دمشق ـ نورث برس
يتذمر علي، من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في مدينته بغوطة دمشق الشرقية، وصعوبة دخولها بسبب الحواجز المنتشرة في المدينة.
ومنذ سيطرة قوات الحكومة السورية عام 2018، على الغوطة الشرقية في ريف دمشق، لا تزال مدينة دوما تشهد أوضاعاً معيشية وأمنية سيئة يعاني منها سكان المنطقة.
يقول علي الفاضل (38 عاماً)، اسم مستعار لأحد أبناء مدينة دوما لنورث برس: “بعد استعادة النظام السيطرة على الغوطة, تعرض الكثير من سكان مدينة دوما لحملات اعتقال وتنكيل وتعذيب من قبل أجهزة الأمن, وخصوصاً الشباب الذين رفضوا الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية”.
ورغم مرور أكثر من ستة أعوام على سيطرة القوات الحكومية على المدينة، إلا أن سكانها لا زالوا يتعرضون لمضايقات مستمرة من قبل الحواجز الأمنية الحكومية.
وبالنسبة لأبناء دوما، فإن “التهمة جاهزة” بحقهم، بحسب “اللحام”، وهي “التخابر مع الجماعات المسلحة أو المنظمات الإنسانية التابعة للمعارضة”.
أزمة اقتصادية
كما تعيق هذه الحواجز، حركة السكان، وتتسبب بتأخر الانتقال من مكان لآخر وزيادة تكاليف المواصلات، وتجعلها صعبة ومرهقة.
ويؤثر ذلك على حالتهم النفسية ويزيد من مشاعر العجز والاحتقان وفرصة الحصول على عمل جيد ورزق مستدام، بحسب “الفاضل”.
والأمر ينعكس سلباً على الحالة المعيشية، ما شكل أزمة اقتصادية حادة، إذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية والوقود والبناء بشكل كبير نتيجة “ارتفاع الوقود والرشاوى التي تدفع للحواجز العسكرية”، بحسب “الفاضل”.
ويواجه الأفراد صعوبات كبيرة في إدخال البضائع والمواد التموينية إلى المدينة. ويتعين على السكان دفع رشاوي لحواجز التفتيش لتمرير بضائعهم، مما يؤدي إلى تضخم في أسعار هذه المواد وتعقيد الوصول إليها.
وشدد “الفاضل” أن الضغوطات المعيشية التي تقع على عاتق سكان دوما، تهدد بتفاقم الأزمة الاجتماعية وتؤثر سلبًا على الحياة اليومية.
ويتمثل ذلك الأثر في “انخفاض الدخل والخدمات الأساسية, مما يتسبب بتفاقم الفقر والبطالة وهجرة أبناء المنطقة باتجاه دول الجوار أو البحث عن طرق توصلهم إلى دول الاتحاد الأوروبي”، بحسب “الفاضل”.
ويحلم أحمد عيد (22 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة حرستا، والذي يدرس الهندسة المدنية في جامعة دمشق، أن يصبح مهندساً ويساهم في إعادة إعمار بلده الذي دمرته الحرب.
لكن حلم “عيد”، محفوف بالمخاطر ولا يتعدى كونه حلم فقط، لأن خوف الاعتقال على أحد الحواجز الأمنية بحجة السوق للخدمة الإلزامية، يقض مضجعه.
دمار قائم
وتشهد مدن الغوطة الشرقية لدمشق، حجم دمار كبير لا يزال قائمًا في العديد من المرافق الحيوية، ويشمل الطرق والجسور والمباني والمدارس والمستشفيات.
وتضررت المرافق الحيوية في دوما بشكل كبير جراء الحرب الدائرة في سوريا، فقد تهدمت أو تضررت معظم المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية والمساجد والمعالم الأثرية في المدينة.
وفقا لتقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، فإن 90% من المدارس في الغوطة الشرقية غير صالحة للتعليم.
وبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية، فإن 70% من المرافق الصحية في الغوطة الشرقية تعرضت للتدمير أو التلف بسبب قصف قوات النظام لها.
كما أشار تقرير لمنظمة اليونسكو، إلى أن عدداً من المواقع الأثرية في دوما تعرضت للنهب أو الإتلاف (التعفيش).
وهذا الدمار ينعكس بشكل كبير على حياة السكان، حيث يواجهون صعوبة في الحصول على الخدمات الأساسية والرعاية الصحية والتعليم.
وفي السابع من نيسان/ أبريل 2018، وقع الهجوم بالأسلحة الكيماوية على مدينة دوما أثناء عمليات الإجلاء القسري من الغوطة الشرقية التي كانت محاصرة من قبل قوات الحكومة السورية على مدار 5 سنوات.
وراح ضحية المجزرة 78 مدنيا إضافة لتضرر المئات أغلبهم من الأطفال والنساء الذين اضطروا للنزوح عقب تلقيهم العلاج، وبعد 5 أيام أعلنت روسيا أن الحكومة السورية فرضت سيطرتها على دوما والغوطة الشرقية بالكامل.
وفي 27 من كانون الثاني/ يناير 2023، حمّلت منظمة “حظر الأسلحة الكيميائية” قوات الحكومة السورية، مسؤولية استخدام مادة الكلورين (غاز الكلور) في قصف مدينة دوما بريف دمشق، ما أسفر عن 43 قتيلا.
وقالت المنظمة الدولية (مقرها لاهاي) في تقرير، إن محققيها وجدوا “أسبابا ذات أساس” تفيد بأن الحكومة “أسقط أسطوانتين تحتويان غاز الكلور على مدينة دوما في أبريل 2018، ما أسفر عن مقتل 43 شخصا”.