في العقد الاجتماعي.. كيف يمكن للوثائق الرسمية احتواء تعدد اللغات؟
دلسوز يوسف ـ القامشلي
تعتمد الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، (الكردية، والعربية والسريانية) كلغات رسمية في عقدها الاجتماعي منذ تأسيسها، إلا أن جميع وثائقها الرسمية والارشيفية تكون بلغة واحدة، وهو ما دفع بالكثيرين للمطالبة بوضع تعديلات تصون حقوق الجميع.
وتعتبر مسألة اللغة من أهم المطالب التي رفعها المحتجون من مكونات الشعب السوري في بداية الأزمة قبل عقد من الآن، وافتتحت في مناطق الإدارة الذاتية الكثير من المدارس والمعاهد التي تدرس بلغات سكان المنطقة.
إلا أن هذه اللغات لم تترجم بشكل حقيقي على أرض الواقع ضمن وثائقها الرسمية، فكيف ستعتمد الإدارة الذاتية التعددية اللغوية في العقد الاجتماعي الجديد؟
التعددية اللغوية
أعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، في منتصف العام 2021 عن نيتها تعديل ميثاق العقد الاجتماعي المعمول به، وذلك كخطوة استباقية لإجراء انتخابات محلية في عموم المناطق التي تديرها.
لكن هذا العقد لم يبصر النور منذ آخر جلسة نقاش للجنة صياغة العقد قبل أكثر من عام.
ويقول عبدالله شيخو، مدير دار نشر نقش في القامشلي، إن التعددية اللغوية في العقد الاجتماعي أمر يحسب للإدارة من حيث المبدأ، لكن لا تنفيذ بشكل حقيقي على أرض الواقع.
ويضيف في تصريح لـنورث برس: “ما تزال العربية اللغة الرئيسية وغالباً الوحيدة في المعاملات والمداولات الرسمية لدى مؤسسات الإدارة الذاتية، إذ تتجاهل المؤسسات المادة الخاصة بالتعددية اللغوية”.
ويشدد على أن التعددية “تحتاج إلى عمل شاق وطويل يتضمن الحاجة إلى التشريعات والقوانين الفرعية وميزانيات جيدة واستراتيجيات واسعة تدعمها”.
وبين مدير منشورات “نقش” أن “اللغتين الكردية والسريانية تعرّضتا منذ تأسيس الدولة السورية إلى تهميش وطمس وصهر منهجي من قِبل مختلف الحكومات التي تعاقبت على حكم سوريا”.
وأشار “عبدو”، إلى ضرورة العمل على تأسيس مؤسسات لغوية جادة ذات إمكانيات عالية وتطوير وتمتين المؤسسات الموجودة.
وأضاف: “هناك مؤسسة خاصة بتطوير اللغة الكردية هي مؤسسة اللغة الكردية؛ ليس هناك قانون خاص ينظِّم عمل هذه المؤسسة كما هو الحال بمجمع اللغة العربية الذي تديره الحكومة السورية وفق قانونٍ خاص بِه يتيح له الاستفادة من مقدّرات الدولة”.
ويرى مراقبون أن أحد أسباب التقصير في ترجمة الوثائق باللغات المعتمدة في الإدارة الذاتية، إلى “عدم اتقان المسؤولين الذي يشغلون مناصب عليا لغتهم الأم رغم أن المؤسسات اللغوية لهذه اللغات لها مراكز في جميع المناطق وخطت خطوات كبيرة في مجال التعليم.
وتسعى هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذتية، خلال العقد الاجتماعي الجديد لإصدار الوثائق وأرشفتها بلغتين على الأقل، وفق سميرة حج علي، الرئيسة المشاركة للهيئة في شمال وشرق سوريا.
وتقول في تصريح صوتي لنورث برس: “العقد الاجتماعي يصون جميع اللغات ضمن جغرافية شمال شرقي سوريا في جميع مناحي الحياة وخاصة التربية والثقافة، ويحق لأي مكون تطوير جوانبه الثقافية واللغوية”.
وأضافت: “أما المسائل الأخرى تقع على عاتقنا كهيئة، قبل مدة نظمت مؤسسة اللغة الكردية ورشة عمل من أجل كتابة الأوراق الرسمية باللغة الكردية إلى جانب العربية ويمكن للسريان، الذين لديهم مؤسسة للغة الخاصة بهم، القيام بمثل هذه الورشات، كون جميع الوثائق والأرشيف بالعربية”.
وأوضحت أن مخرجات تلك الورشة أكدت على أن أرشفة وإصدار الوثائق يجب أن يكون على الأقل بلغتين إحداها اللغة الكردية.
وأشارت حج علي، أن هذه القرارات “لم تطبق كلياً، كون العقد الاجتماعي لم يصدر بعد لكن نحن نهيئ الأرضية لهذه القرارات”.
وأضافت: “في المناطق المحررة مؤخراً، سوف تفتح مكاتب تعليم اللغات، والتي بموجبها يمكن لأي شخص تعلم لغة المكون الآخر، وهي حالياً موجودة في جميع مناطق الإدارة الذاتية ما عدا الطبقة والرقة ودير الزور، وحالياً تم تجهيز المكاتب وقريباً ستفتح دورات وستكون في البداية لموظفي الإدارة الذاتية”.