كحل بديل.. مزارعون في الحسكة يلجؤون للطاقة الشمسية
دلسوز يوسف ـ الحسكة
على أطراف مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، لجأ المزارع عمر خضر لوضع 30 لوحاً من الطاقة الشمسية حتى يتمكن من تشغيل مضخته لاستخراج المياه الجوفية لري محصوله من القمح والشعير، بعد استغنائه عن مولدات الديزل.
وعلى امتداد النظر بين الحقول الزراعية في الجزيرة السورية، والتي تحتل الزراعة المرتبة الأولى فيها، تنتشر ألواح الطاقة الشمسية التي وجد فيها المزارعون خياراً ناجعاً لري مزروعاتهم في ظل شح المحروقات وغياب الكهرباء.
وتحت أشعة الشمس الساطعة، يقول “خضر” من قريته أم المسامير شمالي الحسكة: “اعتمادنا الأساسي على الزراعة، لذلك بعد صعوبة تأمين المحروقات قمنا بوضع ألواح الطاقة الشمسية”.
بينما مولدته التي تعمل على الديزل متوقفة في فناء منزله، يشير المزارع الثلاثيني إلى أن استخدام الطاقة الشمسية “بديل جيد ويغطي الحاجة من الكهرباء المطلوبة حتى في الشتاء”.
وخلال السنوات الفائتة، اعتاد المزارعون في ري محاصيلهم على مضخات مياه تعمل بواسطة المولدات، لكن شح المحروقات وارتفاع سعرها بعد رفع الدعم عنه ليصل سعر الليتر الواحد لأكثر من 4 آلاف ليرة سورية، دفع المزارعين للبحث عن حلول بديلة.
وواجهت سوريا عموماً تدنياً بمستوى الأمطار في السنوات الأخيرة، ولذلك وجد المزارعون أنفسهم مجبرين على التوجه للطاقة الشمسية نتيجة تقلص المساحات البعلية والاعتماد على الأراضي المروية.
إلا أن اقتناء ألواح الطاقة الشمسية لمشروع زراعي، خيار ليس بالسهل بالنسبة لشريحة واسعة من المزارعين نتيجة تكلفتها الباهظة، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
ويوضح “خضر” بأنه قام ببيع قطعة أرض تبلغ مساحتها 35 دونماً لشراء ألواح الطاقة التي بلغت كلفتها 185 دولاراً للوح الواحد، وذلك العام الفائت، حتى يستطيع ريّ 100 دونم.
وعلى بعّد عدة كيلومترات من قرية أم المسامير، قام المزارع محمد الفتاح بتركيب 10 ألواح طاقة شمسية منذ نحو عامين، بتكلفة 1700 دولار أمريكي بالتقسيط ولا يزال يترتب عليه 400 دولار من ثمنها لم يسددها بعد، وفق قوله.
ويقول “الفتاح” لنورث برس: “اشتريت ألواح الطاقة لتشغيل مضختي بقوة ثلاثة حصان، لري 5 دونمات من القطن ونحو 10 دونمات من القمح والشعير سنوياً”.
ويشير المزارع الخمسيني، أن الطاقة الشمسية وفرت له راحة كبيرة بعد معاناة عاشها مع الري التقليدي عبر المولدات.
ويضيف: “ازدادت المشاكل بسبب المولدات وذلك لصعوبة تأمين المازوت وارتفاع سعره، إضافة لارتفاع ثمن إصلاح الأعطال”.
زيادة الطلب
تشهد مناطق الإدارة الذاتية انتشاراً واسعاً في محلات بيع ألواح الطاقة الشمسية مع ازدياد الطلب عليها.
وارتفعت نسبة شراء ألواح الطاقة سواء لأغراض منزلية أو زراعية بنحو 40 % خلال العام الأخير مقارنة مع سابقه، وفق جميل حسو، صاحب شركة للطاقة البديلة في الحسكة.
ويعدد “حسو” أسباب الإقبال على ألواح الطاقة الشمسية التي تعود “لارتفاع سعر الوقود وعدم توفرها لكونها مادة مستهلكة وغير متجددة، بينما يصل العمر الافتراضي لألواح الطاقة إلى 20 سنة تقريباً”.
ويوضح “حسو” في حديث لنورث برس، أن عملهم حالياً في الشتاء يمر بمرحلة “فتور” في المبيعات بينما يزداد في الصيف، معللاً ذلك “في الصيف تزداد السيولة المالية لاستلام المزارعين فواتير محاصيلهم”.
‘‘إعداد دراسات’’
وفي ظل التغير المناخي الذي تمر به مناطق شمال شرقي سوريا، عقدت هيئة الزراعة والري في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، مطلع العام الحالي، منتدى حوارياً حول الواقع الزراعي.
ودعت إحدى التوصيات الختامية للمنتدى، للتشجيع على التوجه لاستخدام الطاقة الشمسية واتباع أساليب الري الحديثة.
ويقول مهران أحمد، الرئيس المشارك لمكتب الشؤون الزراعة في الإدارة الذاتية، بأنهم في هيئة الزراعة والري قاموا بإجراء عدة دراسات تخص موضوع الطاقة الشمسية من أجل تعميمها مستقبلاً على المشاريع الزراعية في مناطقهم.
ويضيف في تصريح لـنورث برس: “للطاقة البديلة أهمية كبيرة في المشاريع الزراعية، أبرزها تخفيف تكاليف العملية الإنتاجية عن المزارعين وزيادة المساحات المروية وإدخال أصناف جديدة في العملية الزراعية والتي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، إضافة إلى تخفيف التلوث البيئي الناتج عن محركات الديزل المستخدمة في الري”.