قرارات متخبطة وخطوات غير مدروسة.. وزارة التربية بدمشق تضع مستقبل الطلاب على المحك

دمشق ـ نورث برس

في ظل سعي وزارة التربية في الحكومة السورية، لتطوير المنظومة التعليمية، واجهت العديد من القرارات التي اتخذتها، انتقادات واسعة من قبل التربويين وأولياء الأمور، حيث اعتبرها البعض “متخبطة وغير مدروسة”، مما أدى إلى تراجع الوزارة عن بعضها بعد تطبيقها مباشرة.

واتخذت وزارة التربية قرارًا بتغيير نظام الامتحانات من نظام الثانوية العامة التقليدي إلى نظام “المؤتمت”.

وبعد قرار تطبيقه، تبين أنه يواجه العديد من التحديات والصعوبات، مما أدى إلى تراجع الوزارة عنه وعودة نظام الثانوية العامة التقليدي.

وقال وزير التربية في حكومة النظام السوري محمد عامر مارديني إن تقييماً أجري على نتائج الامتحانات النصفية لطلاب الشهادة الثانوية، وأظهر ضرورة التريث في التحول إلى النظام المؤتمت في الامتحانات.

وأفاد مارديني في تسجيل مصور نشرته صحيفة “الوطن” شبه الرسمية، بأن أسئلة الامتحانات ستظل على النمط التقليدي إلى العام القادم، وذلك للتمكن من دراسة الأسلوب بشكل منهجي وتدريب المدرسين على هذا النمط من الأسئلة.

وشدد تربويون وأولياء أمور، أن المنظومة التعليمية لم تكن جاهزة لتطبيق النظام المؤتمت، حيث لم يتم تدريب الطلاب أو الكادر التدريسي على النظام الجديد بشكل كافٍ.

وتتساءل راما راشدي، وهي مدرسة لغة إنجليزية، كيف تصدر الوزارة قرارات مصيرية بالنسبة لطلاب الثانوية العامة، وكيف تلغي الدور التكميلي الذي كان نافعاً للجميع؟

غياب الخطط المدروسة

انتقد الكثيرون غياب الخطط المدروسة والخطوات الانتقالية الواضحة من قبل الوزارة، مما أدى إلى الارتباك والضبابية بين الطلاب والمعلمين، فقد كانت القرارات سريعة دون مراعاة مصالح الطلاب، مما أدى إلى إهدار عام دراسي كامل. 

عبر العديد من الطلاب عن شعورهم بالارتباك والخوف من المستقبل بسبب التغييرات المتكررة في نظام التعليم.

كما أعرب العديد من المعلمين عن شعورهم بالإحباط بسبب عدم وضوح الرؤية من قبل الوزارة التي كان من المفترض أن تعتمد خططاً مدروسة وخطوات انتقالية واضحة قبل تطبيق أي نظام جديد.

بل ويفترض عليها إشراك التربويين وأولياء الأمور في عملية صنع القرار، خاصةً فيما يتعلق بتغييرات جوهرية في المنظومة التعليمية.

وقال الأستاذ راغب جديد، في حديث لنورث برس: “الكوادر غير مؤهلة لتدريب الطلاب على النماذج المعتمدة”.

ثورة تعليمية أم عبء إضافي؟

وسط تخبط وزارة التربية السورية في إيجاد حلول جذرية للأزمات التعليمية المتراكمة، برزت مؤخرًا أنباء عن توجهات رسمية لاعتماد مسارات تعليمية متنوعة جديدة تُضاف إلى المسارات المتعارف عليها كالفرع الأدبي والعلمي والمهني.

وتشمل هذه التوجهات إضافة خمسة مسارات جديدة تتمثل بثانويات مختصة في مجال العلوم الصحية، الأحياء والكيمياء، العلوم الهندسية، الرياضيات والفيزياء، والعلوم الإدارية.

وتهدف وزارة التربية من خلال هذه الخطوة إلى توفير نقطة انطلاق للكليات الموجودة في الجامعات والمعاهد، وتحديد نسبة التعليم المهني.

أثار هذا التوجه الجديد مخاوف الطلاب وأولياء الأمور، خاصةً في ظل غياب مبررات واضحة لاعتماد هذه المسارات الجديدة.

ما أثار تساؤلاً عن ما هي الفائدة من إضافة مسارات تعليمية جديدة دون التأكد من توفر الكوادر التدريسية المؤهلة، أو وجود سوق عمل يطالب بهذه التخصصات؟

يُضاف إلى ذلك، أن هذه المسارات الجديدة ستُفرض على الطلاب المزيد من الحواجز، خاصةً مع عدم امتلاكهم المستوى التعليمي المطلوب على مستوى الكوادر التدريسية التخصصية.

التعليم المأجور

تُشكل هذه المسارات عبئًا إضافيًا على الطلاب، كونها ستُضاف إلى التعليم المأجور الموازي والمفتوح والافتراضي. فمن يملك المال يستطيع استكمال تعليمه الجامعي والتخصصي، بينما سينضم من لا يملك المال إلى ظل البطالة.

وكتبت صحيفة الوحدة المقربة من الحكومة، مقالاً بعنوان: “وزارة التربية تعيد عقارب الساعة إلى الخلف”، كشفت خلاله تخبطات صناع القرار وتأثيرها على طلاب الشهادة الثانوية.

هذا وانتقد المقال تخبطات صناع القرار في وزارة التربية، ويصف قراراتهم بأنها “تشكل كابوسًا لطلاب الشهادة الثانوية”. كما يشير إلى أن الطلاب باتوا “كدمى وروبوتات في فلك حقول تجارب الوزارة”.

السيدة سامية حسين، وهي والدة لأحد طلاب الثانوية العامة، في الفرع العلمي، قالت لنورث برس: “هذه القرارات زادت من توتر الأهالي والطلاب”.

وتناشد “حسين”، وزارة التربية بإلغاء قرار أتمتة المواد العلمية لهذا العام واللجوء لتدريب طلاب الثاني الثانوي على طريقة الأتمتة. 

فيما تحدثت سمية رجب، وهي طالبة ثانوية عامة، عن الظروف السيئة التي يعيشها الطلاب خصوصا في ظل ارتفاع الأسعار وانقطاع وسائل النقل والكهرباء.

وتساءلت في حديث لنورث برس: هل تأكدت وزارة التربية أنها مؤهلة للقيام بهذه الخطوة وهل أجرت أي دورة تدريبية للأستاذة؟

رفضت وزارة التربية والتعليم بدمشق، قطعاً، الإجابة عن أي سؤال أو استفسار من نورث برس، بالرغم من الاتصال المتكرر مع مدير مكتب الوزير ومع الوزير خصوصاً الذي رفض الحديث عن أي شيء، خصوصًا في ظل ضرورة حوار مفتوح بين الوزارة والمعلمين وأولياء الأمور والطلاب لمناقشة هذه القرارات.

تحرير: معاذ المحمد