سوريون يبيعون مقتنيات شخصية لتأمين حاجات أبنائهم المدرسية
ليلى الغريب ـ دمشق
يوم على بدء العام الدراسي في مناطق سيطرة الحكومة السورية، لكن حتى الآن ما زالت حركة البيع محدودة للغاية، ولتفسير ذلك يقول أحمد عيسى وهو صاحب محل يعرض سلع خاصة بحاجات المدارس إن “أغلب الناس تأتي لتستطلع الأسعار والمبالغ المطلوبة، وتخبره بحجز بعضها لحين الحصول على الراتب”.
لن يكفي الراتب لشراء بنطلون حتى من الأنواع السيئة، تقول خولة محمد، التي اصطحبت ولديها لمحل يبيع ثياب المدرسة، إن سعر أقل بنطلون مدرسي 100 ألف ليرة، وأن صاحب المحل حسم لها الأمر عندما أخبرها أن سعر أقل بنطلون يبدأ من سعر مائة ألف ليرة.
تضيف السيدة لنورث برس، أنها دارت على معظم المحلات في المنطقة التي تقطنها، لأن سعر البنطلون أكثر من راتبها قبل الزيادة الأخيرة.
وفيما إذا كانت وجدت طلبها قالت بأنها عثرت على محل يمكن أن يبيعها البنطلون المدرسي لابنها في الصف الحادي عشر بسعر 70 ألف ليرة، ولكن عندما أخذت البنطلون لابنها رفض ارتدائه بسبب مواصفاته المتدنية وقماشه الرديء وقال لها إنه لن يذهب للمدرسة ببنطلون كهذا مهما كان الأمر.
الأسعار ميدانياً
في جولة لنورث برس على بعض الأسواق الشعبية تبين أن تكاليف تجهيز الطالب تبدأ من 400 إلى 600 ألف ليرة للنوعيات الشعبية الكثيرة، حيث يشدد محمد حامد وهو صاحب أحد المحلات لنورث برس، على أن سعر أرخص حذاء يصل إلى 80 ألف ليرة، والقميص 75 ألف ليرة، بينما تتراوح أسعار الحقائب بين 40 إلى 150 ألف ليرة تبعاً للنوعية والصف، ويصل بعضها إلى سعر 200 ألف ليرة إذا كانت بمواصفات أحدث.

في حين تصل تكلفة تجهيز طالب بنوعيات جيدة من ماركات خاصة بالمدارس إلى أكثر من مليون ليرة، كما أشار طارق علي، وهو والد طفلتين في المرحلة الإعدادية لنورث برس.
وبين أنه جهز المطلوب لكل واحدة من بناته بمبلغ مليون ليرة، إذ إن حالته المادية تسمح له بذلك حسب قوله، وأن الطالب سيرتدي هذه الثياب بشكل يومي، وإذا كان لا يحبها سيشكل له الذهاب إلى المدرسة مشكلة دائمة، وهذا ما يجب أن يجنبه لأولاده.
هذه المبالغ للحديث عن الثياب فقط، في حين يبقى لشراء الدفاتر والأقلام هم آخر، حيث بين أحد الباعة أن سعر الدفتر سلك (مائة ورقة) 7 ألاف ليرة بينما سعر العادي من هذا العدد 5 آلاف ليرة، وهذا أقل سعر بين الدفاتر المصفوفة على الطاولة.
وفي العموم يصل سعر بعض الدفاتر إلى 15 ألف ليرة، وقلم الرصاص لأكثر من 4500 ليرة، والممحاة التي كانت تباع بمبلغ مائة ليرة أصبح سعرها ألفي ليرة.
تدوير المدور
ليست ظاهرة تدوير ثياب وكتب المدارس بين أبناء العائلة الواحدة أو الأقارب بالأمر الجديدة، لكنها أصبحت الآن أكثر انتشاراً، إذ تعتمد الكثير من العائلات على شراء أدوات مدرسية من أبناء أسر أخرى تجاوزوا المرحلة، وفي كثير من الأحيان يحصلون على ثيابهم أيضاً.
تقول أم لأربعة أبناء إنها كانت تشتري لابنها أصف، الأكبر بين أبنائها، وتستمر تلك المواد بالتنقل إلى أن تنتهي عند ابنها الأصغر على مدار سنوات، وأنها كانت تستعين بأقاربها للحصول على ما لم يعد لهم حاجة به.
ولأن الكثير من السكان، أصبحوا يبيعون تلك المقتنيات لتتدبر أمورهم في أماكن أخرى، ومع الغلاء أمام انخفاض الدخل أصبحت الكثير من العائلات تضطر لبيع قطع منزلية كهربائية غالباً لشراء تلك الحاجيات، لأن الكثير من الأسر الفقيرة خاصة ما زالت ترى في تعليم أولادها سبيل للنجاة من الفقر.
وأشارت مريم عامر، تسكن في حي بستان الدور في دمشق، على أن جارتها عرضت براد بيتها للبيع لتأمين حاجات أولادها الثلاثة للمدرسة، وبينت أن تلك السيدة قدمت لها تبريراً مقنعاً، يتمحور حول أن البراد لا يتم استخدامه بسبب انقطاع الكهرباء الطويل من جهة، وعدم توفر أي فائض طعام لحفظه في البراد، إذ إنهم بالكاد يتمكنون من تأمين وجبات الطعام.