بعد سبع سنوات من سيطرة الحكومة.. إهمال لأحياء في حلب أشبه بفترة الحصار
آردو جويد -حلب
بعد مرور سبع سنوات على سيطرة الحكومة السورية على حلب، إلا أنها وفي هذه الذكرى لاتزال تشهد معظم أحيائها دماراً وإهمالاً، يعيد لذاكرة من عاد إليها من سكانها، الحصار الذي عاشته المحافظة خلال سيطرة الفصائل المسلحة عليها.
في أواخر عام 2012، اندلعت معارك في أحياء المدينة بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة، وبعد أن تعرضت المدينة للقصف المتواصل بواسطة البراميل والحاويات المتفجرة من المروحيات الحربية، لم يتبقَ سوى الأنقاض وسكان يعيشون حياة ضنكة ضمنها.
وعلى الرغم من أن المدينة عادت إلى سيطرة الحكومة في أواخر عام 2016، إلا أن الأحياء الشرقية والقديمة لا تزال تعاني من آثار الحرب والتدمير.
المدينة التي تضم نحو أكثر من 22 حي متضرر من الحرب يسكنها كثافة تصل في كل حي إلى 60 ألف نسمة، يعيشون أصعب مراحل حياتهم بعد إعادة سيطرة الحكومة ونقص مقومات الحياة الأساسية من رفع أنقاض وتعبيد طرق.
“تحرير مصطنع”
بنفس من الاستهزاء والاستنكار، يصف إبراهيم الحلبي، وهو اسم مستعار لفني يعمل ضمن إحدى الجمعيات التي ترعى التراث اللامادي في حلب، حال المدينة مع العام السابع لسيطرة القوات الحكومية عليها.
ويقول لنورث برس: “الحكومة تتجاهل الدمار الحاصل في حلب، وتتبع سياسة الإهمال المتعمد تجاه معظم أحيائها”.
ويضيف “الحلبي”: “الإدارة السياسية والعسكرية للحكومة السورية قررت تهجير السكان من الأحياء الشرقية وكان من بين أشد الآثار السلبية على عودة الأحياء الى ما كانت عليه قبل الاحتجاجات بسبب تغير التركيبة السكانية التي أتت بها الاتفاقيات التي نقلت سكاناً من قرى أرياف إدلب، كفريا والفوعة ذات الطابع الشيعي”.
ويشير إلى أن هذه الإجراءات، انعكست على إعادة الإعمار للمباني المهدمة، التي ستأخذ مجالاً طويل الأمد، بعد ما اضطر الكثير من السكان الأصليين للسفر من أجل العثور على مأوى آخر.
وعلى الرغم من المحاولات الجادة لإعادة إعمار المدينة، إلا أن القرارات الحكومية كانت ضد من أراد ترحيل الأنقاض وإعادة بناء المباني كونها خارج التنظيم الإداري وتعتبر أرضاً زراعية في مخططات البلدية.
وبحسب “الحلبي”، فإن “الحكومة عملت دون دعم أو فتح أي مشاريع حيوية من شأنها إعادة الحياة بعدم توفر الكهرباء بعد سبع سنوات من خروج مسلحي المعارضة”.
وفي ظل تأثير الحرب الطويلة التي شهدتها أحياء وأسواق وسكان حلب، والتي تسببت بتدمير العديد من المباني الحكومية والتجارية والبنية التحتية، “فلا يزال الكثير من الأحياء في المدينة تعاني من غياب الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي”.
ويضيف “الحلبي”: “الحكومة لم تكن تعطي أي اهتمام لإعادة إعمار الأحياء المدمرة وتوفير الخدمات الضرورية لسكانها”.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل بعض المنظمات الإنسانية والمحلية لتقديم المساعدة في إعادة تحسين الوضع المعيشي، “تأتي قرارات عكسية من الحكومة المحلية جعلت من الصعب تحقيق أي تقدم فعلي في هذا الصدد”، بحسب المراقب الفني.
إهمال ضمن المخطط
وأشار المراقب إلى أن إهمال الحكومة المحلية لحلب “يعكس نقص الاهتمام والتخطيط الاقتصادي الشامل من قبل الحكومة”. فمنذ استعادتها المدينة، تم تجاهل حاجات سكانها وانشغالها في الأولويات الأخرى.
وأضاف: “من تلك الأولويات، تعبيد الطرقات وصرف المليارات من الليرة السورية سنوية ضمن مشاريع وهمية لم يجد لها السكان أي تأثير إيجابي في حياتهم وخاصة في الأحياء غير المتضررة من الحرب في الجهة الغربية، ما تسبب في تراكم المشاكل الاقتصادية والبيئية”.
وآثار الدمار الذي لا يزال واضحا في أحياء حلب الشرقية، ينذر بأزمة إنسانية حقيقية، مع تراكم الأنقاض والمباني المهدمة التي تشكل خطراً بعد عدة انهيارات لمبانٍ راح ضحيتها سكان، بالإضافة للزلزال المدمر في السادس من شباط / فبراير عام 2023.
ونتيجة الزلزال توصلت اللجان الفنية المعمارية، لضرورة وجوب هدم عشرات المباني التي تركتها الحكومة خطراً على حياة السكان وتعيق عمليات الإعمار والتنمية.