غرفة الأخبار – نورث برس
قال حقوقيون، إن ردود فعل المجتمع الدولي عن الانتهاكات التركية ضد شمال شرقي سوريا، لا تزال حتى اللحظة “خجولة”.
وأشار جوان عيسو، محامٍ ومسؤول العلاقات في لجنة مهجري سري كانيه/رأس العين، إلى أنه “رغم الرسائل والتقارير ومذكرات الاحتجاج التي قدمناها إلى الخارجيتين الأميركية والروسية والأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطوني، لكن حتى اللحظة لم نتلقَّ أي رد إيجابي سوى بعض الوعود والتأجيل فقط”.
وأضاف لنورث برس، أن “هذا يدل على أن المجتمع الدولي في حالة تقاعس قانوني وأخلاقي إذ إن تركيا الآن، تستغل كل الوثائق والملفات الإنسانية وتقوم بتسيس هذه الملفات ومنها ملف اللاجئين وملف المياه”.
وتواصل القوات التركية والفصائل الموالية لها، اقتراف المزيد من الانتهاكات الجسيمة، والمخالفة للقانون الدولي والإنساني بحق المدنيين منذ بداية العام الجاري، في مناطق شمال شرقي سوريا، كما ازدادت وتيرة الاستهدافات التركية بالمسيرات والسلاح المدفعي بين الحين والآخر في الآونة الأخيرة، وآخرها كانت أول أمس الأحد، والتي أُصيب على أثرها جنديين من الجيش السوري بجروح، جراء قصف تركي يرجح أنها مسيرة على نقطتين للقوات الحكومية، في قريتي التوخار والجات في منبج، شمالي سوريا.
وفي الثالث من آب/أغسطس الجاري، استهدفت مسيرة تركية سيارة على طريق علي فرو في القامشلي، شمالي سوريا، أودت بحياة أربعة مقاتلين في صفوف قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وإصابة اثنين من المدينة.
وفي التاسع من آب/أغسطس الجاري، أعلنت “قسد” تنفيذ عملية “مباغتة” ضد فصائل موالية لأنقرة في قرية “عريشة” الواقعة بين منطقتي سري كانيه/رأس العين وتل تمر شمالي الحسكة. رداً على استهداف مقاتليها بالمسيرات التركية.
وأشار المسؤول، إلى أن “الانتهاكات موجودة والضحايا يزدادون والجرم ثابت ولكن لا يوجد تحرك دولي أو قرار أممي بإرغام الدولة التركية على انسحابها من مناطق شمال شرقي سوريا ومن المدن المحتلة”.
وقال، إن “إنهاء الاحتلال يعني بداية مرحلة جديدة للحل السياسي، وإنهاء ملف تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتنظيم القاعدة فكرياً وجغرافياً وسياسياً”، بحسب عيسو.
حصيلة
ووثّق قسم الرصد والتوثيق في نورث برس، حصيلة الانتهاكات التركية في شمال شرقي سوريا منذ بداية العام الجاري، في كل مدينة.
وبحسب الحصيلة: “قصفت تركيا الشمال السوري بـ47 ضربة بالطائرات المسيرة, بعدد مواقع 47، في ديرك بلغ عدد الضحايا شخصين، شخص قتل شخص وأُصيب آخر من “قسد” في موقع واحد ، وفي القامشلي 9 مواقع وبلغ عدد الضحايا 30 شخص، قتل 22 شخص منهم 13 “قسد” و 4 سيدة و 1 طفل وإصابة 8 أشخاص منهم 6 “قسد”.
وفي مدينة الحسكة 3 مواقع وبلغ عدد الضحايا 6 أشخاص منهم: قتل 5 أشخاص وإصابة شخص من “قسد”، وفي الرقة موقع واحد وبلغ عدد الضحايا شخصين أُصيبوا، منهم 1 سيدة، وفي عين عيسى موقع واحد وأُصيب طفل، وفي ريف حلب الشمالي 19 موقع حيث بلغ عدد الضحايا 33، قتل 14 شخص منهم 6 وإصابة 12 شخص من الحكومة وقتل 1 وإصابة 3 روسيا و وقتل 5 أشخاص وإصابة اثنان من “قسد”.
وفي كوباني 4 مواقع وبلغ عدد الضحايا 7 أشخاص، قتل 4 منهم 2 “قسد” وسيدة وإصابة ثلاثة أشخاص، وفي تل تمر 3 مواقع قتل واحد من صفوف “قسد”، وفي منبج 5 مواقع و بلغ عدد الضحايا 17 شخص، قتل 10 أشخاص بينهم 4 حكومة و 5 قسد وإصابة 7 أشخاص بينهم 2 حكومة و 2 قسد و طفلين ، وفي حلب موقع واحد و قتل عسكري حكومة.
انتهاكات وصمت دولي
وقالت أفين جمعة، إدارية في منظمة حقوق الإنسان في إقليم الجزيرة، شمال شرقي سوريا، لنورث برس، إن “تركيا هي المسؤول الأول عن ما يحدث من تدمير ممنهج للمنطقة والتركيبة السكانية فيها، وباعتبارها دولة احتلال فهي وفق القانون الدولي الإنساني مسؤولة عن تأمين أمن السكان في هذه المناطق. يجب أن تحاسب عليها وتحرك هذه الانتهاكات على شكل دعاوى أمام المحاكم الدولية لحقوق الإنسان، لمحاسبة مرتكبي تلك الجرائم”.
وأضافت أن الانتهاكات التركية كلها تجري تحت صمتٍ دولي، وجميعها يتم توثيقها عبر تقارير دورية بالإضافة لتحضير ملفات دعاوى فردية.
ويتم رفع التقارير إلى لجنة التحقيق الدولية الخاصة برصد الانتهاكات في سوريا، وجهات أخرى فاعلة في مجال الرصد والتوثيق، بالإضافة لرفع تقارير إلى لجنة دولية مختصة تقوم على إعداد هذه الدعاوى، ودراستها من الناحية القانونية والتحضير لرفعها للمحاكم الأوروبية.
وأضافت “جمعة”، لنورث برس: “وما يحصل هو هدف واضح تسعى إليه الحكومة التركية بمساندة فصائل المعارضة وهو إحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة، وإرغام المدنيين على ترك مناطقهم والمشروع الذي أعلن عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ عام 2018 بإعادة توطين ما يقارب المليون لاجئ سوري في الداخل التركي في المناطق المحتلة، وهو ما يتم تنفيذه بالفعل على أرض الواقع”.
وحول صمت الدول الكبرى والضامنة في شمال شرقي سوريا عن الانتهاكات التركية، قال نزار جليدي، كاتب ومحلل سياسي تونسي، ومدير تحرير موقع صوت الضفتين، يقيم في فرنسا، إن “القوى الكبرى ملتزمة باتفاقاتها مع تركيا، حيث أن الأخيرة لاعب مهم في العديد من المسائل الحساسة، وهي في شراكة وعداوة بنفس الوقت مع الجانب الروسي”.
وأعرب السياسي، في حديث لنورث برس، عن اعتقاده أن “قضية سوريا وبالتحديد شمالي سوريا، أصبحت الرقعة التي يتنافس عليها الجميع، بأن يكون له دور، وربما في الواجهة هي تركيا التي تضعها القوى الكبرى للمناورة بها ولصفحات من ما يسمى بالاكتتاب السياسي وحرب الصراعات الداخلية”، على حد تعبيره.