النازحون نحو الشمال يفترشون العراء نتيجة استغلال تجار الأزمات

إدلب – مصطفى عبيد – NPA
“أسعار إيجار مرتفعة للمنازل وحتى الخيم” اختزال لمأساة النازحين الجديدة، بعد أيام قليلة من نزوحهم من قراهم وبلداتهم في ريفي إدلب وحماة، نتيجة القصف وهجمات القوات الحكومية السورية.
إذ أن النازحين من شمال غرب محافظة حماة والريف الجنوبي لإدلب، نحو الشمال السوري، ممن فروا من المعارك الدائرة في مناطقهم بين قوات المعارضة المسلحة والقوات الحكومية السورية، يعانون من استغلال مالكي المنازل لحاجتهم، عبر رفع الإيجارات، ليأتي المسؤولون عن المخيمات ويزيدوا الطين بلَّة عبر رفع إيجار الخيم أيضاً.
هذا الاستغلال دفع السكان لافتراش العراء بين أحراش الزيتون، متعلقين بآمال العودة السريعة إلى قراهم وبلداتهم، في الوقت الذي شهد فيه الشمال السوري، ضغطاً كبيراً تمثّل بنزوح نحو /460/ ألف شخص من إدلب وحماة، منذ مطلع شهر شباط / فبراير من العام 2019.
تجَّار الأزمات
مراسل “نورث برس” تجوَّل في أجزاء من الشمال السوري، حيث مناطق النزوح، والتقى بعدد منهم، للوقوف على مأساتهم، إذ تحدث عماد الصافي وهو نازح من ريف حماة، عن نزوحهم “من موت إلى موت مع اختلاف الطريقة”، فمن “الموت بسبب القصف نزحنا نحو موت من نوع آخر، ألا وهو استغلال أصحاب البيوت والمكاتب العقارية ومسؤولي المخيمات لنا.”
وأضاف الصافي: “عند ذهابي للبحث عن منزل لتقطنه عائلتي المكوّنة من سبعة أشخاص، وجدت أن إيجار المنزل، وبحسب عدد الغرف والنظافة، يتراوح بين /30/ ألف ليرة سورية و/150 ألف ليرة/، وهذا ما لا طاقة لي به، مثلي كمثل الكثير من النازحين، الذين خرجوا فارين من هول القصف”.
وزاد الصافي شهادته عن معاناته، عبر الحديث عن افتراشه مع عائلته للعراء تحت أشجار الزيتون في الشمال السوري، لعدم امتلاكه حتى ولو جزءاً بسيطاً من إيجار المنزل، واصفاً مالكي المنازل بـ “تجّار الأزمات”، ومضيفاً “لا قوات النظام رحمتنا وبقينا في منازلنا، ولا مالكو المنازل في الشمال رحمونا من الاستغلال.”
خيم للإيجار.. “استغلال جديد”
فيما أدى حمزة العبد بدلوه في الحديث عن الاستغلال، متحدثاً لمراسل “نورث برس” عن بحثه في مخيم بالشمال السوري، عن خيمة له ولعائلته المؤلفة من /5/ أشخاص، وصعقه سعر إيجار الخيمة، الذي تجاوز /50/ ألف ليرة سورية، لافتاً إلى أن سعرها قبل موجة النزوح الأخيرة كان نحو /25/ ألف ليرة.
وأضاف العبد: “اضطررت مع عائلتي لافتراش العراء في أحراش الزيتون، نتيجة استغلال مالكي المنازل، في شهر رمضان المبارك.”
مقصد النازحين لا يغيثهم
مناطق ريف إدلب الشمالي والتي تعد آمنة، ومقصداً للنازحين، تحولت لوجهة صدمة لهم، من غلاء الإيجارات للمنازل والخيام على حد سواء، فضلاً عن أن شمال إدلب، بات ممراً لعبور النازحين نحو مناطق سيطرة قوات غصن الزيتون وقوات درع الفرات المدعومتين من تركيا، فيما بات من لا يملك ثمن الإيجار، مشرداً بين أحراش الزيتون وعراء الشمال.
كما رصد مراسل “نورث برس” استغلال ما وصفه نازحون آخرون بـ”التجار ضعاف النفوس”، لحاجة النازحين إلى السكن، ليثير استغلالهم هذا ردود أفعال غاضبة من ناشطين ومهجَّرين ونازحين، في الوقت الذي تغيب فيه المجالس المحلية عن ضبط عملية الاستغلال هذه، التي تترافق مع عجز المنظمات الدولية والإقليمية وحتى المحلية منها، عن سد حاجة السكان النازحين ممن تتردى أوضاعهم يوماً بعد الآخر مع تناقص ما يتوفر لديهم من مال وحاجيات أساسية تمكنوا من اصطحابها معهم خلال فرارهم.
فيما كان مدير فريق منسقو الاستجابة زوَّد “نورث برس” أمس الاثنين، بالإحصائية الأخيرة للنازحين خلال /3/ حملات عسكرية نفذتها القوات الحكومية السورية، منذ تشرين الأول / أكتوبر من العام 2018، وبلغت نحو /540/ ألف شخص، فيما بلغ تعداد النازحين في الحملة الأخيرة منذ بداية شباط / فبراير وحتى اليوم، قرابة /458779/ نسمة.
ولا تزال أعداد النازحين في تزايد، وسط ظروف إنسانية ومعيشية صعبة، يعاني منها النازحون، نتيجة تراجع الخدمات المقدمة من قبل الجهات الإغاثية والإنسانية، ونتيجة العواصف المطرية التي ضربت مخيمات الشمال السوري مؤخراً منذ نهاية العام 2018.