البقوليات بديل اللحوم على مائدة سكان شمالي سوريا

دلسوز يوسف ـ الحسكة

بينما ترتفع أسعار المواد تدريجياً على وقع الأزمة الاقتصادية في سوريا، ألغت مريم، اللحوم بشكل شبه كلي عن مائدتها المنزلية لضعف قدرتها الشرائية، مستعيضة عنها بأطباق ترتكز على الحبوب والخضار.

وتعيل مريم العلي (43 عاماً)، التي تنحدر من مدينة الحسكة، رفقة اثنتين من بناتها تعمل بالمياومة، عائلتها، خاصة أن زوجها لا يقوى على العمل بسبب مرض مزمن.

وتقول السيدة لـنورث برس: “لا نستطيع شراء اللحوم، الكيلو بـ 140 ألف ليرة (9 دولار أمريكي تقريباً)، لا نأكله ولا نجلبه إلى المنزل”.

وتضيف: “عائلتي كبيرة، يجب أن نشتري أكثر من كيلو لحمة لتكفينا بينما يومياً نجني أنا وبناتي 45 ألف ليرة سورية فقط”.

وتعتمد “العلي”، على المعكرونة والعدس وغيرها من البقوليات في معظم طبخاتها، “هذه قدرتنا الشرائية”.

وارتفعت أسعار اللحوم الحمراء بشكل كبير، ليتجاوز سعر الكيلو غرام الواحد منها الـ 150 ألف ليرة سورية، وهو يعادل ضعفي الأجور التي يتقاضاها عمال المياومة في المنطقة، بينما وصل سعر كيلو الدجاج إلى 27 ألف ليرة.

وتشهد الليرة السورية نزيفاً مستمراً في قيمتها لتلامس الـ15 ألف ليرة مقابل الدولار الأمريكي الواحد، وفق سعر التداول في السوق السوداء.

وأعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش، مؤخراً، أن أكثر من 90 % من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وسط أزمة إنسانية شديدة.

وتحت أجواء ماطرة وسط الحسكة، يشكو الشاب محمد بدر من سوء الوضع المعيشي، ويقول: “المبلغ الذي كنت أتقاضاه في عملي بالمياومة لا يكفي لشراء نصف كيلو من اللحوم”.

ومنذ ما يقارب الأسبوع، يجلس الشاب بلا عمل، ويقول لنورث برس: “شراء اللحوم أصبح يشكل صعوبة بالنسبة لنا كعمال، أجورنا بالكاد تسد الحاجيات الأساسية مثل الخبز والشاي والسكر والرز والبرغل”.

وتقول غضون شيخي، وهي أخصائية تغذية من الحسكة، إنه في ظل صعوبة تأمين اللحوم بشكل يومي، مع حاجة الجسم لها، “يمكن للسكان اللجوء إلى المصادر النباتية وهي رخيصة ومتوفرة أكثر”.

وتضيف لـنورث برس: “أعلى مصدر للبروتين النباتي هو البقوليات مثل العدس والفول والحمص والفاصولياء بالإضافة لبعض أنواع الخصار الورقية مثل السبانخ والملوخية والبقدونس”.

وتشدد أخصائية التغذية، على أنه “لا يمكن المقارنة بين قيمة البروتين الحيواني والنباتي، لكن لنرفع فائدة البروتين النباتي يوجد أجراء مثل إضافة عصير الليمون ضمن شوربة العدس فهو غني بفيتامين C، فيزيد من عامل الهضم والامتصاص للبروتين النباتي ويجعله مشابه كثيراً للبروتين الحيواني”.

وتشهد محلات بيع اللحوم تراجعاً في نسبة المبيعات اليومية بعدما انحسرت القدرة الشرائية على الطبقة الوسطى والمقتدرة إلى حد كبير.

وفي متجره الذي يقصده زبون بين حين وآخر، يشير كاوا سليم الذي يعمل كجزار منذ 25 عاماً، أن الوضع الاقتصادي أثر على حركة العمل كثيراً.

ويضيف لنورث برس: “العام الفائت كان كيلو اللحم بـ 50 ألفاً لكن هذا العام ارتفع ضعفين، كنت أبيع وسطياً 50 كيلو يومياً لكن حالياً بالكاد نبيع 25 كيلو، وهذا يعود لضعف القدرة الشرائية للسكان”.

وأصدرت هيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال شرقي سوريا، نهاية العام الفائت، قراراً يسمح بتصدير الخراف والعجول، بشرط ألا يقل وزن الخروف الواحد عن 45 كيلو غرام، وألا يقل وزن العجل الواحد عن 400 كيلو غرام.

وأوضح “سليم” أن التصدير ليس العامل الرئيسي برفع أسعار اللحوم كونها كانت مرتفعة قبل صدور القرار، لكن السبب “يعود إلى رخص أسعار العلف والشعير للمواشي بالإضافة للهطولات المطرية الجيدة هذا العام”.

تحرير: معاذ المحمد