خريجو الثانوية العامة في مناطق المعارضة دون مستقبل

مؤيد الشيخ ـ إدلب

يخشى الطالب محمد العلي، الحاصل على شهادة الثانوية العامة الصادرة عن الحكومة السورية المؤقتة في شمال غربي سوريا، والذي ينوي الهجرة إلى هولندا من أجل إكمال دراسته هناك، ألا يتم الاعتراف بشهادته التي سهر من أجلها ليالٍ طويلة، لا سيما وأن الكثير من الدول الأوروبية وجميع الدول العربية لا تعترف بالشهادة الثانوية الصادرة عن تلك الحكومة، إذ تلقى تلك الشهادة اعترافاً دولياً خجولاً.

ومنذ سيطرتها على مناطق مختلفة من الأراضي السورية، ألغت المعارضة السورية تبعيتها لمديريات التربية التابعة لدمشق، وذلك بعد تشكيل الحكومة السورية المؤقتة والتي قامت بإحداث وزارة التربية والتعليم لإدارة العملية التعليمية.

لا اعتراف

إلا أن الشهادة الثانوية الصادرة عن المؤقتة لا تلقى اعترافاً دولياً كبيراً، لا سيما في الدول العربية، وفي أوروبا تم الحصول على الاعتراف الرسمي بالشهادة الثانوية من قبل حكومتي فرنسا وألمانيا في العام 2015.

يقول “العلي” (25 عاماً)، لنورث برس، إنه وبعد انقطاع عن الدراسة لسنوات بسبب النزوح وسوء الحالة الاقتصادية، قرر العام الماضي العودة إلى مقاعد الدراسة من أجل الحصول على الشهادة الثانوية لإكمال الدراسة الجامعية.

تمكن الشاب، بالفعل من العودة لمقاعد الدراسة، وبعد تعب وجهد طويل حصل على الشهادة الثانوية، إلا أنه ولسوء الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية وعدم وضوح المستقبل للشباب السوريين في الشمال السوري، يفكر اليوم بالهجرة إلى أوروبا ومتابعة دراسته هناك.

والعام الفائت، رفض “العلي”، التسجيل في الجامعات المتواجدة في شمال غربي سوريا، بسبب تفكيره بالهجرة وعدم قناعته بالشهادة الصادرة عن تلك الجامعات التي لا تلقى أي اعتراف خارج نطاق سيطرة المعارضة.

وتوقع الجامعات في مناطق سيطرة المعارضة السورية، بين الفترة والأخرى اتفاقيات مع جامعات في الشمال السوري وجامعات أو رابطات مختلفة في أوروبا لكن هذه الاتفاقيات لا تعدو كونها اتفاقيات أكاديمية لا أكثر ويبقى الاعتراف بالجامعات والشهادة الثانوية مسألة سياسية.

أعداد كبيرة

وكغيره من الطلاب، يعاني محمود الجاسم (23 عاماً) من نازحي ريف دمشق، من اعتراف نسبي بشهادة الثانوية العامة، حتى ضمن مناطق شمال غربي سوريا، فضلاً عن الاعتراف الخجول من جامعات دول أوروبا.

ويقول لنورث برس: “بعد انقطاع 6 سنوات عن الدراسة قمت بتقديم امتحان الشهادة الثانوية لعل الحظ يحالفني في الخروج وراء أخي في ألمانيا الذي خرج في 2019، حيث حصل على قبول لشهادته الصادرة عن الحكومة السورية المؤقتة”.

ويشير إلى أن جامعات الشمال “بدأت تغص بإعداد المسجلين فيها في ريفي إدلب وحلب، وسط اعتراف من مجلس التعليم العالي التابع للمعارضة في بعضها وعدم اعتراف البعض الآخر، الأمر الذي يجعل الطالب في حيرة من أمره، ضائعا بين اعتراف لا قيمة له في شمال غربي سوريا، واعتراف خجول في دول أوروبا غير القادر أصلاً على الوصول إليها إلا بعد غصات، وربما تكون حياتك ثمناً لذلك”.

ويوجد اليوم في أرياف حلب الشمالية والشرقية بالإضافة إلى تل أبيض بريف الرقة وسري كانيه بريف الحسكة، التي تسيطر عليها المعارضة بدعم تركي، فروعٌ لأربع جامعات تركية.

الجامعات هي (جامعة حران وجامعة العلوم الصحية ومقرّها الرئيسي في اسطنبول وجامعة غازي عنتاب وجامعة باشاك شاهير)، إضافة إلى أكاديمية الأناضولي للدراسات الجامعية والتعليم الجامعي التركي التي تم افتتاحها بالشراكة مع جامعة أنقرة ميديبول التركية في مدينة أعزاز عام 2021.

بينما تتبع جامعة إدلب لوزارة التعليم العالي في حكومة الإنقاذ، وتشرف الحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف على جامعة حلب الحرة، وتمثلان أكبر الجامعات في مناطق شمال غربي سوريا.

ويرجع مدرسون السبب في عدم الاعتراف، إلى عراقيل سياسية، إذ إن ملف الجامعات ملف سيادي ويمثل الدولة بشكل مباشر، وترى الدول الأوروبية أن مناطق تواجد هذه الجامعات هي مناطق صراع.

ورغم حصوله على الشهادة الثانوية، وحقه في التسجيل في الجامعة، يأبى ياسر خليفة من سكان إدلب، ذلك، بقصد السفر، ويرجع ذلك لـ”عدم وضوح مستقبل الأوضاع في سوريا، والجامعة كذلك الأمر”.

ويقول: “فلذلك بت أفكر أكثر من أي وقت مضى، وقبل أن أخطو الخطوة الأولى في الجامعة، بالسفر كي لا تضيع ٤ سنوات واصدم بعدم الاعتراف لاحقاً واضطر إلى ترك الدراسة أو إعادتها”.

تحرير: تيسير محمد