قراءة في مخرجات اجتماع “لجنة الاتصال العربية” هل نشهد بداية تحرك في الأزمة السورية؟
ليلى الغريب ـ دمشق
وسط جمود يشهده الملف السوري، جاء اجتماع لجنة الاتصال العربية الخاصة بسوريا، وهو الأول منذ تشكيلها قبل نحو 3 أشهر، تزامناً مع إعادة سوريا إلى الجامعة العربية. فهل جاء الاجتماع ليشكل تحريكاً للملف السوري باتجاه “خطوة”، حسب محددات المبادرة العربية؟ أم هو اجتماع روتيني سيكون من المستبعد أن يحقق نتائج؟
إحياء “الدستورية”
يأتي الاجتماع بعدما بدا أن معوقات حقيقية تواجه مسار “المبادرة العربية” والتقارب العربي بشأن سوريا، وخاصة في تصريحات الرئيس بشار الأسد الذي وجه في آخر حوار تلفزيوني له انتقادات للجامعة العربية، وقال إن علاقة سوريا بها “ستبقى شكلية”، وهو ما اعتبره كثيرون نسفاً للمبادرة العربية التي تنص على مبدأ الحل “خطوة مقابل خطوة”، وكان أصحاب المبادرة العربية بانتظار خطوة من الأسد بعد الخطوة التي أقدموا عليها بإعادة سوريا إلى الجامعة العربية بعد أكثر من عقد على تجميد العضوية.
وتمحورت الخطوة المطلوبة من دمشق حول مسألة اللاجئين، والمساهمة في وقف تجارة المخدرات، وهو ما لم يسفر عن خطوات واضحة طوال الأشهر الماضية.
البيان الذي أصدرته دول الاتصال الخمس، إضافة إلى سوريا، كرر المواقف العربية المعلنة حول التأكيد على وحدة سوريا وسيادتها، وعلى أن “الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي”.
إلا أن البيان شدد على أن اللجنة بحثت قضايا: عودة اللاجئين، وتهريب المخدرات، إضافة إلى المفقودين والموقوفين. وأشار البيان إلى أن وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، شدد على أن بلاده “مستمرة في العمل على إطلاق سراح جميع المختطفين السوريين، والإعلان بشكل دوري عما يتم في هذا الصدد من جهود، بما في ذلك الإفصاح عن المعلومات لذويهم وأماكن تواجدهم حال توافرها”.
وكان من أبرز القضايا التي تم الاتفاق عليها في الاجتماع استئناف اجتماعات “اللجنة الدستورية السورية” لكن في عمان هذه المرة، وذلك بعد 8 جولات لتلك اللجنة لم تسفر عن أي نتيجة.
دلالات توافق
وحول الجديد الذي يمكن قراءته في ذلك الاجتماع، واحتمال أن تشهد الفترة القادمة دوراً عربياً فاعلاً في الأزمة السورية، يقول محلل سياسي سوري لنورث برس، إن هناك دلالات عدة تشير إلى أن الدول العربية ستمضي في حل، رغم أن إمكانية الوصول إلى نتائج ما زالت بعيدة حتى الآن، ومن تلك الدلالات عودة الدول العربية لاستكمال المبادرة رغم أن حديث الرئيس السوري كان يشير إلى أنها صارت من الماضي، وقد أكدت لجنة الاتصال أن اجتماعات اللجنة ستكون دورية، وحددت الاجتماع القادم في بغداد.
هناك دلالة أخرى تتعلق بمكان انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، إذ أن تلك اللجنة التي خاضت جولات ماراثونية دون أي نتيجة في جنيف، ستجتمع قبل نهاية العام في مسقط، حسب ما جاء في بيان لجنة الاتصال العربية، ولذلك دلالة مهمة إذ أن روسيا والحكومة السورية كانتا تصران على نقل مكان انعقاد “الدستورية” من جنيف إلى مسقط، وهو ما يعني أن الدول العربية في تلك الجزئية استجابت لمطالب دمشق وموسكو بشأن مكان المفاوضات، وهي استجابة لا تتعلق بعمق المفاوضات قدر ما تتعلق بالشكل الذي تتم فيه.
