بعد رفع الإسمنت بأكثر من ضعفين.. سوريون يدعون للعيش في الخيام

ليلى الغريب ـ دمشق

في قرار واحد ارتفع سعر طن الإسمنت بنسبة تجاوزت 251% في بلد أكثر من نصفه مهدم ويحتاج لإعادة إعمار.

قرار وزارة التجارة الداخلية في الحكومة السورية، نصَّ على رفع سعر طن الإسمنت من 700 ألف ليرة إلى مليون و760 ألف ليرة.

واللافت دائماً هو في المبررات التي تذكر مع هذا النوع من القرارات، حيث عقبت وزارة التجارة الداخلية على القرار بالتأكيد على أنه كونها الجهة المخولة بتحديد الأسعار، استجابت لطلب وزارة الصناعة برفع السعر، وذلك  لعدم خسارة معامل الإسمنت.

العودة للخيم

هذا القرار آثار الكثير من ردود الأفعال، فهنالك من عقب على الأمر بالقول، إن “راتب الموظف لا يشتري أكثر من كيس ونصف إسمنت، مع ما يحتاجه من مواد أخرى ( بحص رمل)”.

وتساءل آخرون، فيما إذا كانت تمت دراسة آثار هذا القرار على بلد أغلبه مدمر ويحتاج إعادة اعمار، وفيما إذا كانوا يعلمون أن هذا الرفع الكبير، يعني دعوة للناس للعودة إلى الخيم؟!  

لم تتوقف قرارات رفع سعر الإسمنت، فخلال العامين الأخيرين ارتفعت أسعار الإسمنت 6 مرات منذ شهر آب/ أغسطس من عام 2020، وفي هذا العام تم رفع سعر الطن مرتين الأولى في الشهر الخامس من هذا العام حيث تم رفع السعر بنسبة وصلت إلى 76%.

ويشير صحفي مختص بالشأن الاقتصادي، لنورث برس، إلى أن رفع سعر الإسمنت يضاعف متاعب الحياة عند السوريين، لأنه سيزيد من جمود قطاع العقارات، وسيترافق بارتفاع جديد في أسعارها المرتفعة أصلاً، والتي أكلت كل مدخرات السوريين الذين اضطروا للسكن بالإيجار بعدما تهدمت بيوتهم.

ويضيف، أن هنالك ارتفاع كبير بأسعار الإيجارات حتى في مناطق المخالفات لا يقل أجر البيت مهما كان سيئاً عن 400 ألف ليرة، ويتجاوز الملايين في المناطق الأفضل، وكذلك الحال مع الشراء حيث سجلت أسعار بعض المنازل في دمشق مبلغ 22 مليار ليرة،  لتسجل بذلك أرقاماً أعلى من مثيلاتها في دولة كفرنسا ونيويورك، حسب الإعلامي.

ولتعليقه على هذا القرار يقول الخبير العقاري فيصل الأحمد، لنورث برس، إن “رفع سعر الإسمنت يعني  رفع أسعار كل المواد الداخلة في البناء والكسوة مثل البلاط والباطون والبلوك والسيراميك وغيرها”.

وإن  هذه الزيادة، ليست الأولى لكنها “الأكبر”، والفكرة أنها “لم تأت بسبب ازدياد الطلب على المادة، لتبرير ذلك الإجراء، بل جاءت في وقت يشهد فيه قطاع العقارات جموداً منذ سنوات تساهم فيه عدة عوامل أهمها ارتفاع تكاليف البناء بنسب عالية جداً، فسعر طن الحديد يتجاوز 10 ملايين ليرة”.

يزيد الحاجة

وأضاف “الأحمد” أن ذلك السعر في الواقع “سيرتفع أكثر”، إذ إنه “وكما يحدث دوماً في حالات مماثلة لجميع السلع التي تعلن الحكومة أسعاراً رسمية لها، فإن ذلك السعر ورغم ارتفاعه لن يكون في المتناول لأن تقنين توزيع المادة سيزيد الحاجة إلى الاعتماد على السوق السوداء (وهو ما يعرف بخارج الرخصة في حالة الإسمنت)، وهناك سترتفع الأسعار أكثر، وبالتالي فإن سعر الإسمنت سيتجاوز مليوني ليرة على أرض الواقع، ومبرر التجار جاهز: ارتفع السعر الرسمي”.

وحسب رأيه، أن الحكومة ترفع الأسعار دون أي اعتبار للقدرة الشرائية في البلاد، وهي تتعامل بمنطق الربح والخسارة فقط، فرفع الأسعار يترافق دوماً مع الإعلان عن أن ارتفاع التكاليف هو السبب في رفع الأسعار، والزيادة الأخيرة هي الثالثة خلال أقل من 6 أشهر ففي حزيران/ يونيو الماضي، رفعت سعر الإسمنت بنحو 75 في المئة، ثم رفعته لنحو مئة في المئة في شهر آب/ أغسطس، واليوم ترتفع بأكثر من 250 في المئة.

كل ذلك سيعمق أزمة السكن في البلاد، ويزيد من أسعار العقارات وحالة الجمود في الوقت ذاته، لأن أحداً لن يبيع بأسعار أقل من التكلفة الحالية، حتى لو بقي العقار سنوات دون أن يجد من يشتريه.

تحرير: تيسير محمد