سكان في الرقة يقلصون كمية مونتهم الشتوية وآخرون يحذفونها من قائمة أولوياتهم
فاطمة خالد/ فياض محمد – الرقة
ككل عام اعتادت منار على صناعة “مونة” الشتاء، قدِمت المرأة إلى سوق الخضار وسط الرقة، لكن الارتفاع الكبير في الأسعار أجبرها على شراء نصف الكمية التي كانت تشتريها في الأعوام السابقة.
تقول منار العلي، وهي في الأربعينيات من عمرها، إن أسعار الخضار مرتفعة جداً، وستقلل من كمية “المونة” الشتوي لهذا العام، في ظل عدم قدرتها على مجاراة الأسعار المرتفعة.
يعجز سكان في الرقة، شمالي سوريا، عن شراء الخضروات لصناعة “مونة” الشتاء، حيث ارتفعت أسعارها بمعدل فاق الـ 4 أضعاف عن العام الماضي، في ظل تدهور لقيمة الليرة السورية، وفقدان السكان لقدرتهم الشرائية.
تقول “العلي” لنورث برس، إنها حملت بعض المال لشراء خضروات، لكن عند سؤالها عن الأسعار، وجدت أن ما تحمله لا يشتري لها ما تريد، حاولت تقليص الكميات إلى النصف، رغم ذلك فإنها لن تستطيع الشراء فحذفت من قائمة أولوياتها بعض المواد.
سعر فاق الدخل
كانت ترغب المرأة بشراء الفليفلة لكنها تفاجأت بأن سعرها فاق الـ 2000 ليرة سورية، لذا أجلت الشراء لوقت لاحق إن استطاعت، واقتصرت أولوياتها على ورق العنب الذي يبلغ سعر الكيلو غرام الواحد منه 8 آلاف ليرة، والملوخية التي تباع بذات السعر تقريباً، لكن بكميات محدودة وأقل من نصف ما تشتريه كل عام.
تعتمد “العلي” على ما يجنيه أولادها من عملهم في منطقة الصناعة بالرقة، حيث يتقاضى الواحد منهم 100 ألف ليرة أسبوعياً، لكن في ظل انهيار قيمة العملة السورية لا يكفي المبلغ تأمين احتياجاتهم اليومية.
ويعجز محدودي الدخل في الرقة عن شراء مستلزمات المونة الشتوية، بسبب ارتفاع أسعارها، وانخفاض القيمة الشرائية لمداخيلهم، لذا اضطر الكثير منهم إلى الاستغناء عن صناعة المونة أو لجأ البعض لتخفيض الكميات وحذف بعض المواد من قائمة مونته المنزلية.
وتبلغ احتياجات الأسر في الرقة ممن يرغبون بصناعة “المونة” نحو مليون ليرة، وتقتصر على المونة من الخضار، دون مشتقات الحليب كـ الجبن وقد وصل سعره إلى نحو 40 ألف ليرة، واللبنة التي يبلغ سعر الكيلو منها 25 ألفاً.
تباع البندورة في أسواق الخضار في الرقة بـ 3500 ليرة في الحد الأدنى، أمام في المحال فـ يصل سعرها إلى أكثر من 5 آلاف ليرة، أما الفاصولياء والبامياء يفوق سعرها الـ 9 آلاف ليرة، والباذنجان يُباع بـ 2200 ليرة.
وبسبب ارتفاع أسعار الخضروات، يبحث مصطفى العبيد، وهو من سكان الرقة، عن الخضار المضروبة لتدني سعرها، بسبب عدم قدرته على شراء الطازج منها.
عزف الرجل عن فكرة صناعة المونة لمنزله، ويشكو من ارتفاع أسعار الخضار، وتعامل التجّار بالدولار الأمريكي، في بيع الخضار، رغم أنها منتجات محلية، تُزرع بريف الرقة.
وتشهد أسواق الخضار حركة بيع قليلة مقارنة بالأعوام السابقة، نتيجة الارتفاع الكبير في الأسعار، إذ يقتصر البعض على السؤال دون الشراء، أو شراء الخضار بكميات قليلة لاستهلاك يوم واحد.
واعتاد سكان الرقة كما عموم السوريين، على صناعة المربيات في موسم قطاف الفواكه، استعداداً للشتاء، لكن هذا العام كان الأمر صعباً بالنسبة للغالبية العظمى، بسبب ارتفاع أسعار الفواكه، وكذلك السكر الذي وصل سعر الكيلو منه إلى نحو 15 ألف ليرة.
وتباع فاكهة التين بـ 11 ألف ليرة سورية، في حيث يبلغ سعر العنب 3500 ليرة، أمام المشمش ففي موسمه، لم ينخفض سعره عن 8 آلاف ليرة، وبيع في أول قطافه بـ أكثر من 15 ألفاً للكيلو الواحد.
“اش بده ياكل”
ويشتكي إبراهيم الباشا، كما سابقيّه، من ارتفاع أسعار الخضار في الرقة، يقول بلهجته: “المواطن اش بده ياكل، البطاطا بـ 5 آلاف”، بسبب ارتفاع أسعار الخضار لم يفكر الرجل بصناعة المونة، في ظل سعيه لتأمين معيشية يومه.
يضيف لنورث برس، أن محدودي الدخل لن يستطيعوا صناعة المونة، والتي اقتصرت على ميسوري الحال والأغنياء من السكان “ما حدا يسوي مونة إلا الي جيبوا مليان”.
ويشير إلى أن ما يتقاضاه لا يكفيه لتأمين معيشة عائلته وتأمين إيجار المنزل وثمن الأمبيرات وغيرها من المستلزمات التي تحتاجها عائلته، والأمر لا يقتصر على “الباشا” فقط، بل ينسحب على نسبة كبيرة من سكان الرقة.