بإجراءات غير مبالية.. هكذا تتعامل الحكومة السورية مع احتجاجات السويداء
ليلى الغريب ـ دمشق
رغم الاحتجاجات المتواصلة في محافظة السويداء السورية، والتي تعد من أبرز ما شهدته البلاد خلال السنوات الماضية، ما زال الصمت الرسمي سيد الموقف تجاه ما يجري.
الحكومة لم تكتف بالصمت والتجاهل الإعلامي، بل إنها أصدرت قراراً جديداً برفع أسعار المشتقات النفطية، رغم أن رفع الدعم عن تلك المادة وما تلا ذلك من حالة جنون في الأسعار، كان سبباً مباشراً في احتجاجات لم تشهدها البلاد منذ سنوات، تمثلت بالمظاهرات في السويداء، وارتفاع أصوات معارضة بشكل غير مسبوق في الساحل السوري.
تجاهل
حالة التجاهل التي تواجه فيها الحكومة الاحتجاجات في الجنوب السوري تخفي نوعاً من القلق والتوجس حسب بعض المراقبين للمشهد، لكن وفي الوقت ذاته فإن القرارات التي اتخذت بدا أنه لا رجعة عنها لأن التراجع سيعني تنازلاً وهو ما لا تريد الحكومة أن تبدو مضطرة إليه، حسبما يقول صحفي سوري لنورث برس.
ويضيف أن الحكومة “تمضي أبعد من ذلك في اللامبالاة بما يجري”، إذ أصدرت قبل أيام قرارين برفع سعر البنزين (اوكتان 95)، ورغم أنها أوضحت أن الرفع يشمل المشتقات النفطية التي تبيعها الشركات الخاصة إلى القطاع الخاص، إلا أنه من المعروف أن أي رفع في المحروقات لدى القطاع الخاص، سيؤدي مباشرة إلى رفع مماثل في السلع التي ينتجها ذلك القطاع نظراً لارتفاع سعر التكلفة.
وكانت الحكومة أصدرت قرارين رفعت بموجبهما سعر ليتر البنزين (اوكتان 95)، من 13500 ليرة إلى 14700، كما رفعت أسعار المازوت من 11500 ليرة إلى 12800 ليرة.
زيادة طفيفة
الاستهجان الذي قوبل به ذلك الإجراء الذي بدت فيه الحكومة وكأنها منفصلة عما يجري في الواقع، دفعها إلى تقديم بضعة آلاف من الليرات عبر خفض نسبة الضريبة على الدخل، ورفع الحد الأدنى المعفى من الضريبة، من 50 ألف ليرة إلى 185 ألفاً و940 ليرة. (وهو ما يعادل نحو 12.5 دولارا، حسب سعر الدولار في السوق يوم صدور مرسوم تعديل قانون ضريبة الدخل).
ذلك القرار كان من المفترض أن يصدر تزامناً مع مرسوم زيادة الرواتب بنسبة 100 في المئة، إذ سرعان ما تبين أن تلك الزيادة ستخضع لنسب ضريبية عالية، ما لم يتم تعديل القانون الخاص بها.
لكن، وكما أن زيادة الأجور تزامنت مع رفع الدعم عن المحروقات، فقد تزامن رفع الحد الأدنى المعفى من الضريبة مع قرار جديد لرفع أسعار البنزين والمازوت في القطاع الخاص، وفي الحالتين كانت الحكومة “تقبض” سلفاً أكثر مما ستدفع بموجب زيادة الأجور أو تقليص الضرائب، إذ إن مرسوم رفع الأسعار يسري مباشرة، بينما رفع الأجور يسري هذا الشهر.
السويداء هادئة
يكاد الإعلام الحكومي يتجاهل ما يجري في السويداء، ويصف ما يجري هناك بأنه تحرك لـ “ثلة قليلة” أو “العشرات”، ويركز على أن معظم الأهالي موالون للحكومة، وأنهم متمسكون “بالسيادة الوطنية”.
صحيفة “الوطن”، تنشر مواد أكثر من الصحف الحكومية، وإن كانت تعتمد القراءة ذاتها، وتحت عنوان “مدينة السويداء تواصل استعادة عافيتها وحياتها الطبيعية”، نشرت الصحيفة يوم الخميس حواراً مع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان، قال فيه إن “الأهالي في جبل العرب بمشايخه وأبنائه لا يضيّعون البوصلة، ولا يمكن أخذهم رهينة مواقف البعض القليل ممّن ينسج علاقات مشبوهة مع الخارج”.
ويوم الأربعاء الماضي، قالت الصحيفة: “بأقل من 150 شخصاً غالبيتهم من الفصائل المحلية، أنهى محتجو السويداء يومهم العاشر أمس”، وذلك في تقرير جاء تحت عنوان: “الاحتجاجات إلى تراجع والعشرات سجلوا حضورهم أمس… أبناء السويداء يحاولون إعادة الحياة لمدينتهم”.
وقبل نحو أسبوع كانت الصحيفة نشرت دعوة من الأسير المحرر صدقي المقت، إلى “أهالي محافظة السويداء إلى رفض الفوضى والفتنة، ونبذ كل مثيري الشغب والفلتان، وتحكيم العقل والحكمة، وعدم الانجرار وراء مثيري الفوضى المرتبطين بأجندات خارجية معادية”.