الرقة.. نازحو المخيمات العشوائية يضطرون للعمل بأجور متدنية

فرات الرحيل – الرقة

استثمرت سارة خبرتها في الخياطة، وأمام الحاجة وجدت المرأة في آلة الخياطة التي تجلس خلفها مصدراً لمساعدة زوجها بتأمين مصاريف العائلة.

تجلس سارة المحمد (41 عاماً)، وهي نازح من دير الزور شرقي سوريا، في مخيم سهلة البنات شرقي الرقة، شمالي سوريا، لمدة 9 ساعات يومياً على ماكينة خياطة يدوية، والتي تعد أكثر الأعمال الشاقة لمساعدة زوجها المريض، والذي لا يقوى على العمل.

يضطر النازحون في مخيمات الرقة العشوائية للعمل، لتأمين مصاريف عائلاتهم، ويعمل غالبيتهم في أسواق الرقة والأراضي الزراعية القريبة، بالإضافة للعمل بجمع الخردوات والبلاستيك.

منذ ثلاث سنوات، بدأت المرأة العمل، بعد أن لجأت إلى المخيم، وجدت في آلية الخياطة تلك، مصدراً للرزق خاصة في ظل قلة المساعدات الإنسانية من قبل المنظمات.

تقطن في مخيم سهلة البنات العشوائي شرقي الرقة 1570عائلة، من ضمنها 7811 طفل، و6 آلاف امرأة، ويوجد فيه 20 شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، بحسب إحصائية لمجلس الرقة المدني حصلت عليها نورث برس.

لدى “سارة” عائلة مكونة من 6 أفراد، جميعهم لا يستطيعون العمل، فالوالد مريض، وأكبر أطفاله في الرابعة عشرة من عمره.

يصل معدل دخل المرأة يومياً إلى 20 ألف ليرة سورية، تؤمن فيها بعض احتياجات أسرتها، كما تشتري لزوجها المريض بعض أدويته، خاصة أنه يعاني من مرض القلب والسكري.

رغم بساطة المبلغ الذي تجنيه مقارنة بالمصاريف التي تحتاجها، إلا أنه لا وسيلة أخرى لديها، “بحصة تسند جرة”، على حد قولها.

ويعاني النازحون في المخيمات العشوائية من ظروف معيشية واقتصادية صعبة، نتيجة قلة المساعدات الإنسانية، ويفاقم معاناتهم التدهور الكبير الذي ضرب قيمة العملة السورية أمام العملات الأجنبية، والتي وصلت إلى 13600 ليرة مقابل الدولار الواحد.

ويضطر محمد سيدو (43 عاماً)، وهو في الأصل من ريف حماة، ويقيم في مخيم سهلة البنات، للعمل بـ”العتالة”، بأجر لا يتجاوز الـ 20 ألف ليرة أيضاً، في ظل قلة المساعدات التي تُقدم لهم.

يقول إنهم يعانون أوضاعاً اقتصادية صعبة بسبب ارتفاع الأسعار المرتبط بسعر صرف الدولار، ويصف حالهم بـ “الموت البطيء”، و”عايشين من قلة الموت”.

ويعمل “سيدو” حارساً لمدة 12 ساعة، في سوق الأعلاف (الخانات)، مقابل 500 ألف كـأجر شهري، ونتيجة عجزه عن تأمين مصاريف أسرته، يبحث الرجل عن عمل إضافي، إذ أصبح الوضع “لا يطاق”، على حد وصفه.

ويطالب النازح بدعم للمخيم الذي يقطن فيه، خاصة في ظل صعوبة الظروف المعيشية التي يعانيها النازحون.

وفي وقت سابق، طالبت الإدارة الذاتية، الأمم المتحدة بتحمّل مسؤولياتها تجاه النازحين، والذين يعانون أوضاعاً إنسانية صعبة، نتيجة انسحاب منظمات من العمل في شمال شرقي سوريا.

وكما سابقيها، تعمل مريم الشيخ (34عاماً)، النازحة في مخيم تل البيعة شرقي الرقة، بـأحد “الخانات”، في تعبئة الأعلاف مقابل ألفي ليرة للطن الواحد.

وتقطن في مخيم تل البيعة شرقي الرقة، 346 عائلة، فيها 1739 طفلاً، و1385 امرأة، ويوجد في المخيم 11 شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وتعمل نازحات في المخيمات العشوائية في الرقة، بتعبئة الأعلاف بأكياس، مقابل أجور يتفقن عليها مع أرباب العمل، فقد تكون مقابل الطن الواحد أو بحسب الساعات، أو “مقطوعة”.

تصل أجرة “الشيخ” خلال اليوم الواحد، إلى 16 ألف ليرة في الحد الأقصى، في حال وُجد العمل، إذ تضطر أحياناً للانتظار من السابعة صباحاً حتى الرابعة عصراً، ليناديها أحد أصحاب “الخانات”.

وتعمل المرأة ضمن ورشة شكلتها، ويعملن أحياناً بـ”المقطوعة” والتي تدر مبلغاً أكثر، يترافق مع بذل جهد أكبر لإنجاز ما هو متفق عليه.

و”المقطوعة” عمل يتم الاتفاق عليه من قبل أرباب العمل والعاملين، وصاحب العمل ليس مسؤولاً عن مدة الساعات التي يعملن بها بينما يتم العمل عليه سريعاً من قبل الورشات، وذلك للحصول على عمل آخر في ذات اليوم.

تحرير: أحمد عثمان