درعا والسويداء .. احتجاجات الخدمات تتحول لمطالبات باللامركزية

غرفة الأخبار – نورث برس

بدأت رقعة الاحتجاجات في السويداء ودرعا تتسع شيئاً فشيئاً كما بدأت مطال المحتجين تعلو، حيث أطلقت هتافات تنادي بـ”رحيل النظام وإسقاطه” كما شُوهدت بعض الكتابات تطالب بـ”اللامركزية”.

ومنذ 17 آب/ أغسطس الجاري، تستمر الاحتجاجات الشعبية في السويداء ودرعا وسط تأكيد على الاستمرار وتجديد الدعوات حتى تحقيق المطالب، وفق منظمين لتلك الاحتجاجات لنورث برس.

ويختلف الوضع الأمني والسياسي في السويداء ودرعا عن باقي مناطق سيطرة القوات الحكومية، حيث  تعتبر المنطقتان شبه خارجتين عن السيطرة الحكومية، حيث تشهد درعا بشكلٍ شبه يومي اغتيالات لعناصر وضباط من القوات الحكومية، إضافة إلى فلتانٍ أمني.

فيما يقتصر وجود القوات الحكومية في السويداء على بعض القواعد العسكرية خارج المدن والبلدات، إضافة إلى المربع الأمني وسط المدينة، كما تشهد المدينة وريفها عمليات خطف وسرقة وانتشار للفصائل المحلية.

وخلال السنوات الأخيرة أصبحت المنطقتان في الجنوب السوري ممراً آمناً لعبور المخدرات من وخاصة حبوب “الكبتاغون” محلية الصنع، إلى الأردن ومنها إلى دول الخليج، بحسب تقارير دولية ومحلية.

لامركزية الحكم

بعد اتساع رقعة الاحتجاجات في السويداء ودرعا، طالب المحتجون بتطبيق اللامركزية كحل في سوريا، وتطبيق القرار الدولي 2254 لإنهاء الحرب المستمرة منذ 12 عاماً.

وحمل المحتجون لافتات أخرى تطالب بـ “إقالة المنظومة الفاسدة، استرجاع الحقوق المسلوبة، التراجع عن القرارات الجائرة والعيش بكرامة”.

وأبدى “مشايخ العقل” وفصائل محلية في السويداء تضامنهم مع مطالب المحتجين، وسط إغلاق تام للمؤسسات الحكومية في المدينة، وإضراب أصحاب المحال عن العمل.

ووصفت صفحات محلية في المنطقة الاحتجاجات بـ “العصيان المدني”، وقالت إنه سيستمر حتى تحقيق المطالب.

كما انضم وفد من مشايخ السويداء إلى المحتجين في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، مركز المحافظة.

وواصل المحتجون قطع الطرقات داخل المحافظة، مع استمرار حركة الإضراب في المؤسسات الحكومية، وتنفيذ وقفات احتجاجية في مختلف البلدات والقرى في محافظة السويداء.

اتساع الرقعة

واتسعت رقعة الاحتجاجات، أمس الاثنين، في السويداء جنوبي سوريا، حيث شهدت المدينة وريفها إغلاقاً شبه تام وسط قطع للطرقات وإغلاق لمؤسسات الحكومة.

وقال أحد نشطاء الاحتجاجات، لنورث برس، إن أعداد المشاركين اليوم في وقفة ساحة الكرامة داخل مدينة السويداء في ازدادت بشكل ملحوظ.

وأضاف أن وفود وصلت للمشاركة في وقفة مدينة السويداء من القرى والبلدات الريف.

وبين أن “الشعارات التي رفعت في جميع قرى وبلدات السويداء تحمل فكراً سياسياً بعيداً عن مطالب اقتصادية، وأبرزها إسقاط النظام”.

ورصدت نورث برس، احتجاجات في  36 موقعاً مختلفاً وهي مركز مدينة السويداء، الرحى، الكفر، القريا، صلخد، عرمان، ملح، لهويا، قيصما، الحريسة، ذيبين، أم الرمان، مياماس، سهرة الخضر، سهرة البلاطة ،قنوات، ريمة حازم، ريمة اللحف، عريقة، المشنف، ولغا، عتيل، سليم، مردك، سميع، نمرة شهبا، شقا، مجادل، المجدل، نجران، المزرعة، الصورة، حزم، المتونة، صما، الجنينة.

وبين الناشط أن حشود من المحتجين توافدوا إلى منزل “سماحة شيخ عقل طائفة الموحدون الدروز” حكمت الهجري، لتأكيد مواقف الشيخ الهجري التي وقف فيها مع مطالب السكان ووصفها بالمحقة.

