكتور”، وتم اقتياد الاطفال إلى فرع الأمن السياسي في درعا وتعرضوا للتعذيب.

مهدت الحادثة لخروج مظاهرات شعبية في درعا للمطالبة بمعرفة مصير أولادهم  والرد الذي وصلهم  من رئيس فرع الأمن السياسي، عاطف نجيب،  الذي طلب منهم العودة ونسيان أطفالهم وإنجاب أطفال آخرين.

 انطلاق الاحتجاجات

عُرف الخامس عشر من آذار/ مارس، بتاريخ “انطلاق الثورة السورية” حيثُ انطلقت  أول مظاهرة نظمها نشطاء المجتمع المدني في سوق “الحميدية” وسط دمشق، وحينها ردد المتظاهرون شعارات تنادي بالحرية منها “الله ،سوريا، حرية وبس”، فسارعت قوات الأمن إلى مهاجمة المظاهرة وفضها واعتقال عدد من الناشطين المشاركين فيها.

وفي الثامن عشر من آذار،  وتحت شعار “جمعة الكرامة”  دعت صفحات مؤيدة  للاحتجاجات، إلى مظاهرات في المدن السورية،  فخرجت دمشق وحمص وبانياس ودير الزور ودرعا وغيرها.

توسع بقعة الاحتجاجات

انضمت مُدن وبلدات وقرى إلى المظاهرات تباعاً، وتحول تشييع من فقدوا حياتهم في الاحتجاجات  إلى مظاهرات  حملت طابع السلمية، وطالبت بالحرية والتغيير.

واجهت الأجهزة الأمنية السورية المظاهرات بالرصاص  والاعتقالات  كما نفذ عمليات مداهمة واعتقالات للمتظاهرين ونصب الحواجز في المدن وأطرافها، هذه الاجراءات  أدت  إلى رفع الشعارات التي كانت تُرفع في المظاهرات  من  “الحرية والمطالبة بالتغيير”  إلى الدعوة إلى “إسقاط النظام”.

ولم تخلو المظاهرات في المناطق الكردية أيضاً من تدخل الأجهزة الأمنية واطلاق النار مما أدى لفقدان مدنيين لحياتهم وجرح  واعتقال آخرين.

ظهور “داعش” وتدخل أجنبي

في عام 2014، سيطر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على مساحات واسعة من الأراضي في سوريا والعراق، وشن هجمات عنيفة على المدنيين بهذه المناطق. 

 وفي 22 أيلول/ سبتمبر 2014، بدأت الولايات المتحدة والبحرين والأردن وقطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة بالحرب على “داعش”  في العراق والشام داخل سوريا.

وكانت مدينة كوباني الكردية السورية ساحة لأولى ضربات التحالف الدولي على التنظيم المتطرف، وبحلول عام 2019 وبعد سنوات من العمليات العسكرية دحرت قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي التنظيم من الأراضي السورية.

وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية على أكثر من 25 بالمائة من الجغرافية السورية وتشمل أجزاء واسعة من دير الزور والرقة والحسكة، وأجزاء من حلب.

ويوجد في سوريا قواعد أميركية بالإضافة لحوالي 900 جندي في مهمة مشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية لمحاربة تنظيم “داعش”.

عمليات تركية

منذ عام 2016، شنت تركيا مع فصائل المعارضة الموالية لها عمليات عسكرية عدة في شمالي سوريا، وسيطرت على شريط حدودي يمتد من جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي إلى عفرين في ريفها الغربي، مرورا بمدن رئيسية مثل الباب وأعزاز.

كما سيطرت على منطقة حدودية منفصلة بطول 120 كيلومترا بين مدينتي سري كانيه/ رأس العين وتل أبيض الحدوديتين.

وعلى مرّ السنوات الماضية، شارك أكثر من 63 ألف جندي روسي في العمليات العسكرية بسوريا، وفق تقارير روسية.

ولروسيا قواعد عسكرية في المناطق التي انسحب منها  القوات الأميركية في العام 2019، في الجزيرة.

وتتواجد أيضاً مجموعات تابعة لإيران في مناطق عدة  تتركز في ريف دير الزور والعاصمة دمشق ومناطق أخرى.  

اجتماعات بدون حلول

وبهدف إيجاد حل سياسي ينهي الحرب في سوريا عُقدت العشرات من الاجتماعات من أهمها اجتماعات اللجنة الدستورية في العاصمة السويسرية “جنيف” والعاصمة الكازاخستانية “أستانا”.

حيثُ عُقد بين عامي 2012 و2017  ثمانية مؤتمرات بشأن الأزمة السورية في مدينة جنيف السويسرية،  وذلك برعاية أممية دون الوصول لأي نتائج، و بمشاركة وفود من الدول الضامنة، تركيا وروسيا وإيران، بالإضافة إلى ممثلي الحكومة  والمعارضة السوريين،  عقد منذ كانون الثاني / يناير، عام 2017 وحتى الآن 21 جولة من محادثات أستانا، دون الوصول لبوادر لأي حل.

ترقب وكفاح من أجل البقاء

وبمناسبة الذكرى الثالثة عشر لبدء الحرب في سوريا، لا يزال السوريون يترقبون إيجاد حلول لإنهاء الحرب التي أنهكت البلاد والعباد.

ففي آخر تقرير للأمم المتحدة بهذه المناسبة بينت أنّ عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في سوريا وصل إلى أعلى مستوياته منذ اندلاع الحرب، قائلة إن ثلاثة من كل أربعة أشخاص يحتاجون للإغاثة، ويعاني أكثر من نصف السكان من الجوع، “وتكافح مجتمعات بأسرها من أجل البقاء”.

إعداد وتحرير: عبدالسلام خوجه