لإجبارهم على توقيع أوراق الترحيل.. تعذيب يتعرض له اللاجئون السوريون في السجون التركية

مؤيد الشيخ ـ إدلب

في التاسع والعشرين من حزيران/ يونيو الفائت، نقل الثلاثيني طه خلدون، المصاب بمرض “الربو” إلى مشفى الدولة في مدينة أنطاكيا جنوبي تركيا، بعد فقدانه للوعي نتيجة تدهور حالته الصحية بعد تعرضه للتعذيب من قبل عناصر الشرطة في مركز ترحيل “جسر الحديد” الذي كان سجينا فيه إلى حين مجيء موعد ترحيله بعد أن ألقت الشرطة القبض عليه رفقة العديد من الشبان في مدينة إسطنبول بهدف ترحيلهم إلى الأراضي السورية.

وشدد سوريين رحلتهم السلطات التركية إلى الأراضي السورية التي تسيطر عليها المعارضة السورية وهيئة تحرير الشام شمال غربي البلاد، لتعرض لاجئين تحتجزهم قوى الأمن والشرطة في مراكز الترحيل القسري، للتعذيب والضرب المبرح لإجبارهم على توقيع أوراق ترحيلهم “طوعاً” إلى شمالي وشمال غربي سوريا.

ومنذ نحو شهرين، تشن السلطات التركية، الحملة الأكبر ضد السوريين اللاجئين على أراضيها بهدف ترحيلهم قسراً إلى الأراضي السورية، لتتمكن وفق ناشطين “من ترحيل أكثر من خمسة آلاف سوري إلى مناطق إدلب وشمال حلب وريفي الرقة والحسكة”.

اعتقال وتعذيب

يقول طه خلدون وهو من نازحي منطقة خان شيخون جنوب إدلب، لنورث برس، إنه وأثناء ذهابه مع زوجته إلى المستشفى في منطقة الفاتح بمدينة إسطنبول التركية، واجهته دورية للشرطة تقوم باعتقال أي شخص تعتقد أنه سوري دون أن تطلب حتى هويته أو أن تتأكد من جنسيته.

ولم يحاول الشاب الهروب كما فعل بعض الشبان عند مشاهدة الدورية، “لأنني أحمل كملك اسطنبول، ومن المفترض أن من يحمل كملك الولاية نفسها ويقيم بها لا يتم اعتقاله، لكن ما حصل كان عكس ذلك”.

ويضيف لنورث برس: “قام ثلاثة عناصر بإيقافي مع زوجتي وعلى الفور قاموا بربط أيدينا ووضعنا داخل السيارة رفقة العديد من الأشخاص الذين كان بعضهم أفغان وعراقيين”.

ويكمل: “أخبرتهم زوجتي، التي تتحدث التركية بطلاقة، أننا نحمل كملك إسطنبول ولدينا إذن عمل بها، لكن الضابط المسؤول قال لنا بالحرف الواحد حتى لو كنتم سوريين وتحملون الجنسية التركية سوف أقوم بترحيلكم إلى بلدكم، ولا مكان لكم بيننا”.

ونقل طه وزوجته إلى مركز الترحيل في منطقة اسنيورت ومن هناك نقل رفقة أكثر من 150 شخصاً على متن باصات تابعة للشرطة إلى سجن “جسر الحديد” في مدينة أنطاكيا، حيث حجز هناك لأكثر من أسبوع نقل في آخره إلى المشفى ووضع في العناية المركزة لنحو 24 ساعة نتيجة تدهور حالة الصحية بسبب تعرضه للتعذيب والضرب المبرح على أيدي عناصر الشرطة.

يقول: “كان عناصر الشرطة يقومون بشكل يومي بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع ومادة الفلفل الحار على المحتجزين، وهذا ما تسبب لي بمشاكل صحية كثيرة لا سيما وأني مريض ربو، وصلت في آخرها إلى للمشفى ومن ثم جرى بعدها إجباري على توقيع أوراق ترحيلي إلى منطقة تل أبيض شمالي الرقة”.

وفي التاسع من شهر تموز/ يوليو الفائت، نقل إبراهيم سرميني رفقة أكثر من 40 شخصاً إلى مركز الترحيل في ولاية قيصري التركية، وهناك ظن أنه سوف يرحل في اليوم التالي إلى الأراضي السورية، لكن ذلك ما لم يحدث.

احتجز سرميني ومن معه في ذلك المركز الذي كان مختلطاً بين النساء والرجال، لأكثر من 15 يوماً، ومن ثم جرى نقلهم بواسطة باصات الشرطة إلى مركز الترحيل في سجن “كري كوندار” بمدينة قيصري، حيث يجبر السوريين هناك على توقيع أوراق العودة الطوعية بالقوة.

أساليب التعذيب

يقول لنورث برس: “بقينا محتجزين في قيصري لمدة 25 يوماً، وعلى مدار تلك الأيام كانت إدارة السجن تقوم بإخراج معظم من هو محتجز هناك على شكل دفعات إلى الغرف المخصصة للتعذيب، في الحقيقة صدمت عندما شاهدت تلك الغرفة وظننت نفسي للوهلة الأولى في سجون النظام السوري وسجن صيدنايا خاصة”.

ويضيف: “تعرضنا على مدار 25 يوماً للتعذيب والضرب المبرح بالهيروانات وبواري حديدية، إذ يتعرض كل شخص للتعذيب لنصف ساعة ومن ثم يتم أخذه إلى براد شاحنة لنقل الخضار ووضعه بداخلها لنحو ساعة ومن ثم إعادته إلى الزنزانة متجمداً”، على حد قوله.

يقول فهد الحلبي وهو ناشط حقوقي سوري متابع لأوضاع السوريين في تركيا، لنورث برس، إنه وخلال آخر سنتين كانت هناك تعليمات واضحة حول السوريين في تركيا، والهدف منها ما روج له الرئيس التركي أردوغان حول إعادة مليون سوري إلى ما يصفها بالمناطق الآمنة شمالي سوريا.

وصدرت تلك التعليمات وعُممت على 81 ولاية تركية، ومفادها شن حملة عامة على اللاجئين المخالفين على الأراضي السورية، لكن ذلك لم يكن صحيحاً حيث شملت الحملة اللاجئين المخالفين والنظامين أيضاً الذين يمتلكون كافة الأوراق المطلوبة.

ليصرح وزير الداخلية التركي أن من رحل ويملك أوراقاً نظامية رحل بأخطاء فردية وسيتم التعامل معه لإعادة إصلاحه، إلا أن ذلك كان عبارة عن “أبر مخدر لا أكثر”، وبعد الانتخابات تم إعطاء الضوء الأخضر مجدداً لشن حملات بشكل واضح وصريح لا تكتفي بالمخالفين فقط وإنما تشمل الجميع.

وعن التعذيب الذي يتعرض له السوريين في مراكز الترحيل، أشار “الحلبي” إلى أنه يتم تعذيب اللاجئين الموقوفين عنوةً لكي يتم إجبارهم على التوقيع للعودة اللاطوعية، فعندما لا يتم التوقيع يمكثون مدة أدناها 6 أشهر وبعدها يتم الإفراج عنهم إذا ما كانت هناك تهم اشتباه إرهاب أو غير ذلك.

تحرير: تيسير محمد