هناك أيضاً دلالة أخرى إلى وجود نوع من التحريك في ذلك المسار، وهو أن لجنة الاتصال شددت على ضرورة “توفير الحوافز والتسهيلات التي ستقدم للاجئين العائدين”، وعلى أن “توفر الحكومة السورية المعلومات عن احتياجات المناطق التي ستشهد عودة للاجئين إليها”، بحسب المحلل السياسي.
وفيما سبق إشارة إلى أن الدول العربية قد تساهم في تلبية احتياجات تلك المناطق، وهو ما تطالب به دمشق منذ سنوات، وأعادت التأكيد عليه في التصريحات الأخيرة للأسد الذي تساءل كيف تمكن إعادة اللاجئين دون وجود بنية تحتية مناسبة، وفي بلد يفتقر إلى الماء والكهرباء والصحة والمدارس؟
ويضاف كل ذلك إلى التنسيق مع الأمم المتحدة، إذ إن المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن اتصل بوزير الخارجية المصري، وبحث معه مخرجات اجتماع لجنة الاتصال، ووعد بأنه سيقوم بالتنسيق مع مختلف الأطراف للبناء على ما تم التوصل إليه في ذلك الاجتماع.
وحسب المحلل السياسي، فإن الدول العربية التي تقود جهود الحل في سوريا، وخاصة السعودية، ماضية في التوصل إلى حل سيكون منسجماً مع القرار الأممي 2254، الذي يلحظ في أحد بنوده ضرورة تحقيق انتقال سياسي في سوريا، وكان ذلك واضحاً فيما تم الاتفاق عليه في اجتماعي جدة، وعمان.
“لا تبشر بحل”
على النقيض من تلك القراءة، ثمة من يرى أن مخرجات اجتماع لجنة التواصل “لا تتضمن ما يبشر ببداية حل”، حسبما يقول الصحفي أمين صبح المختص بالشأن السياسي.
ويضيف أن ما تم إعلانه في البيان الختامي للاجتماع “لا يشير إلى أي تحرك دقيق ومحدد، بل بقيت صياغة البيان فضفاضة، وحتى في النقطة الأبرز وهي الاتفاق على نقل اجتماعات اللجنة الدستورية إلى مسقط، لم يحدد الاجتماع موعداً دقيقاً لها، بل اكتفى بالقول إنها ستجتمع قبل نهاية العام، وهو ما يشمل الأشهر الأربعة القادمة”.
أما في النقاط التي كانت الأبرز في التداول خلال الفترة الماضية، وهي مسألة تهريب المخدرات، وعودة اللاجئين، فلم يتضمن البيان ما يشير إلى خطوات على ذلك الصعيد، باستثناء الإشادة بالتعاون السوري العراقي في مجال مكافحة المخدرات والذي أثمر عن تفكيك “شبكة تهريب دولية”.
كذلك في قضية عودة المهاجرين، لم يتضمن البيان تحديداً واضحاً لها واكتفى بعبارات عامة مثل (توفير تسهيلات للعائدين، والتنسيق مع الدول المستضيفة، وإنشاء منصة لتسجيل أسماء الراغبين بالعودة)، بينما تقوم الحكومة السورية بتوفير معلومات عن احتياجات مناطق عودتهم، وهو ما يعني أن سنوات قد تمضي قبل تحقيق أي تقدم في ذلك الملف، وهو أيضاً ما يمكن أن يتم إنفاقه في جهود الحل المتعلقة باللجنة الدستورية السورية، فتلك اللجنة التي لم تحقق أي تقدم خلال 8 جولات، إذ لم يتفق أطراف التفاوض على مادة واحدة في الدستور المرتقب، “لن تكون قادرة على تحقيق أي تقدم دون إرادة حقيقية، وضغط حقيقي، وسواء عقدت اجتماعاتها في جنيف أو في مسقط”.
أبرز ما يمكن قراءته في بيان اللجنة هو ما ذكرته على لسان وزير الخارجية السوري، الذي أعلن وفي موقف نادر أن الحكومة السورية جاهزة للإفصاح دورياً عن المعلومات المتعلقة بالمختطفين، وأنها مستمرة في العمل على إطلاق سراح جميع المختطفين السوريين.