دلسوز يوسف – نورث برس
أنعشت معدلات الهطولات المطرية خلال الموسم الحالي، آمال المزارعين في مناطق شمال شرقي سوريا، إذ أنقذت محاصيلهم من القمح والشعير، في ظل تفاقم أزمة الوقود لتشغيل مضخات استخراج المياه الجوفية من أجل الريّ.
وبين حقله المزروع بالقمح في قريته تل جزيرة شمالي الحسكة، يتفحص المزارع محمد برهو، مستوى إنبات محصوله ورطوبة التربة عقب يوم ماطر.
وبينما تتملكه سعادة غامرة، يقول المزارع الأربعيني، الذي زرع 100 دونم بالقمح، لـنورث برس: “الموسم مبشر بعد هطول الأمطار التي لولاها لكان الوضع سيء الآن”.
ويضيف: “كمية الأمطار الهاطلة ساعدت بالتخفيف من عبء الري للأراضي المروية، أما البعلية فإن التربة لاتزال بحاجة إلى كميات أكبر من التي هطلت ليتم إشباعها وسقايتها للحد الأدنى”.
وشهدت مناطق شمال شرقي سوريا هطولات مطرية بنسب جيدة بعد ثلاثة أعوام من الجفاف، أعادت البهجة إلى محيا المزارعين.
يأتي ذلك، بالتزامن مع أزمة حادة في تأمين المحروقات للزراعة، عقب خروج الكثير من الآبار النفطية عن الخدمة، نتيجة قصفها من قبل القوات التركية منتصف شهر كانون الثاني / يناير الفائت.
هذه الأزمة والقصف تسبب بحرمان غالبية المزارعين من الحصول على مادة المازوت التي يعتمدون عليها لتشغيل مضخات الآبار لاستخراج المياه، وسط رفع الدعم عنها ليصل سعر الليتر إلى نحو 4500 ليرة سورية، بعدما كان بـ 1200 ليرة الموسم الفائت.
وأسوة بغيره من المزارعين، أجبر “برهو” على شراء 10 براميل من المازوت بسعر خمسة آلاف ليرة لليتر الواحد، مطلع الموسم الحالي، لسقاية محصوله، لكنه يواجه شحاً بالمحروقات حالياً بعد نفاذ الكمية التي جلبها.
ويقول المزارع: “إذا هطلت الأمطار في الأسبوعين القادمين ستغنينا عن الريّ للدفعة الثانية، لأنه حتى مخصصاتي للتدفئة من المازوت صرفتها في الزراعة”.
وسجلت منطقة الحسكة، معدلات مطرية تزيد عن 10 ملم خلال الأسبوع الماضي، بحسب هيئة الزراعة والري في الإدارة الذاتية.
ويشدد مزارعون على أن الأمطار توفر عليهم أعباء مادية كبيرة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، بينما توجه الكثير منهم لتركيب ألواح الطاقة الشمسية كحل بديل عن محركات الديزل.

وبينما السماء متلبدة بالغيوم، يتفاءل المزارع أنور نجم (30 عاماً) من قرية عب التينة بريف الحسكة، أن تنقذ الأمطار محاصيلهم في ظل أزمة المحروقات الراهنة.
ويقول المزارع الذي زرع 20 دونماً بالقمح، لـ نورث برس: “نعاني بشدة من مشكلة عدم توفر المازوت، قمت بداية الموسم عدة مرات بشرائه بثمن مرتفع لكنه غير متوفر دائماً”.
وأوضح أن الأمطار الأخيرة خففت أعباء توفير المازوت كثيراً، “إذا استمر هطول الأمطار بالمعدل الذي هطل في الآونة الأخيرة، فإننا قد نحتاج فقط إلى دفعة سقاية أخرى وينتهي بعدها الموسم بسلام”.
“نستبشر خيراً”
ووفق مختصين بأحوال الطقس، من المرجح أن يستمر تأثر المنطقة بالتغيير المناخي، وتتساقط الأمطار خلال الفترة القادمة.
وفي أرضه بقرية تل مساس القريبة من بلدة تل تمر شمالي الحسكة، ينهمك المزارع أحمد الفارس (54 عاماً) بسقاية محصوله من القمح بعدما نثر البذار بوقت متأخر.
ويشير “الفارس” وهو يتكأ على مجرفته، أن هطول الأمطار وفر عليهم مادياً بشكل كبير نتيجة تخفيف عملية الريّ .
ويضيف لنورث برس: “إذا استمر معدل هطول الأمطار مرتين في الشهر على هذا النحو، فإن ذلك يباعد بين مواعيد السقاية ومن الممكن أن تتقلص عدد مرات السقاية لدفعة أو دفعتين فقط خلال الموسم، وبالتالي توفير الجهد ومادة المازوت، بالإضافة للتقليل من أعطال المحركات بشكل عام”.
وبينما ترتفع ضوضاء المحرك بسحب المياه من بئره التي تصب في أرضه، يقول “الفارس”: “هذه السنة نستبشر خيراً بهطول الأمطار إن شاء الله”.