زواج الأتراك من السوريات.. الدوافع والانعكاسات

تركيا / غازي عينتاب ـ NPA 
من الظواهر الاجتماعية التي أفرزتها حركة نزوح السوريين جراء الحرب في بلادهم، ظاهرة الزواج من مواطني البلدان المجاورة التي نزحوا إليها، حيث يعتبر الفقر والحاجة للاستقرار، إضافة إلى تسجيل الأطفال قانونياً والقرابة بين العوائل خصوصاً في المناطق الحدودية، من أبرز الأسباب التي تدفع السوريات للزواج.
ومن بين تلك الدول تركيا, إذ على الرغم من الفوارق والاختلاف في اللغة والثقافة والتربية الاجتماعية، إلا أن ظاهرة زواج الأتراك من سوريات زادت خلال السنوات السابقة، حيث بدأت ذروتها عامي 2017 و2018 وفق معطيات مؤسسة الإحصاء التركية.
وحلت السوريات في مقدمة العرائس الأجنبيات اللاتي تزوجن من أتراك، خلال عام 2018، بنسبة /15.7/  بالمئة وفق معطيات مؤسسة الإحصاء التركية.
أسباب تدفع السوريات للزواج:
تعددت الأسباب التي تدفع النساء السوريات للقبول بالزواج من مواطنين أتراك والذين عادة ما يكونون متزوجين من امرأة أخرى (تركية الجنسية)، بحسب نساء سوريات التقى بهن مراسل نورث بريس.
سلمى الصادق( 26 عاماً)  صيدلانية سورية نزحت وهي في السنة الثالثة من دراستها الجامعية واستقرت في غازي عنتاب, وقررت أن تكمل دراستها وتتدرب في صيدلية تركية.
تقول الصادق: “أثناء تدريبي في الصيدلية تعرفت على (أحمد 34 سنة) زوجي حالياً، كان شاب لطيفاً جداً وساعدني بأمور الجامعة واستكمال تسجيلي ومع مرور الوقت تطورت علاقتنا وجمعتنا قصة حب وتعرف على أهلي وتمت أمور الخطبة والزواج جميعها بالقانون”.
وتنهي حديثها: “أنا الآن مطمئنة في حال إنجاب طفل، فإن طفلي سيحمل الجنسية التركية وسيتم الاعتراف به قانونياً”.
استغلال 
بدورها اللاجئة السورية نور مراد (32 سنة) نزحت مع أهلها من ريف حلب إلى تركيا، تروي تجربتها لنورث بريس قائلة: “تقدم لي رجل تركي يكبرني /14/ عاماً، عن طريق معارفنا، كان الرجل بداية الأمر محترم وتقدم لأهلي بشكل رسمي وتمت الموافقة على الزواج عن طريق شيخ فقط، لأنه قدم أعذاراً عن عدم قدرته على تسجيل الزواج قانونياً، قدم لي النقود والذهب وتم الزواج”. 
وتتابع مراد :”حملت بطفلي الأول بعد زواجنا بثلاثة أشهر وكان كل شيء على ما يرام إلى أن تمت الولادة، حيث قام بأخذ الطفل والهروب. حاولت الاتصال به أو الوصول إليه بشتى الوسائل لكن دون جدوى.. ولا يمكنني الشكوى أو اللجوء للقانون لأن زواجنا غير قانوني وكان هدفه الأساسي من الزواج مني هو إنجاب طفل”.. أخيراً أضافت قائلة: رجعت عند أهلي لا معلقة ولا مطلقة مع مبلغ من المال لا يتجاوز مع الذهب /1500/ دولار”.
ويعتبر جهل السوريين بالقانون التركي والذي يحفظ حقوق الزوجة، أحد الأسباب التي تجعل الزوجات السوريات أكثر عرضة للاستغلال من قبل الأتراك مع اختلاف وسائل وغايات هذا الاستغلال.
ويحكم قانون العقوبات التركي في حال اكتشاف حالة زواج غير شرعية بالسجن مدة تتراوح بين /3/ إلى /6/ أشهر لكاتب الزواج العرفي والزوجين، ولا تقبل المحكمة أية أوراق لدعوى تثبيت الزواج حتى لو كان في المقابل حمل أو أطفال.
