باحثون: التصعيد التركي يساهم بزيادة نشاط تنظيم داعش

سامر ياسين – الحسكة

يرى باحثون وخبراء، أن تواجد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في سجون شمال شرقي سوريا، يشكل خطراً على المنطقة، ويشددون على أن الضربات التركية المستمرة تساهم في زيادة نشاط عناصر التنظيم.

ورغم إنهائه عسكرياً عام 2019 على يد قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي، إلا أن التنظيم لم يتوانَ في يوم من الأيام، عن القيام بعملياته في سوريا والعراق.

ورغم المحاولات المستمرة من قبل قوات سوريا الديمقراطية، مدعومة بقوات التحالف الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لمحاربة خلايا التنظيم وإنهاء الفكر الإيديولوجي له داخل الأراضي السورية، إلّا أن التنظيم مستمر بنشاطاته في عدة جيوب ومدن في سوريا، بالإضافة لعمليات محدودة النطاق في عدة مناطق سورية وعلى الأخص البادية، مستغلاً الأوضاع الأمنية والاستهدافات التركية.

ولوحظ في الآونة الأخيرة وبالتزامن مع التصعيد التركي على مناطق شمال شرقي سوريا، عبر قصف بالطائرات الحربية والمسيرة لعدة منشآت ومؤسسات حيوية في المنطقة، نشاطاً جديداً لخلايا التنظيم في عدة مدن وبلدات في مناطق سيطرة قسد أو الحكومة السورية، وخاصة في محافظة دير الزور السورية التي شهدت عدة عمليات للتنظيم في الفترة الأخيرة.

ويرى الباحث في مركز الفرات للدراسات لزكين إبراهيم، بأن للهجمات التركية على المنطقة، تأثير كبير على زيادة نشاط خلايا التنظيم، واستغلال انشغال القوى الأمنية والعسكرية بالتصعيد التركي، للقيام بعمليات جديدة في سوريا.

ويقول “إبراهيم”: “التصعيد التركي يشكّل خطراً أمنياً على هذه السجون والمخيمات، وكان هناك أكثر من محاولة في الحسكة من هجوم لعناصر وخلايا التنظيم بغية فك احتجاز العناصر المسجونين داخل السجون، بالإضافة لمحاولات التنظيم المستمرة لشن هجمات على المخيم وإخراج من بداخله”.

ويضيف: “الضربات التركية المتكررة تزيد من نشاط خلايا التنظيم، وخاصة بسبب انخفاض القدرات الأمنية في المنطقة إثر هذه الضربات وانشغال قوى الأمن الداخلي وقوات سوريا الديمقراطية بها، وانشغال التحالف الدولي في ملفات إقليمية أخرى”.

واتهم الباحث تركيا بالوقوف وراء دعم التنظيم وخلاياه في المناطق التي تسيطر عليها قسد في الشمال السوري، وبأنها تحتضن قيادات من التنظيم من الذين هربوا عقب معركة الباغوز عام 2019 إلى الداخل التركي، ويقومون بشكل مستمر بإعطاء التعليمات والتواصل مع الخلايا في سوريا.

وشددت الصحفية لامار أركندي في حديثها لنورث برس، عن استغلال التنظيم أي ضعف أو ثغرة أمنية في المنطقة لزيادة نشاطه والقيام بعمليات (دموية)، حسب قولها.

وقالت الصحفية المختصة بشؤون الجماعات الإرهابية: “تنظيم داعش لم ينتهِ، وهو موجود عبر خلاياه النائمة المنتشرة في معظم الجغرافية السورية، ويستغل التنظيم كل فرصة لينشط بشكل أكبر وينفذ عمليات دموية بشكل أكبر، على مدار شبه يومي، وذلك ليكسب المزيد من المريدين وكي لا يفقد قاعدته الشعبية في سوريا والعراق، وثقة مواليه، ولا سيما بعد النكسات التي مني بها، بسقوط دولة خلافته ومقتل قاداته”.

خطورة عائلات وعناصر التنظيم

وحول النشاط المتزايد لخلايا التنظيم في الداخل السوري، قال “إبراهيم”، لنورث برس، بأن “ملف عناصر التنظيم داعش ملف خطير ومعقد بالنسبة للمنطقة هنا، وبقاء الآلاف من عناصر التنظيم والعوائل في المخيمات والسجون مجتمعين، يشكّل خطراً كبيراً، باعتبارهم يشكلون تنظيماً إيديولوجياً متشدداً ومتطرفاً، وبقاء عناصرهم في السجون يساهم في زيادة تطرفهم وتنظيمهم بشكل أكبر”.

