بعد قرار الحكومة وقف تصدير زيت الزيتون مستهلكون: متأخر ويراعي مصالح التجار
ليلى الغريب ـ دمشق
بعدما تجاوز سعر بيدون زيت الزيتون، المليون ليرة سورية، قررت الحكومة التراجع عن قراراها السابق وإيقاف التصدير.
القرار آثار استياء المستهلك السوري، لأنه حسب قولهم تأخر كثيراً، ولأنه لن ينفذ مباشرة بل يعطي للتجار مهلة لنهاية الشهر ليتمكنوا من تصدير ما تم جمعه من زيت وإخراجه للدول المجاورة، بالتزامن مع موسم المونة والحاجة الكبيرة له.
قصة التصدير العشوائي تتكرر كل عام وكأن الزمن لا يتحرك، إذ إن هذا السيناريو تكرر مع الثوم ثم البصل ثم البطاطا ثم زيت الزيتون ثم الألبان والأجبان على التوالي.
قرارات ضحاياها المنتج والمستهلك، والرابحون منها هم التجار، الذين يشترون المادة بأسعار منخفضة ثم يعمدون لتخزينها، والتحكم بسعرها، وتحقيق الأرباح الكبيرة منها.
لم يستفيدوا
سمحت الحكومة بتصدير 45 ألف طن زيت، قالت وزارة الزراعة، إنها “فائضة عن حاجة السوق من الإنتاج الذي بلغ 125 ألف طن”، ولكن “لأن تكاليف الإنتاج مرتفعة وموارد منتجي الزيتون محدودة، باع الكثير منهم الزيت في بداية الموسم وبأسعار تراوحت بين 200 إلى 250 ألف ليرة للبيدون وهو سعر التكلفة”، كما يقول منتجون لنورث برس.
وشدد المنتج سامي حسن، من الساحل، على أنه باع كل ما لديه من الزيت بسعر 300 ألف ليرة للبيدون، وأنه كان مرغماً على ذلك رغم علمه بأن الأسعار سترتفع لأن الموسم القادم سيكون غير جيد، مع استمرار ظاهرة المعاومة، ولأن قرار السماح بالتصدير صدر عقب الانتهاء من الإنتاج.
وأشار إلى أن هذا حال معظم المنتجين في منطقته، وبين أن من يشترون الزيت هم تجار يأتون إلى المنطقة ويشترون كميات كبيرة مع انتهاء عمليات الجني.
بالتنسيق مع التجار
في حين كان البعض الآخر ممن تحدثت إليهم نورث برس، يركزون على فكرة التأخير في اتخاذ قرار منع التصدير، “ولماذا لم يحصل هذا عندما وصل سعر البيدون إلى 500 ألف ليرة؟
أضاف المنتج إبراهيم الدريوسي، أن قرار وقف التصدير “تم بالتنسيق مع التجار لأنه صدر بعد انتهاء صفقاتهم، واقتراب الموسم الجديد، وهذا يضمن لهم أن يشتروا الزيت بأسعار مخفضة، ومن ثم يقومون بتخزينه ريثما يأتيهم قرار السماح بالتصدير مجدداً”.
وقال إن هذا الأمر “يتكرر في كل موسم مع اختلاف الأصناف، وإلا ما مبرر أن تعطى مهلة لغاية الشهر القادم لتنفيذه؟ فالمدة الباقية كافية لإخراج الكميات المخزنة، حسب الدريوسي.
مدير في وزارة الزراعة، قال لنورث برس، إن المنتجين كانوا ممتنين لقرار السماح بالتصدير، لأنه حسّن من الأسعار وغطى تكاليف إنتاج بيدون الزيت التي لا تقل عن 250 ألف ليرة، ولكن الخسائر كانت لمن اضطر للبيع في بداية الموسم.
وأضاف المصدر، أن المشكلة الحقيقية هي في انخفاض القدرة الشرائية، إذ إن عدم السماح بالتصدير يعني تراكم المخازين من الزيت عند المنتج، لأنه حتى سعر التكلفة مرتفع بالنسبة للمستهلك، ودون إيجاد حل لمشكلة الدخول لن تحل أي مشكلة أخرى، فالتصدير لم يكن يوماً مشكلة لأي بلد، بل تسعى كل الدول لتصدير إنتاجها.
وتظهر المشكلة في سوريا “لأن المستهلك لا يستطيع أن يشتري حاجته من الزيت وغيره مهما كان سعره منخفضاً”، بحسب المدير، وبين أن الكميات التي صدرت لم تتجاوز 21 ألف طن.
ارتفاع عالمي
وفي السياق ذاته، قال عضو في غرف الزراعة السورية لنورث برس، إن السبب وراء ارتقاع سعر زيت الزيتون “هو زيادة الطلب العالمي على الزيت بعد تراجع إنتاج الدول الأشهر بإنتاجه مثل اسبانيا تركيا ايطاليا”.
ولفت إلى أن الزيت السوري يصدر دوغما إلى دول وسيطة مثل لبنان وتركيا، ومن ثم تعيد تلك الدول تعبئته ليصل إلى اسبانيا وايطاليا، حيث تقوم تلك الدول بإعادة تكريره وتعبئته ليصدر باسمها إلى أسواقها التي تسعى للحفاظ عليها.
ولفت العضو إلى أن التجار عملوا على دفع مبالغ مشجعة وتمكنوا من جمع كميات كبيرة من الأسواق، لأن سعر الكيلو تجاوز 7 يورو عالمياً، وهذا يعني أن التاجر مهما دفع في السوق المحلية سيحقق أرباحاً كبيرة.
في حين يلمح بعض المتابعين للشأن العام إلى الشراكات بين المسؤولين وأصحاب القرار والتجار الذين يعملون كفريق واحد.
وتشير إحصاءات وزارة الزراعة إلى أن إنتاج الزيتون سيكون منخفضاً كثيراً في مناطق سيطرة الحكومة للموسم القادم، في حين نصف الإنتاج يتركز في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة كريف حلب وإدلب.
وتتوقع الوزارة أن ينخفض الإنتاج من الزيتون إلى 700 ألف طن، بينما وصل العام الماضي إلى 990 ألف طن، وأن ينخفض إنتاج الزيت إلى 91 ألف طن، بينما وصل العام الماضي إلى 125 ألف طن.