“الترحال أو الخيم”.. هجرة طلاب المدارس المتضررة في اللاذقية بعد أشهر على الزلزال

ليلى الغريب ـ اللاذقية

مضت تسعة أشهر على زلزال 6 شباط/ فبراير الذي ضرب تركيا وأجزاء من سوريا من بينها اللاذقية وحلب، وما زالت أكثر المدارس المتضررة على حالها.

أمر فرض اتخاذ إجراءات مرهقة للطلاب وللكادر التدريسي مثل استخدام الخيم، حيث لجأ الجهاز الإداري إلى نصب الخيم أمام مدارس متضررة في اللاذقية، لاستمرار العملية التدريسية.

ولهذا الإجراء مشاكل كثيرة، سواء بسبب الحر صيفاً، أو البرد القارس شتاء في مناطق كأرياف محافظة اللاذقية.

وعمدت بعض الإدارات إلى نقل الطلاب من قرية إلى أخرى، بصرف النظر عن المسافات الفاصلة بين القريتين، عند تعذر نصب الخيم أو الحصول على غرف مسبقة الصنع.

ورغم كل الاجتماعات الحكومية والدراسات والإعانات للمناطق المتضررة من الزلزال، بدأ العام الدراسي وما زالت تلك المدارس على حالها.

من نقطة الصفر

كل ما تم إنجازه في الكثير من الحالات، هو الاعتماد على غرف مسبقة الصنع وصلت إلى سوريا من تبرعات الصين، مع تأكيد الذين استخدموها أنها “صغيرة لا تتسع لشعبة صفية، كما أنها غير مجهزة بالكهرباء، ولذلك تصبح مظلمة بالنسبة لطلاب الفترة المسائية”.

وبعد مرور كل هذا الوقت، خرج  أحد المعنيين في محافظة اللاذقية، ليقول في أحد تصريحاته الحديثة إنه “سيتم قريباً تكليف الوحدة الهندسية في جامعة تشرين لإعداد إضبارة بدراسة تفصيلية للتدعيم والتنفيذ، والتعاقد أصولاً”.

تبين إحصاءات وزارة التربية أن عدد المدارس المتضررة في عموم المناطق التي طالها الزلزال تصل إلى 5500 مدرسة منها 300 مدرسة في محافظة اللاذقية.

وهذا العدد من المدارس المتضررة لم يرمم نصفه، حسب تصريحات مدير تربية اللاذقية عمران أبو خليل، الذي بين أنه جرى تدعيم 65 مدرسة، وترميم ما يقارب من 100 أخرى.

وأضاف أن المنظمات الدولية كلها لم ترمم سوى 16 مدرسة، 10 منها لم يتم تسليمها للمحافظة حتى الآن.

وفي حزيران/ يونيو الماضي، تكفل الهلال الأحمر الإماراتي، بصيانة وتأهيل 40 مدرسة تضررت جراء الزلزال موزعة على مناطق في محافظة اللاذقية غربي سوريا، وبقيمة 10 مليارات ليرة سورية.

خيام كالرحالة

ولتلافي هذا الحال والتعامل مع الواقع، نصبت أمام المدارس خيام تم الحصول عليها من “اليونسيف”، لتستمر العملية التدريسية، وصار على الطلاب في قرية عين غنام  في ريف جبلة مثلاً، التي تتميز بانخفاض درجات الحرارة فيها إلى الصفر في المنخفضات الجوية، أن يعيشوا تقلبات الطقس ضمن تلك الخيام، خاصة أن محاولة تركيب غرف مسبقة الصنع باءت بالفشل حسب تأكيد تربية اللاذقية، وأنهم يعملون على نقل الطلاب إلى بيت مستأجر.

هذا الحال لا يقتصر على تلك المدرسة، بل هنالك 700 طالب في مدرسة بقرية أخرى في ريف اللاذقية، نصبت لهم ثمانية خيام أمام مدرستهم، و6 غرف مسبقة الصنع غير منارة، وصغيرة إلى حد أنها لا تتسع لطلاب الشعبة الصفية الواحدة. ورغم  مواصفاتها هذه إلا أن الغرف غير متاحة لجميع طالبيها من إدارات المدارس.

ويشدد طلاب يتابعون تحصيلهم الدراسي في هذه الأماكن أن معدل الاستيعاب والفهم “منخفض للغاية” بسبب صعوبة التركيز والمتابعة في هذه الخيم. وبسبب الضجيج الذي يصدر عن تحريك الهواء للخيام من جهة وأصوات الضجيج المسموعة بين الصفوف، لأن الفواصل بين الخيم لا تكتم الأصوات.

وبين أحد الطلاب، أن هذا يفرض على من يود متابعة تحصيله العلمي الاعتماد على الدروس الخصوصية أكثر، لأن هنالك الكثير من الطلاب يذهبون يوماً في الأسبوع ويرتاحون بعده لأيام، لأن الوضع المدرسي لا يشجع، ويضيع وقتهم دون جدوى.

خيارات محدودة

ومن الخيارات الأخرى التي لجأت إليها مديرية التربية في المحافظة أيضاً، نقل الطلاب من مدارسهم المتضررة إلى مدارس أخرى.

وكان لهذا الإجراء الكثير من المشاكل أيضاً، بسبب المسافات التي يفترض عليهم قطعها للوصول إلى المدارس، كحال طلاب مدرسة في كلماخو بريف اللاذقية، الذين يذهبون إلى قرية أخرى تسمى دبيقة، ليدرسوا في مدارسها، رغم أن المسافة بينهما لا تقل عن 5 كم، وعلى 300 طالب أن يقطعوا هذا “الماراثون” اليومي.

ومحمد علي وهو اسم مستعار لوالدٍ لطفلين أحدهما في الصف الأول الابتدائي، والثاني في المرحلة الثانوية، وصف الوضع لنورث برس بـ”غير طبيعي”، لأن ابنه في الصف الأول لا طاقة له على المشي كل هذه المسافة الطويلة يومياً ذهاباً وإياباً.

وأضاف أنه لا يستطيع تأمين مواصلات لنقل كل منهما مرتين يومياً، لأن مواعيد الدوام مختلفة، وكذلك لا يستطيع أن يتحمل تكاليف الدروس الخصوصية، ويخشى أن يعجز عن تدريس أبنائه مع البطء في إيجاد حلول لهذه المدارس المتضررة.

مسؤوليتهم

وتعبيراً عن الاستياء من هذا الواقع، حمّل أحد العاملين في مديرية تربية اللاذقية مسؤولية الوضع الذي وصلت إليه الأمور إلى محافظة اللاذقية والمحافظ، وذلك لأن أحداً لم يسعَ إلى تجهيز المدارس قبل بداية العام الدراسي، وبيّن أن مديرية التربية في المحافظة أعدت القوائم الكاملة لوضع المدارس، لكن لم يكن هنالك أي استجابة من قبل محافظة اللاذقية لترميم المدارس المتضررة.

تحرير: تيسير محمد