غرفة الأخبار – نورث برس
تتصدر منطقة دير الزور واجهة الأحداث في سوريا منذ مطلع الأسبوع الجاري، حيث أطلقت قوات سوريا الديمقراطية عملية أمنية ضد خلايا تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” لتشمل قيادات من مجلس دير الزور العسكري وتجار مخدرات وتتحول لعملية أمنية داخلية وخارجية.
وبعد أكثر من 72 ساعة على إطلاق “قسد” للعملية الأمنية في دير الزور وفرض حظر التجوال في الحسكة، لا تزال أصوات الرصاص تسمع في الضفة الشرقية لنهر الفرات فيما تكثر البيانات والمواقف الداعية للتهدئة من جهة والراغبة بنفخ الرماد عن جمر حرب جديدة في المنطقة، من جهة أخرى.
بداية القصة
مساء الأحد الفائت، تداول نشطاء وصحفيون أنباء عن استنفار أمني كبير لقوات سوريا الديمقراطية في محيط سجن الصناعة الذي يحتجز الآلاف من عناصر “داعش”، لتتداول منصات على التواصل الاجتماعي أن السجن يشهد استعصاءً لعناصر التنظيم المتشدد، فيما قالت بعض المنصات الأخرى إن سيارة مفخخة دخلت الحسكة، لتعلن “قسد” بعدها عن إطلاق عملية أمنية تحت مسمى “تعزيز الأمن”.
وقال بيان رسمي لقسد إن العملية “محددة الأهداف” وتأتي استناداً إلى مطالب شيوخ العشائر بضرورة “ملاحقة الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادرها” وبدعم ومساندة من قوّات التحالف الدولي، وتهدف إلى القضاء على بقايا خلايا “داعش” ومنع عملياتهم المحتملة، وتعقب المجرمين الذين ارتكبوا المظالم بحق السكان وإنفاذ القانون، إضافة إلى ملاحقة المهربين الذين يتاجرون بلقمة عيش الأهالي”.
لتضج وسائل التواصل الاجتماعي بعدها بنبأ توقيف قائد مجلس دير الزور العسكري المنضوي ضمن صفوف “قسد”، أحمد الخبيل المعروف باسم أبو خولة والمنحدر من دير الزور، وتقول المعلومات إن أبو خولة، تم توقيفه في الحسكة مع اثنين من قيادي المجلس العسكري.
ظُهر الأربعاء، أعلنت “قسد” عزل أبو خولة “بسبب ارتكابه العديد من الجرائم والتجاوزات المتعلقة بتواصله والتنسيق مع جهات خارجية معادية للثورة، وارتكاب جرائم جنائية بحق الأهالي والاتجار بالمخدرات” ليكون ذلك أول إعلان رسمي من قسد حيال مصير أبو خولة الذي كثر الحديث عنه مؤخراً وبات مثيراً للجدل.
طلب ومتابعة
في الخامس من آب/أغسطس الجاري، قال الموقع الرسمي لقوات سوريا الديمقراطية، إن القيادة العامة لقواتها استقبلت ثلاثة وفود من رؤساء وشيوخ عشائر دير الزور وريفها وبحث الجانبان “احتمالات تطورات الوضع والتجهيزات لمواجهة أية حالة طارئة من النواحي الأمنية والعسكرية” وفقاً للبيان الرسمي.
بينما قالت مصادر حضرت الاجتماع، إن وفد العشائر طالب قيادة قسد بعزل أبو خولة نظراً لتجاوزاته ومحاولته إخضاع عشائر دير الزور لسلطته، لترد القيادة بأنها ستتابع طلب وشكوى العشائر.

وتزامناً نشرت منصات مهتمة بدير الزور مقاطع صوتية أرسلها أبو خولة لأحد وجهاء العشائر يتلفظ بألفاظ نابية، وكذلك اتهامات بضلوعه مع أشقائه أدهم وجلال بملف اغتصاب وقتل سيدتين في دير الزور أواخر العام الفائت، بالإضافة إلى حديث عن فتحه خط تواصل مع الحكومة السورية والقوات الإيرانية التي تتواجد في الضفة الأخرى لنهر الفرات.
ومع التطورات صعدت منصات ووسائل إعلام مقربة من المعارضة الموالية لتركيا وكذلك مقربة من الحكومة السورية من خطابها، واصفة عملية “قسد” بـ”المعركة بين الكرد والعرب”، بينما قال آخر بيان لـ”قسد” إن قواتها تتعامل مع “عناصر إجرامية فرضت الإغلاق على المؤسسات الخدمية ومطلوبين ومتورطين في الاتجار بالمخدرات ومستفيدة من أعمال تهريب الأسلحة”.
مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن قال إن “أبو خولة كان على تواصل مع النظام السوري وقوات نواف البشير (عراب التجنيد للقوات الإيرانية في المنطقة الشرقية من سوريا) وكان ينسق خط تواصل بين أبو خولة وقوات طهران” واعتبر أن “قسد” مخطئة بإبقاء أبو خولة في منصبه.
وعن الموقف الأميركي، قال رامي عبد الرحمن، إن الولايات المتحدة الأميركية المتحالفة مع قوات سوريا الديمقراطية في حربها ضد “داعش” على علم بعلاقة أبو خولة مع القوات الإيرانية التي تعتبر خطاً أحمراً لواشنطن التي تحتفظ بنحو 900 جندي في سوريا وتركز على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، ولها قواعد عسكرية في دير الزور.
بيان “قسد” الأول عن العملية في دير الزور قال إنها “إحدى المراحل المتقدمة في الكفاح المشترك التي تقوده قواتنا بدعم ومساندة من قوّات التحالف الدولي ضد داعش”.
ورغم الصمت الأميركي، قال شقيق أبو خولة في مقطع مصور تداوله نشطاء على مواقع التواصل، إن حادثة الاعتقال تمت في قاعدة الوزير أكبر قواعد التحالف الدولي في الحسكة، دون أي تأكيدات رسمية.
ولا تزال العملية الأمنية مستمرة في دير الزور، ولا تزال البيانات والخطابات التصعيدية تتكاثر على الشبكة العنكبوتية، ليصعب التنبؤ بالقادم لكن المؤكد أن ما بعد هذه العملية ليس كما قبلها.