المرأة في انتفاضة السويداء.. ظهور بفاعلية مؤثرة بعد أن غيبها “التخلف”
عمر الشريف ـ السويداء
ترى الناشطة السياسية والحقوقية، راقية الشاعر، أن المرأة كانت المتضرر الأكبر مما حدث في سوريا، فهي أكثر الخاسرين، إذ فقدت ابنها أو هاجر وفقدت زوجها وأبيها، هي من حملت العبء الأكبر ، واضطرت للخروج لسوق العمل لتعيل أسرتها.
وتضيف لنورث برس: “المرآة هي كانت الحاضر الغائب في الأحداث التي جرت في سوريا. وفي السويداء، قررت المرأة أن تأخذ دورها السياسي، رغم أنها لم تغب عن الساحة منذ بداية الثورة”.
ولكن في هذه “الانتفاضة”، كما أسمتها “الشاعر”، برز دور المرأة السياسي الحقيقي، فقررت الخروج ومشاركة الرجل جنباً إلى جنب، وتعددت المظاهر التي شاركت فيها المرأة في هذه الانتفاضة، بالأهازيج واللباس التقليدي والتعبير بكافة الوسائل المتاحة حتى توصل صوتها لكل العالم بأنها موجودة وترفض أن يسافر ابنها، مطالبة بحقوقها في العيش الكريم في هذا البلد وتأمين مستقبل أولادها”.
وتشارك المرأة جنباً إلى جنب مع الرجل في الاحتجاجات التي لا تزال مستمرة في السويداء منذ أكثر من شهرين، وسط مطالبات بإسقاط “النظام”، وتطبيق القرار الأممي 2254.
دوافع المشاركة
لا يخفى على أحد الطبيعة المتحررة للمجتمع في السويداء، وأن المرأة لها مكانتها المرموقة اجتماعياً ودينياً. وهذا وضع المرأة امام تحديات يصعب تحملها فهي جزء من هذا المجتمع لها ما له وعليها ما عليه.
وعانت المرأة من التضييق الاقتصادي الممنهج وحرمت من التعليم في بعض الأحيان بسبب الأوضاع الأمنية داخل السويداء أو خارجها والكثير الكثير من المنغصات التي يعيشها أي مواطن سوري في المناطق التي تسيطر عليها حكومة دمشق.
لكن الحمل مضاعف على المرأة التي استشعرت خطراً وجودياً، فهي الأم والأخت والابنة والزوجة، فمن الصعب عليها أن ترى وطناً يفرغ من شبابه الذين أضحوا بين مطلوب لخدمة العلم مكبل اليدين أو ضحية لعصابات المخدرات والممنوعات أو حبيس الاكتئاب والغم أو مهجر أو نازح أو مغيب في سجون الحكومة .
فكان لسان حال كل مرأة “من حقي أن أعيش مع زوجي حياة كريمة دون فقر في بيت واحد مع أبنائنا دون الحاجة للهجرة إلى بلدان أخرى، وطني يستحق أن أربي أبنائي به ليخدموه ويبنوه ويتنعموا بثرواته لا أن يبنوا أوطانا غريبة ويتنعم القلة والغرباء بنعيم ثروات الوطن”، بحسب ما قالته الناشطة ريما عزام.
وتضيف لنورث برس: “أنا سيدة خرجت بهذا الحراك من اليوم الأول من وسط بيئة قاسية، سأتكلم عن محيطي من أقربائي وجيراني الذين بغالبيتهم إما مهجرين أو معتقلين أو شهداء فنحن الأمهات خرجنا لنقول نريد مستقبلاً أفضل لأبنائنا”.
وتقول أيضاً: “نحن لا ننجب أبناءنا ونربيهم ليكبروا ويهاجروا أو يختفوا في غياهب سجون النظام فنحن نولد في وطن كي نبقى به ونبنيه لا أن نهجر منه ونبني أوطانا أخرى هي ليست لنا” .
وتشدد الناشطة ريما عزام، على مطالب المحتجين بتطبيق القرار الأممي 2254 على أرض الواقع، وعلى موقف الحراك “بوحدة سوريا ورفض الذل والاستعمار وخروج كافة القوى الأجنبية من الأراضي السورية”.
وتشير إلى أن الوسائل السلمية هي “السبيل لنيل الحرية لكافة أبناء الوطن سوريا. الوطن أحق بعقول أبنائنا” .
ما التغيير الذي أحدثته مشاركة المرأة ؟
إن وجود النساء في الاحتجاجات وما أبدعه العنصر الأنثوي، لا يقتصر على منفعة واحدة للحراك بل يتعدى إلى منافع كثيرة ففي الاستمرارية والتزايد بأعداد المحتجين في الساحات كان وجود النساء يضع الرماديين المتخوفين في حرج كبير تحت فكرة “كيف لمرأة في مجتمع شرقي أن تتجرأ على السلطة وبعض الرجال خائفين؟ بالإضافة لتحفيزها جميع المشاركين على الثبات والاستمرار، بل وتعدت لمرحلة زيادة حدة الهتافات والأغاني.
ومن ناحية أخرى ان هذه المشاركة للمرأة مع الرجل أعطت انطباعا سياسيا عاما أن هذا الحراك حضاري يحمل حالة متكاملة لمشروع وطني متكامل “يمكنه ضرب دعاية نظام السلطة ،الأسد أو الفوضى”.
وتقول أمل حاصباني، وهي إعلامية وناشطة، أنه لا ضرورة لتبرير وجود المرأة في المظاهرات، “فالأسباب كلها واضحة للجميع، كلنا نعلم وجع الشارع وما ينقصنا في هذا البلد”.
وتستذكر “حاصباني”، الأيام الماضية، وتقول لنورث برس: “كنا في السابق غير قادرين على التعبير عن أوجاعنا، وما يسعدنا الآن أننا نستطيع أن نعبر عن أوضاعنا ومشاكلنا، ومطالبنا هي إسقاط النظام، وهذا حق لنا جميعاً”.