فياض محمد/ فاطمة خالد – الرقة
يحاول محمد التأقلم مع ظروف النزوح، مجبراً على العيش في مخيم، منذ أربع سنوات، إذ خرج حينها وعائلته من منزله بسبب الحرب.
كانت “الحياة أفضل نوعاً ما” في بداية السنوات الأربع، لكنه “الآن أشبه بالهلاك” وذلك لافتقار المخيم للدعم في كافة المجالات.
يعيش محمد العيسى، وعائلته، في مخيم تل السمن شمالي الرقة، شمالي سوريا، منذ نزوحه من قريته الحجازية بريف تل أبيض، بعد سيطرة الفصائل المسلحة الموالية لتركيا عليها.
ويعاني نازحو تل أبيض ظروفاً صعبة في مخيم تل السمن على مدار سنوات نزوحهم من قراهم، بعد اجتياح تركيا والفصائل الموالية لها للشمال السوري.
قلّة
يقول “العيسى” إن المخيم مؤخراً، يفتقر للدعم بكافة المجالات، الأمر الذي تسبب لهم بالمزيد من الضغوط في ظل ظروف معيشية صعبة.
ويضيف أنه لا يوجد فرص عمل خارج المخيم، لتأمين احتياجاتهم فهم يضطرون لدفع المال مقابل شراء حاجياتهم وأدويتهم، ناهيك عن ارتفاع الأسعار باستمرار.
ويضطر قاطنو المخيم للعمل في الحقول الزراعية المجاورة للمخيم، لتأمين ما تيسر من المال، إلّا أنّ عملهم في الزراعة موسمي وليس بدائم.
“لقد هلكنا ولا نريد سوى العودة إلى منازلنا؛ فالمعيشة في المخيم لم تعد تطاق”، يقول النازح بحسرة.
ويعاني النازحون في مخيم تل السمن شمالي الرقة من قلة الدعم في مجالات الصحة والتعليم بالإضافة لتردي أوضاعهم المعيشية والخدمية.
وخُصص مخيم تل السمن شمال مدينة الرقة لنازحين من مدينة تل أبيض وريفها الذين نزحوا جراء العملية العسكرية التي خاضتها تركيا بمساندة فصائل من المعارضة السورية التابعة لها نهاية العام 2019.
شحٌّ في الأدوية
وأمام خيمة مجاورة لسابقتها تجلس مريم العبد، تراقب طفلتها المريضة خشية انتكاسها مجدداً لتسعفها إلى أقرب مشفى أو طبيب من المخيم.
فالمستوصف الموجود في المخيم لم يعد يفي بالغرض ولا يقدم أي خدمات أو أدوية منذ مدة، وبعد توقف الدعم عنه ونقص عدد الأطباء، وفقاً لما قالته “العبد” لنورث برس.
وتضطر “العبد” لعرض ابنتها على طبيب خاص خارج المخيم، بعد إصابتها بضربة شمس بسبب موجات الحر الشديدة.
وبعد انسحاب معظم المنظمات الداعمة للمخيم، يشهد المركز الطبي فيه نقصاً في الأدوية النوعية وحتى الإسعافية، وفقاً لإداريين.
يقطن مخيمات شمال شرقي سوريا عشرات الآلاف من النازحين، وفي وقت سابق طالبت الإدارة الذاتية الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها الإنسانية تجاه النازحين في مناطقها.
خيامٌ مهترئة
بعد مضي أربع سنوات على النزوح، أثرت عوامل الطقس من أمطار وحرارة على خيمة رحيمة محمد، التي اهترأت شوادرها مؤخراً بسبب أشعة الشمس.
تقول “محمد” إنهم يفتقدون الدعم بعد توقف المنظمات الإنسانية عن تقديم المساعدات والأدوية في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها قاطنو المخيم.
ويعاني القاطنون في المخيمات والسكان من ظروف اقتصادية صعبة، نتيجة تدهور قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، فقد وصلت مؤخراً قيمة الدولار الأمريكي الواحد 14ألف ليرة سورية.
