فادي الحسين – منبج
يتذمر جمال من النقص الذي يصفه بـ “الكبير” في احتياجات المزارعين ومتطلباتهم، مع بداية زراعة الموسم الشتوية، يؤثر النقص على المزارع وأقرانه.
يقول جمال العلي (59 عاماً) مزارع من قرية مقطع حجر صغير في ريف منبج، إن الاحتياجات كبيرة بالنسبة للمزارعين للبدء بالموسم الشتوي، حيث يحتاج وأقرانه لمادة المازوت لحراثة أراضيهم.
يعاني المزارعون في منبج، شمالي سوريا، من نقص الدعم لقطاع الزراعة لا سيما بالمحروقات، الأمر الذي تسبب بعزوف مزارعين عن زراعة أراضيهم.
يحتاج “العلي” لمادة المازوت في حراثة أرضه، حيث تستهلك الجرارات كمية كبيرة من المادة لتجهيز الأرض وزراعتها بموسم القمح.
ويضيف لنورث برس، أن الأمر لا يقتصر على عدم توفر مادة المازوت، وارتفاع تكاليف الحراثة نتيجة شراء المادة من السوق السوداء، حيث يعاني المزارعون من ارتفاع أسعار البذار والأسمدة.
ويصل سعر مادة المازوت في السوق السوداء إلى 5 آلاف ليرة لليتر الواحد، ونتيجة ذلك ارتفعت أجرة حراثة الهكتار الواحد إلى 500 ألف ليرة، “الفلاح الذي لا يمتلك، استطاع زرع نصف أرضه وأجّر النصف الآخر أو تركه بوراً من الغلاء”، يقول “العلي”.
مبالغ باهظة
وتتطلب الزراعة في منبج مبالغ باهظة للحراثة والبذور والأسمدة والمبيدات، وجميعها مرتبطة بالدولار الأمريكي، بالإضافة إلى المحروقات التي ارتفعت أسعار بعضها بنسبة أكثر من مئة بالمئة بقرار صدر من الإدارة الذاتية.
ومنتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، رفعت الإدارة الذاتية أسعار المحروقات لقطاعات محددة استثنت منها الزراعة، بنسبة بلغت نحو 400%. وأثار القرار احتجاجات ومطالبات بالتراجع عنه، بينما قالت الإدارة إن الرفع الذي لم يطل الخدمات الأساسية “اضطراري”.
ولم تسلم الإدارة الذاتية في منبج لمزارعين مادة المازوت المخصصة لهم، لذا يضطر بعضهم لشرائه من السوق السوداء، وفق مزارعين.
ويعجز مزارعون عن شراء المازوت من السوق السوداء بسعر 5 آلاف ليرة للتر الواحد، ما يزيد من معاناة مزارعي المنطقة، وتُضاف لذلك كلفة الحراثة والبذور والأسمدة.
ويشتكي “العلي” ومزارعون في منبج من ارتفاع كلفة ترخيص أراضيهم، إذ تكلّفهم الرخصة 350 ألف ليرة، بالنسبة للأراضي المروية، ويقول إنها “أصبحت عبئاً كبيراً عليه”.
ويطالب المزارع بدعم الزراعة من ناحية الأسمدة والبذار، إذ إنها أصبحت مفقودة لديهم، لا سيما الأراضي البعلية.
ويشكو عقيل الزامن (42 عاماً)، وهو مزارع من قرية محترق كبير، من ارتفاع سعر الشعير وأجور الحراثة، وغالبية مستلزمات الزراعة للموسم الشتوي.
ويعاني المزارع “انعدام الدعم” للزراعة البعلية، حيث يمتلك 7 هكتارات يزرعها بالشعير تكلفه حراثتها نحو 3 ملايين ليرة، بالإضافة لنحو 2 طن من البذار، يبلغ سعره 300 دولار للطن الواحد.
يقول “الزامن”، لنورث برس، إن سعر طن الشعير في موسمه وصل إلى 150 دولاراً، بينما وصل في الوقت الحالي إلى 300 دولار، ويصف زراعته بـ “المخاطرة” لأن الإدارة الذاتية لم تستلم محصول الشعير في الموسم الماضي، كما أنه لا يستطيع معرفة إذا ما كانت الأمطار هذا العام ستهطل كما العام الماضي.
تهديدات
وتهدد قلة دعم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بمادة المازوت، مزارعي القمح والشعير، بـفشل الموسم وتقلص في المساحات المزروعة، بعد أن تراجع الدعم خلال الفترة الماضية.
ولا يختلف حال عبود المصطفى (41 عاماً) وهو مزارع من قرية محترق كبير، عن سابقيه، فهو يواجه ارتفاع تكاليف حراثة أرضه البعلية البالغة 12 هكتاراً، حيث يشتري المازوت من السوق السوداء.
وبسبب ارتفاع أسعار مادة المازوت، يرفع أصحاب جرارات أجرة الحراثة، حيث يعاني هؤلاء من غياب الدعم لجراراتهم بالمادة.
ويرى “المصطفى” أن ارتفاع التكاليف زاد من معاناة المزارعين، لذا عزف مزارعون عن زراعة أراضيهم، واضطر بعضهم لتأجيرها.
وفي ظل ارتفاع تكاليف زراعة القمح، من أجور حراثة وأسمدة وبذور ومبيدات، وأيدي عاملة، بالإضافة للمناخ، بدأ الكثير من المزارعين يتخوفون من الزراعة، ويفكرون بتركها.