وحذر من أن “بقاء النساء والأطفال في المخيمات مجتمعين ودون القدرة على ضبط الرقابة الكاملة عليهم، يزيد من التطرف، والحملة الأخيرة لقوات سوريا الديمقراطية في مخيم الهول أثبتت ذلك بضبط عدة حالات من تعليم الأطفال التطرف، وكيفية تمسك النساء المتواجدات في المخيم بالفكر المتطرف للتنظيم”.

كما نبه “إبراهيم” لتداعيات وجود عناصر التنظيم سوياً في السجون التي تسيطر عليها قسد في شمال شرقي سوريا قائلاً: “المعتقلون بالآلاف في السجون من عناصر التنظيم، هؤلاء يقومون بتنظيم أنفسهم ودائماً لديهم قابلية لبدء النشاط في حال الانفلات الأمني أو قدرتهم على الخروج من السجون، لذلك سيشكلون خطراً كبيراً على المنطقة باعتبارهم منظمين مسبقاً، وما زالوا محتفظين بالفكر الإيديولوجي الخاص بالتنظيم”.

وترى لامار أركندي الصحفية المختصة بشؤون الجماعات الإرهابية، بأن سجون الإدارة الذاتية تفتقر للمقومات الرئيسية التي يجب أن تكون متواجدة لتفادي حدوث أي طارئ أو محاولة هروب أو استعصاء داخلها.

وتقول (أركندي) لنورث برس: “التكنولوجيا المتطورة في مراقبة السجناء داخل السجن، ركيزة أساسية تفتقرها سجون الإدارة الذاتية”.

عمليات “داعش”

ونفّذ عناصر التنظيم، خلال العام 2023، ما لا يقل عن 233 هجوماً، تبنى “داعش” 79 منها عبر معرفاته على الإنترنت، واستهدفت 46 من هذه الهجمات المدنيين، و103 منها ضد قوات سوريا الديمقراطية، و66 ضد قوات حكومة دمشق، و18 ضد الفصائل الموالية لإيران.

ومن أبرز المدن التي تعرضت للهجمات مدينة دير الزور حيث بلغ عددها 104 هجمات، وفي حمص بلغ عددها 48 هجوماً، وفي الرقة 36 هجوماً، ذلك حسب قسم الرصد والتوثيق في وكالة نورث برس.

وقتل مسلحو التنظيم وأصابوا، سواء من خلال استهدافهم بشكل مباشر أو عن طريق زرع عبوات متفجرة وألغام, 926 شخصاً، خلال العام 2023 , قضى منهم 575 شخصاً، وهم 216 رجلاً مدنياً و27 طفلاً و10 نساء، و195 عسكرياً من القوات الحكومية و72 من قوات سوريا الديمقراطية و55 من الفصائل الموالية لإيران.

وأصيب في هجمات “داعش” 351 شخصاً، وهم 84 رجلاً مدنياً و38 طفلاً و4 نساء، و115 عسكرياً من قوات سوريا الديمقراطية و76 من القوات الحكومية و30 من الفصائل الموالية لإيران و4 من قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش، وذلك حسب إحصائيات جمعها قسم الرصد في نورث برس.

ونفذت قوات سوريا الديمقراطية 129 عملية، أسفرت عن قتل 19 من عناصر التنظيم بينهم 1 امرأة، وإصابة 3 آخرين، بالإضافة لاعتقال 603 متهماً بالعمل مع “داعش”، ومن بين هذه العمليات، 60 عملية نفذتها قسد بالتعاون مع التحالف الدولي، تضمّنت 9 منها إنزالاً جوياً، كما نفذ التحالف الدولي 16 عملية، قتل فيها 9 عناصر للتنظيم واعتقل 19 عنصراً.

ونفّذ عناصر “داعش”، خلال شهر كانون الثاني/يناير من هذا العام، ما لا يقل عن 57 هجوماً، تبنى التنظيم 43 منها عبر معرفاته على الإنترنت، واستهدفت 4 من هذه الهجمات المدنيين، و34 هجمة ضد قوات سوريا الديمقراطية، و13ضد قوات حكومة دمشق، و5 ضد الفصائل الموالية لإيران و1 ضد المجموعات المحلية في درعا.

والمدن التي تعرضت للهجمات مدينة دير الزور حيث بلغ عددها 36 هجمة، وفي حمص بلغ عددها 9 هجمات، وفي الحسكة 5 هجمات وفي كل من الرقة ومنبج 3 هجمات وفي درعا هجمة واحدة.

وقتل التنظيم 86 شخصاً وهم 56 من قوات الحكومة و17 من قوات سوريا الدمقراطية و5 من عناصر موالية لإيران و1 من المجموعات المحلية في درعا و7 رجال مدنيين، وذلك حسب إحصائيات لقسم الرصد والتوثيق في نورث برس.

تحرير: معاذ المحمد