البنية التحتية في القامشلي بين سندان الهطولات المطرية ومطرقة إهمال البلدية

القامشلي –  إبراهيم إبراهيمي/ عباس علي موسى –   NPA
تعاني البنية التحتية لمدينة القامشلي (شمال شرق سوريا) فيما يتعلّق بالطرقات والعبارات والجسور من تضرّر كبير، حيث تشكلت في الطرق العامة الكثير من الحفر وتآكل الإسفلت سواء في المدينة أو التي تربطها بالأرياف، كما تعرّضت الجسور والعبّارات إلى تهدم جزئي في الأرياف، وقد ساهمت الهطولات المطرية الغزيرة هذا العام في تردي وضع البنية التحتية في المنطقة بشكل عام.
والملاحظ أن البنية التحتية لشبكة الطرق كانت سيئة خلال السنوات الماضية، لاقتصار أعمال الصيانة على ترقيع الطرقات، إضافة إلى استخدام مواد ذات جودة منخفضة.
ويمكن ملاحظة حال شبكة الطرقات في كلّ المدن والطرق الرئيسية والعامة، الأمر الذي شكل هاجساً لسائقي السيارات والآليات وسيارات الشحن على وجه الخصوص، الذين يعملون من أجل قوت عيشهم، فيشتكون من أضرار الحفر المتواجدة بكثافة على الطرقات، ممّا يضطرهم إلى دفع تكاليف إضافية لأعمال صيانة سياراتهم.
127 ألف ليرة
ويعاني سائقو السرافيس وسط مدينة القامشلي من تعرّض سياراتهم لأعطال مستمرة، بسبب الحفر المتواجدة بكثرة في الطرقات التي يضطرون للعبور فيها لعشرات المرات يومياً.
يقول يوسف محمد، أحد سائقي السرفيس بوسط المدينة لــ”نورث بريس”: “لقد تكلّفت بمبلغ 127 ألف ليرة سورية لأعمال صيانة الدوزان في سيارتي”، وبحسب يوسف فإنّ الدوزان من أكثر الأجزاء تضررا، فيضطرون لصيانته كل شهر تقريبا بشكل دوري، وهو ما يكبدهم خسارة كبيرة.
ويقول السائق الأربعيني “ليست المشكلة أن أدفع لصيانة سيارتي، فهذا بديهي، لكن الأصعب أن تدفع مبلغ الصيانة كل شهر، لسوء حال الطرق” وهو ما يوافق عليه بعض السائقين المتجمهرين حوله، حيث قام السائقون بوضع الحجارة الصغيرة في أحد الحفر في الطريق دون أن ينتظروا البلدية، فيقول علي(45 عاما)”لقد بادرنا إلى ملء أحد الحفر لخطورتها، ولن ننتظر حتى تأتي البلدية”.
 ويلجأ السائقون خوفا على سياراتهم إلى الابتعاد عن الحفر العميقة، مما يؤدي في بعض الشوارع الضيقة إلى التصادم.
مخالفات 
على طريق العنترية، خط سير سرفيس السوق-عنترية، قامت البلدية بتقشيط الطريق بمسافة /2/ كم تقريباً، الأمر الذي أدى إلى صعوبة المرور فيها، ولحقت بالسيارات أضرار كبيرة.
علي زيدان (40 عاماً) أحد سائقي السرفيس على خط السوق-عنترية، يشرح معاناته قائلاً “حين نصل إلى هنا (الطريق المقشوط) نضطر إلى سلوكه في الاتجاه المعاكس”، ومع أنّ زيدان يصرح بأنّه لم يُخالف من قِبل شرطة “الترافيك” شرطة السير بعد، إلا أنّه يؤكد إن ضبطوه سيخالفونه حتماً.
في حين يتحدّث سائقو السرافيس عن شبكة الطرقات داخل المدينة، فإنّ الحال ليس بأفضل في الأرياف، فهناك عدد من الجسور والعبارات تعرّضت للتخريب جرّاء الهطولات المطرية، إضافة إلى الطرق التي لم يعد الإسفلت باديا في أقسام كبيرة منها بسبب الاهتراء والتآكل.