وأضاف أنه “تم التأكيد على الاستمرار لتحقيق المطالب الشعبية، وعدم اللجوء إلى العنف بالإضافة إلى التركيز على أهمية المحافظة وعلى المؤسسات”.

مطالب سياسة

قالت سميرة مبيض، عضو باللجنة الدستورية السورية عن كتلة المجتمع المدني، لنورث برس، إن الاحتجاجات في كل من درعا والسويداء لم تتوقف منذ العام 2011، وأنها مرت بمراحل مختلفة وفق تغيرات الصراع العسكري والضغوطات السياسية ومختلف عوامل التأثير الأُخرى.

وشددت مبيض على أن استمرارية هذا الحراك لغاية هذا التاريخ يدل على أن سكان وأبناء هذه المناطق يدركون عدم قدرة المنظومة الحالية على حفظ أمنهم وتأمين احتياجاتهم.

وتعتقد السياسية السورية في تصريحها لنورث برس أن الحراك سيستمر لحين تحقيق أمن الجنوب السوري وذلك جزء من عملية التغيير السياسي المطلوب والضروري في عموم أنحاء سوريا، بحسب قولها.

وأوضحت أن المُختلف اليوم هو وضوح المسار لدى المطالبين بالتغيير، “فهم قد خبروا لمرات عديدة زيف الوعود المقدمة من قبل الحكومة الحالية في منظومة بشار الأسد”.

وشددت على أن المحتجون لن يقبلوا بمزيد من الأكاذيب أو التسويف أو التعطيل لتلبية مطالبهم، بحسب تعبيرها.

وذكرت عضو اللجنة الدستورية أن المطالب المطروحة هي مطالب تغيير سياسي شامل، تنعكس على النواحي المعيشية بشكل بارز لكونها الأكثر تأثيراً.

وبينت أن الأولوية للتغيير المستدام وهو تغيير سياسي بالضرورة ليضمن عدم تكرار الانتهاكات التي جرت بحق السكان هذه المناطق من كافة الأطراف المتورطة بجرائم بحق السوريين والسوريات.

تضامن

وأبدى مجلس سوريا الديمقراطية “مسد”، تضامنه مع محتجي السويداء ودرعا جنوبي سوريا، كما خرجت احتجاجات في مناطق سيطرة المعارضة تضامناً مع المحتجين.

وقال رياض درار الرئيس المشارك لـ”مسد”، إن “مسد” تدعم الحراك الشعبي ومطالب السكان بحقوقهم “المسلوبة” والتغيير السلمي، ويؤكد المجلس على ضرورة إنهاء “نظام الاستبداد” وقيام بديل عنه.

وأضاف في تصريح لنورث برس، أنهم على تواصل مباشر مع مفاصل قيادة الحراك الشعبي، جنوبي سوريا، “ندعم مواقفهم ونشجعهم على بناء المشروع التنظيمي الذي يشكل بديلاً عبر تشكيل لجان شعبية تستطيع إدارة المنطقة درءاً للانفلات، بحيث لا يكون هنالك انعكاس سلبي يؤثر على مصالح السكان”.

وتوقع درار أن يتوسع الحراك ويطال عموم سوريا وألا يقتصر على الجنوب السوري، نظراً لعدم وجود حلول ناجعة للأزمة المتفاقمة.

وأشار إلى وجود “عصابات تتوغل في مفاصل المجتمع تنهب خيرات البلد وتستنزف ثرواته”، محملاً الحكومة السورية السبب.

وناشد “درار” محتجي الجنوب السوري، بـ “ألا يكتفي حراكهم برفع الشعارات وهتافات إسقاط النظام”، بل عليه تنظيم المجتمع، لتشكيل بديل عن منظومة الحكم الحالية “المرتقب سقوطها”، عبر تشكيل لجان شعبية مؤهلة لإدارة المؤسسات القائمة لضمان استمرار عملها. وفقاً لقوله.

وطالب القائمين على الاحتجاجات لتأمين حماية الحراك والتواصل مع المناطق السورية الخارجة عن سيطرة “النظام”، وإقامة مشاريع مستقرة مع شمال شرقي سوريا ففيها “إدارة يمكنها التواصل مع المجتمع الدولي”، لدعم الحراك الشعبي في جنوبي البلاد.

وفي ريف حلب الخاضع لسيطرة المعارضة الموالية لتركيا، احتج العشرات من السكان في بعض المدن تضامناً مع احتجاجات درعا والسويداء.

إعداد وتحرير: محمد القاضي