بعد فشل المحاصيل الموسمية.. زراعة النعناع تنتشر في الرقة

الرقة – نورث برس

بحث بندر عن زراعة أخرى تعوضه عن خسائره بالمزروعات الموسمية في كل عام، كانت الخسارة الأخيرة للرجل بموسم الذرة في العام الماضي. اتجه الرجل بعدها لزراعة أرضه بالنعناع.

بندر السيد (28 عاماً)، وهو من سكان قرية رطلة جنوبي مدينة الرقة، شمالي سوريا، يقول لنورث برس، إن “خسارة فادحة” مُنّي بها بموسم الذرة الصفراء، جعلته يزرع كامل أرضه بالنعناع، وعزف عن زراعة المحاصيل الموسمية.

تشهد الزراعة في الرقة توجهاً جديداً، نحو زراعة الخضار والحشائش لا سيما النعناع الأخضر، بسبب قلة تكاليفها ومردودها الجيد مقارنة بالمحاصيل الموسمية كـ القطن والقمح والذرة الصفراء.

يضيف “السيد”، أن قلة الدعم للزراعة من قبل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وعدم التزامها بشراء المحاصيل من المزارعين؛ “كان له دور كبير بالاتجاه لزراعة ذات إنتاج دائم خلال العام واستهلاك يومي”.

كما باتت المحاصيل الموسمية مُكلفة بالنسبة للمزارعين، من شراء البذور والأسمدة والحراثة؛ والتي يدفع المزارعون ثمنها بالدولار الأمريكي، بينما تُباع سلعهم بالليرة السورية، أو تكسد، وفقاً للمزارع.

وتسبب انهيار قيمة الليرة السورية بخسائر كبير للمزارعين، بسبب فوارق في سعر الصرف وتدهور مستمر في قيمة العملة المحلية.

وبعد كساد محصول “السيد”، والأمر لا يقتصر عليها، عمد وأقرانه للمزروعات الخضرية التي باتت تنتشر في الرقة بشكل كبير، على حساب المحاصيل الموسمية التي انحسرت مساحاتها لا سيما في منطقة الكسرات جنوبي الرقة.

ويعود سبب اتجاه المزارعين لتلك الزراعات، لارتفاع مدخولها، وقلّة تكاليفها، حيث يُزرع النعناع لمرة واحدة كل ثلاثة أعوام في الحد الأدنى، ويجني المزارعون منه 5 مرات في كل عام.

يبلغ إنتاج الدونم الواحد من النعناع في كل مرة 200 كيلو غرام وسطياً، ويُباع الكيلو بأكثر من دولار.

وإلى جانب المزروعات الخضرية انتشرت زراعة الأشجار المثمرة بشكل كبير في الرقة، حيث غطت ما يقارب 50 بالمئة تقريباً من مساحة الأراضي الزراعية في منطقة الكسرات، لكن “السيد” يقول إن موسم النعناع أفضل من غيره.

وتسبب انتشار الآفات الزراعية وارتفاع تكاليف المحاصيل الموسمية لا سيما التكثيفية منها، بعزوف مزارعين عن الزراعة.

وكما سابقه، اتجه فيصل الدرويش (30 عاماً)، وهو مزارع من سكان قرية كسرة شيخ الجمعة، جنوبي الرقة، لزراعة النعناع، يقول إن ما دفعه لذلك، “إنتاجيته وقلة التكاليف، وبيع المادة بالدولار الأمريكي”.

“الدرويش” يملك أرضاً تبلغ مساحتها 50 دونماً زرع نصفها أشجاراً مثمرة، والنصف الآخر بات يجهز لزراعته بالنعناع.

وتبدأ زراعة النعناع بين شهري تشرين الثاني/ نوفمبر، وآذار/ مارس من كل عام، ويزرع لمرة واحدة، حيث يدوم لأكثر من 3 سنوات.

حيث ينثر المزارعون الجذور في الأرض ويسقونها لتنمو، وتعتبر زراعة النعناع بالجذور أنجح من زراعته بالبذور التي قد تطول قليلاً.

وتعتبر إنتاجية النعناع مستقرة، حيث ترتبط بالدولار الأمريكي، ويقدّر “الدرويش” إنتاج الدونم الواحد بين 800-1000 دولار أمريكي.

ويوافق فيصل الفيصل (35 عاماً)، وهو من سكان قرية فخيخة جنوبي الرقة، في أن زراعة النعناع لا تحتاج للكثير من مياه لري.

وباتت قلّة مياه الري تهدد المحاصيل الموسمية؛ بسبب انخفاض منسوب نهر الفرات، وتراجع ساعات تشغيل محطات الري، حيث تحبس تركيا مياه النهر منذ شباط/ فبراير 2020.

يقول “الفيصل” لنورث برس، إن زراعة النعناع تكلف المزارع ثمن الجذور، وحراثة الأرض لمرة واحدة كل أربع أو ثلاث سنوات.

ويضيف، أن المزارع يستطيع نقل الجذور من أرض لأخرى، إذ يشتريها لمرة واحدة، كما أن النعناع لا يحتاج للكثير من السماد، إذ يعاني المزارعون من ارتفاع أسعاره فضلاً عن عدم الثقة بجودته.

وبعد زراعة النعناع، يقطفه المزارعون كل أربعين يوماً عن طريق آلات يدوية، ويفرشونه في الأرض لمدة ثلاثة إلى أربعة أيام، ويطحنونه بطرق بدائية عن طريق سيارات ثقيلة أو جرارات زراعية، ثم يغربلونه ويضعونه بأكياس قبل بيعيه لتجّار محليين.

تحرير: أحمد عثمان