تعاني “محمد” من مرض السكري، فبالتالي هي بحاجة لأخذ الأدوية باستمرار، وزاد من معاناتها فقدان تلك الأدوية في المركز الصحي للمخيم.
وتضيف لنورث برس: “لو كنا في منازلنا لما أردنا المساعدة بشيء ولكننا مجبرون على النزوح ولا حول لنا ولا قوة”.
وفي التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2019 اجتاحت تركيا والفصائل المسلحة الموالية لها، مناطق تل أبيض/كري سبي، سري كانيه/رأس العين، تسببت بتهجير أكثر من 300ألف من السكان.
من جانبها تقول عفراء علي، نازحة في مخيم تل السمن، إن وضع وخدمات المخيم كانت جيدة، في بداية نزوحهم، وكانوا يتلقون المساعدات، أما الآن فأكثرها قد فُقد.
واضطرت “علي” لترقيع خيمتها بالبطانيات وذلك بعد اهترائها بسبب أشعة الشمس وعدم تجديدها من قبل إدارة المخيم، فأصبحت لا تقيهم حرارة الشمس أو أمطار الشتاء.
ويفتقر المخيم للدعم بالخيام منذ نحو 3 سنوات، حيث يعاني قاطنوه من اهترائها نتيجة تعرضها للعوامل الجوية، إذ باتت لا تقيهم حرارة الصيف ولا برد الشتاء.
وتشكو “علي” من الظروف الصعبة التي يعيشها النازحون، بعد انقطاع المساعدات فالأدوية معدومة والكهرباء شبه منقطعة دائماً، ناهيك عن صعوبة تأمين بقية الاحتياجات وقلة فرص العمل.
خدماتٌ غيرُ كافية
وعن تعليم أطفالها تقول “علي” إن الأطفال يذهبون يومياً إلى مدرسة المخيم، ثمّ يعودون بعد مدة وجيزة؛ لعدم تواجد المعلمين، فبات الأطفال ينظرون إلى غيرهم خارج المخيم كيف يتلقون التعليم بينما هم يفتقدونه.
وتفتقر المخيمات لمنظمات ترعى العملية التربوية، ما يهدد الأطفال من خطر انتشار الأميّة.
ومن جهته يقول “محمد شيخ علي” الرئيس المشارك لمخيم تل السمن، إن المخيم يشهد نقصاً حادّاً في كافة المجالات.
ويضيف “علي” لنورث برس، أنه من ناحية الصحة يوجد نقطة واحدة متنقلة تابعة لإحدى المنظمات، تأتي صباحاً لبضع ساعات وتذهب، و”هي غير كافية”.
وذكر “علي” أنه يوجد 1525طالباً/ة في المخيم، بحاجة إلى الدعم في مجال التعليم، ورغم أنهم ناشدوا الجهات المعنية في هذا الأمر، إلّا أنهم لم يتلقوا أي رد، وفقاً لقوله.
ويقطن مخيم تل السمن 6855 شخصاً موزعين على 1387 خيمة، أصبحت أغلبها مهترئةً لمضي أربعة سنوات على استخدامها، إذ أصبحت بالية وبحاجة للتجديد وفقاً لما ذكر الرئيس المشارك للمخيم.
يشير “علي” إلى أن طبيعة الأرض التي شُيّد المخيم عليها صحراوية، إذ يكون الطقس فيها حار جداً في فصل الصيف وهذا الأمر زاد معاناة النازحين في ظل غياب وسائل التبريد.
وذكر أن قلة الدعم الطبي في المخيم تسببت بوفاة طفلين أُصيبا بذات الرئة، إذ يفتقر المركز الصحي في المخيم للأدوية والمعدات الطبية النوعية.
ويطالب مسؤول المخيم بتقديم الدعم من قبل المنظمات المعنية، وتوسعته لاستقبال المزيد من العائلات النازحة من مناطق شمالي الرقة.