يقول حسن علي، سائق سيارة أجرة، إن “الطرقات مليئة بالحفر وخاصة حفريات الصرف الصحي، وبين حفرة وأخرى ثمة حفرة” كما أنّه يتحدّث عن حال العبارات بقوله “جسر قرية حمارة يكاد يتهدّم بسبب الفيضانات، والأمطار، وغيرها من القرى أيضا ليست بأفضل حال، فإن تعطلت هذه الجسور، سينقطع القرويون عن المدينة”.
ميزانية ضخمة
وفيما نقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤولين تخصيص مبلغ42/ / مليار ليرة سورية، لمشاريع شبكة الطرقات والصرف الصحي وإعادة الجسور المتضررة في مناطق شمال شرق سوريا التابعة للإدارة الذاتية.
عبد الأحد كورية، الرئيس المشارك لـ”هيئة البلديات والبيئة في إقليم الجزيرة”(يشمل مدن وقرى محافظة الحسكة) صرّح لوكالة “نورث بريس” من مكتبه بهيئة البلديات في مدينة القامشلي: “إنّ الميزانية المخصّصة للربع الأول من هذا العام كانت مليار ليرة سورية، وفي الخطة الربعية الثانية ستكون 4.5 مليار”.
وقامت هيئة البلديات بحسب كورية بإجراء دراسات كاملة حول شبكة الطرقات الاستراتيجية العامة والواصلة بين المدن، وكذلك العبارات والجسور، إلا أنّ الدراسات المقدّمة تفيض عن حجم الميزانية المعلنة، حيث يقول كورية: “سنقوم في البدء بترتيب الأولويات، مثلا سنقوم بفتح طريق محاذي للمطار بحيث يكون بديلاً عن طريق علي فرو، وهذا سينجز في الـعام الحالي، إضافة إلى طرق أخرى مثل طريق عامودا قامشلي وعامودا حسكة”.
إلا أنّ معظم الطرق سيتم معالجته بالترقيع، وهي حلول مؤقتة وغالبا ما تكون إسعافية وغير مجدية، فتم ترقيع الطرقات في الصيفين الماضيين دون أن تصمد لأكثر من موسم شتاء واحد، ويعزو الفنيون السبب إلى رداءة بعض المواد المستخدمة في عمليات مدّ الإسفلت، والتي يصعب الحصول على نوعيات جيدة منها ذات انتاج محلي.
من جانبها أكّدت زوزان إبراهيم، الرئيسة المشاركة لبلدية قامشلو الغربية، لـ”نورث بريس” أنّ “أولويات عمل البلديات هي لخط السرافيس في المدينة وشبكة الصرف الصحي”، وتعتبر خطوط السرافيس الأكثر تضرراً، وسائقو السرافيس الأكثر تذمراً لكونهم يمرّون من هذه الطرقات لعشرات المرات يومياً، ويؤدي بسياراتهم لأعطال مستمرة.
وحول آلية عمل البلديات، تقول إبراهيم “قدمت لجان الكومينات (هيكل تنظيمي في الأحياء) الخدمية دراسة بالتعاون مع البلديات حول شبكة الشوارع والصرف الصحي الأكثر تضرراً، وسيتم ترتيب الأولويات لأننا لا نستطيع تلبية جميع الطلبات المقدّمة، لكننا سنحاول تغطية جزء كبير منها”.
وتم صرف قسم كبير من ميزانية البلديات القليلة أصلاً على الحدائق وزراعة الأشجار، وحول هذه النقطة أوضحت إبراهيم بالقول “سنقوم في هذا العام بتركيز الجهود على صيانة شبكات الطرق والصرف الصحي، لأنّها أولويتنا”.
ومع أنّ البلديات والمسؤولين يحاولون إلقاء اللوم الأكبر على الهطولات المطرية الغزيرة لهذا الموسم، فإنّ الأمر لا يكاد يكون أنّ الطقس ساهم في تسريع عملية تخريب شبكة الطرقات، ففي العام الماضي كانت الهطولات المطرية أدنى من معدلاتها بكثير، إلا أنّ الطرقات أيضا تعرّضت للتخريب، وشبكات الصرف الصحي لا تزال تعاني من انسدادات مع كل هطلة مطرية وهي مشكلة مستمرة، والجسور أصبحت قديمة وتحتاج إلى ترميم، وما كان على المطر إلا أنّه أعلن وقت البدء.