ويعني هذا أن الزوجة السورية على أية أحوال هي مجردة من كامل حقوقها في ضمان نسب أطفالها إلا في حال إقراره على ذلك الشيء في دائرة النفوس، وتمنع الزوجة السورية من حضانة الأطفال إذا لم تتم الموافقة من الأب ويحق للزوجة التركية حضانة الأطفال إذا أرادت.
فقر وحاجة
أيضاً يعتبر الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية لجزء كبير من اللاجئين السوريين في المخيمات التركية، أسباب تدفع الفتاة ووالديها من تزويجها لمواطنين أتراك مع فوارق كبيرة بالسن والثقافة.
إلى جانب رغبة المواطنين الاتراك بالزواج بالثانية لانخفاض تكاليف الزواج من سوريات مقارنة بالأتراك، حيث لاتتجاوز في كثير من الأحيان 5 آلاف ليرة تركية، بينما الزواج من تركية يتجاوز 40 ألف في كثير من الأحيان.
حياة لاجئة سورية 30 عاماً تقول لنورث برس:” كنت أسكن في مخيم كلس للاجئين السوريين، وتقدم لي مواطن تركي للزواج يكبرني ب20 عاماً جمعته معرفة سطحية مع والدي وهو من أبناء مدينة كلس.
وتضيف حياة التي رفضت ذكر اسمها بالكامل، أجبرت على الزواج منه نظراً لحالتنا الاقتصادية المتردية، خصوصاُ أن والدي لم يعد بمقدوره اعنانتنا أنا وأخوتي ال5، حيث أغراه المواطن التركي بتقديم مبلغ مالي له لقاء الموافقة”، مشيرة أنه “بعد سنتين من زواجنا وبضغوط من زوجته التركية وصلنا إلى الطلاق.
وتنوه حياة أنه من بين الأسباب التي تدفع المواطنين الأتراك للزواج من سوريات، كون المرأة السورية تتميز بقدرتها على رعاية زوجها وأطفاله وتدبير شؤون المنزل، بينما المرأة التركية تشعر زوجها بأنه نظير وند لها وأن جميع اهتماماتها وطموحاتها سواء العلمية أو العملية في المقام الأول قبل زوجها” وهو مالمسته حياة من زوجها التركي خلال سنتين عاشتهم معه.
وتتابع حديثها لنورث برس :” أيضا من بين الأسباب هو أن متطلبات الفتاة التركية مرتفعة ومكلفة جدا للزوج من حيث تأمين المنزل وأثاثه والذهب ومصاريف كثيرة أخرى يتكبّدها لزواجه من تركية ..في حين أن الفتاة السورية متطلباتها أقل بكثير مقارنة بالفتاة التركية، كذلك منع القانون التركي الزواج من امرأة ثانية لذلك يكون الزواج العرفي السبيل الوحيد للرجل التركي”.
ويعتبر الفقر إضافة إلى حياة المخيمات من أهم أسباب قبول السوريات أو أهلهم بالزواج من الأتراك حيث أن حالات الزواج هذه ليست جميعها تكون بموافقة الفتاة بل جزء منها يتم تحت ضغط وإجبار من الأهل للتخلص من أعباء الفتاة.
وإلى جانب تلك الأسباب سابقة الذكر، هناك حالات لزواج سوريات من أتراك قبيل اندلاع الأزمة السورية 2011، حيث تتمتع بعض المناطق الحدودية مع تركيا (ريف إدلب وحلب واللاذقية) بعلاقات قرابة مع مواطنين أتراك، ساهمت وتساهم بارتفاع ظاهرة الزواج من سوريات وبالعكس حيث سجلت عدة حالات لزواج سوريين من تركيات أيضاً.
ويقدر عدد اللاجئين السوريين في تركيا نهاية عام 2018، نحو 3.623 ملايين، بزيادة 197 ألفا، مقارنة بـ3.426 ملايين سوري في عام 2017.