ليلى الغريب ـ دمشق
قرار حكومي يمكن أن يصنف ضمن القرارات “الفاشلة” بلا تردد، فرغم أن الإنتاج كان وفيراً ويُقدر بما يفوق 200 ألف طن، إلا أن الحكومة أصدرت قراراً سمحت فيه باستيراد الشعير حتى نهاية هذا الشهر.
إحصاءات وزارة الزراعة تشير إلى أن الحاجة السنوية لا تتجاوز 70 ألف طن. وهذا يعني أن الإنتاج يفوق الحاجة بكثير، فلماذا تفتح باب استيراد الشعير؟
ذهبت للتجار
يقول المزارع حسن شاهر من منطقة الغاب لنورث برس، إن المنتجين الذين تأخروا بالبيع لمؤسسة الأعلاف وفروعها، “لحّقوا حالهم”، وباعوا بسعر جيد للتجار الذين عرضوا على المزارعين سعراً أعلى.
ويضيف أن تسعيرة الدولة لكيلو الشعير لم تتجاوز 2200 ليرة للكيلو، وهذه التسعيرة لا تغطي التكاليف، وعندما دفع التجار مبلغاً أعلى توقف الجميع عن البيع لمؤسسة الأعلاف، وباعوا محاصيلهم للتجار بسعر تراوح بين 2900 إلى 3 آلاف ليرة.
ويتأسف المزارع “شاهر” على قرار الاستيراد بدل التصدير، ويعتبر أن ذلك سيتسبب برفع أسعار المنتجات الحيوانية نتيجة ارتفاع تكاليف الشعير.
مستودعات متخمة
وعن تفسيره لما حصل قال الإعلامي زهير عيسى (اسم مستعار) المختص في الشؤون المحلية لنورث برس، إن قرار السماح باستيراد الشعير، جاء رغم أن مستودعات التجار “تغص بهذه المادة”.
ورأى أن الغاية من القرار “ضرب المحتكرين الذين يعملون على تخزين المادة والتحكم بسعرها طالما أن مؤسسة الأعلاف لم تتمكن من تأمين هذه المادة”.
ولكنه أشار إلى أنه “لا يوجد ما يبرر تقصير مؤسسة الأعلاف وتقاعسها عن شراء المحصول خلال موسم الحصاد”.
ولفت “عيسى” إلى أن فرع أعلاف حماة مثلاً، تسلم خلال عدة أيام 6500 طن شعير في بداية الموسم، قبل أن يتوقف المزارعون عن البيع نهائياً للدولة، عندما عرض التجار عليهم سعراً أعلى، في حين لم تستلم أعلاف السويداء كيلوغراماً واحداً من الشعير، ويباع الطن منه حسب تأكيدات المربين بسعر لا يقل عن 3 ملايين ليرة في منطقتهم.
وكرر “عيسى” المشاكل التي يرددها المزارعون حول سياسة التسعير التي تعتمدها الحكومة، والتي تكاد تقضي على الإنتاج الزراعي، خاصة المحاصيل الاستراتيجية منها، التي تسعر دائماً بأقل من التكلفة كما الحال مع القطن والشوندر السكري والقمح وغيرها.
وقال إن الحكومة “توفر ملايين الليرات السورية باعتماد تلك السياسة” التي وصفها بـ”الخاطئة” في التسعير، ولكن ذلك من جهة أخرى، “يتم عن طريق التقتير على المنتجين، والتسبب بخسائر تقدر بملايين الدولارات عند استيراد تلك المواد مجدداً”.
“استولوا عليها”
عضو في اتحاد الفلاحين بدمشق، شدد على أن كل ما تسلمته مؤسسة الأعلاف من الشعير “لا تتجاوز كميته 30 ألف طن من الإنتاج المقدر بأكثر من 200 ألف طن”.
وبين أن المشكلة تكمن في التسعيرة “غير المنصفة” للمزارعين، والتي جعلت التجار “يستولون على غالبية المحصول، ليصبح بإمكانهم التحكم بسعر المبيع الذي يريدونه، بينما تقف مؤسسة الأعلاف مكتوفة الأيدي، كما يحصل مع كل مؤسسات القطاع العام المكلفة بمهمات التدخل الإيجابي، ولكن لا يظهر لها أي دور إيجابي”.
وعن رأيه فيما حصل، وعن مبررات السماح باستيراد الشعير رغم أن الإنتاج يفوق الحاجة قال موظف في مؤسسة الأعلاف لنورث برس، إنه “لا يمكن للمؤسسة أن تلزم المزارعين بالبيع لها، وأن التسعيرة التي حددت في الشهر السادس من هذا العام والبالغة 2200 ليرة كانت مناسبة لسعر الصرف خلال تلك الفترة، في حين أنها لم تعد كذلك مع ارتفاع سعر الصرف، وقرار تعديل التسعيرة لا يمكن للمؤسسة أن تقرره بمفردها”.
ولفت إلى أن الإنتاج لم يذهب بمجمله للتجار، ولكن هنالك منتجين يحتفظون بإنتاجهم لمواشيهم.
وشدد على أنه “حتى الآن لم يصل إلى البلد أي كميات مستوردة من الشعير، لأن إجراءات الاستيراد تحتاج وقتاً طويلاً”.