مجلس الشعب السوري.. يضيف خيبة “استثنائية” أخرى

ليلى الغريب ـ دمشق

خيبة جديدة عاشها السوريون الذين علقوا آمالاً على أن تقوم مؤسسة ما في البلد باتخاذ خطوة جدية نحو وقف التدهور المستمر إن لم يكن إصلاحه.

جلسة مجلس الشعب الاستثنائية، ليس فقط أنها لم تتخذ أي موقف من الحكومة، كما ذهبت بعض التوقعات، بل هي أتاحت لرئيس الحكومة أن “يبشر” السوريين بمزيد من التدهور، ويتحدث صراحة عن إلغاء ما تبقى من دعم.

حتى ما تم تداوله عن احتمال قيام المجلس بطلب “حجب الثقة” عن الحكومة، انتهى “بصورة هزلية” كما وصفها البعض، حين انتشرت صورة لورقة صغيرة مكتوبة على “عجل”، وقع عليها أعضاء في المجلس لم يصل عددهم إلى نصف العدد المطلوب للمطالبة بحجب الثقة.

دعوة مجهولة

كل الآمال التي عقدت على الجلسة اختصرها خبر لوكالة الأنباء الحكومية سانا، بالقول إنه تم تشكيل لجنة مشتركة من أعضاء في المجلس، واللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء، لإعداد “حزمة متكاملة من المقترحات العملية والفاعلة للنهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي والمالي والنقدي”.

الخيبة وجدت تعبيراتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سواء ممن عوّلوا على أن يقوم المجلس بأي خطوة، أو ممن كانوا استبقوا الجلسة بالإشارة إلى أن المجلس لم يسبق له في تاريخه أن اتخذ خطوة بحجب الثقة عن الحكومة أو أحد أعضائها.

سرعان ما عادت صورة المجلس في أذهان الناس كما كانت: “مجموعة من الأفراد غير الفاعلين ولا القادرين”.

“إنك لا تجني من الشوك العنب” عبارة كتبها أحد الإعلاميين، كان من ضمن صحفيين التقوا مؤخراً بالرئيس بشار الأسد، وهي عبارة مهذبة وردت بأشكال أخرى إذ كتب البعض المأثور المتداول شعبياً في حالات كهذه، ويقول “يا طالب الدبس من .. النمس”.

استثنائية

يقول أحد الصحفيين لنورث برس إن “استثنائية” تلك الجلسة، كانت في حجم الخيبة التي أعقبتها، وفي كلام رئيس الحكومة الذي جاء معاكساً حتى لأكثر التوقعات تشاؤماً، وكذلك في شكل الدعوة إلى تلك الجلسة.

ويضيف أن الدعوة كانت “غريبة” نوعاً ما، إذ انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تلك الدعوة التي لم تقم أي جهة بتبنيها، ولم يعرف أحد حتى الآن من الجهة التي دعت المجلس لجلسة استثنائية، إذ إن الدعوة لم تنشر على صفحة المجلس الرسمية، كما لم تنشرها وكالة “سانا” بل اكتفت بخبر صباح أمس، يقول إن المجلس سيعقد جلسة استثنائية.

وتقول المادة 8 من النظام الداخلي للمجلس: يجوز دعوة المجلس إلى دورات استثنائية وذلك:

1ـ بناءً على طلب من رئيس الجمهورية.

2 ـ بناء على طلب خطي من ثلث أعضاء المجلس.

3 ـ بقرار من مكتب المجلس.

جاءت الدعوة، كما يقول الصحفي السوري، وسط انهيارات تاريخية جديدة في سعر الليرة، إذ تجاوزت حاجز 13 ألف ليرة اليوم، وكان نص الدعوة التي انتشرت يذكر ذلك بوضوح ويقول إن الجلسة مخصصة لبحث الواقع الاقتصادي، وسعر صرف الليرة السورية.

إلا أن ما جرى فعلياً هو أن رئيس الحكومة كان يريد أن يبلغ السوريين ما آلت إليه أحوالهم، ولا يعدهم بأي حل، سوى أن عليهم أن يستعدوا للأسوأ، وخاصة أنه أعلن أن على الحكومة “اتخاذ قرارات جريئة ومسؤولة وعقلانية”، وأنه “لا بد من التوجه نحو خيار عملي وواقعي بخصوص أسعار بعض السلع الرئيسية المدعومة”.

وهذا يعني أن الحكومة تتجه لإلغاء الدعم، أو ما تبقى منه، خاصة أن رئيس الحكومة قال بوضوح إن الاستمرار بنهج الدعم “لم يعد مقبولاً”.

ويختصر الصحفي بالقول إن “ما شهدناه لم يكن جلسة لمجلس الشعب، بل هو إبلاغ حكومي للسوريين، عبر خطاب ألقي من تحت قبة من يفترض أنهم يمثلون الشعب، تقول الحكومة فيه إن الانهيار في سوريا مسؤولية يتحملها السوريين أنفسهم، والعالم كله يعاني انهيارات، وأن الدولة لم تعد قادرة على مزيد من الدعم”.

وحدد رئيس مجلس الشعب، لكل عضو دقيقتين فقط للحديث، وكانت المداخلات عبارة عن أسئلة عامة، وكل الزوبعة التي تداولها سوريون عن أن ثمة “توجيهات” للمجلس بأن يقوم بخطوة حجب الثقة عن الحكومة انتهت بخيبة أخرى.

إذ إن شكل الورقة التي نشرها عضو في المجلس في صفحته وعدد الأعضاء الذين وقعوا عليها، والأخطاء اللغوية فيها، وكتابتها بخط اليد، وبشكل غير مقروء بسهولة، كل ذلك يشير إلى أن ذلك المجلس لم يرتق بعد إلى أن يكون مؤسسة تمثل الشعب.

ويقول الصحفي: “رغم أن السوريين لم يعوّلوا كثيراً في السابق على مجلس الشعب في اتخاذ أي خطوة، وهو فعلاً لم يسبق له أن اتخذها، إلا أن ما جعل الخيبة كبيرة، كان شكل الدعوة لتلك الجلسة وما رافق الإعلان عنها من آمال في اتخاذ خطوات، منها حجب الثقة عن الحكومة على الأقل”.

إلا أن ما جرى كان مغايراً، حتى أن الجلسة لم تبث على الهواء مباشرة، وكانت في معظمها مخصصة لرئيس الحكومة كي يقدم الكلام ذاته الذي تكرره الحكومة منذ سنوات.

حدد خيارك

وإضافة إلى العبارات التي عبر بها السوريون عن خيبتهم من الجلسة، وصف بعض المختصين الجلسة بأنها “نعوة تعلن عجز الفكر الحكومي عن إيجاد حلول”، حسب ما كتب الخبير الاقتصادي عامر شهدا، في صفحته الشخصية.

وأضاف: “بعد خراب اقتصاد البلاد وإفقار العباد. ننعي إليكم فكرنا الاقتصادي الذي عجز عن إيجاد حلول لمعادلات خلقتها خططنا وقراراتنا أدت بالاقتصاد لكارثة”.

رئيس حركة البناء الوطني أنس جودة، لخّص في منشور عبر صفحته، ما جرى بالقول إن “الحلول السحرية التي قدمها السيد رئيس الحكومة تتلخص بما يلي: “رفع الدعم وتحرير أسعار السلع، تعويم الليرة، التوقف عن سياسات التوظيف”.

وأضاف “جودة”: “لاحقاً سنسمع أيضاً نغمة استثمار القطاع العام أو خصخصته بحجة عدم وجود موارد كافية وفقاً لسياسات ليبرالية حديثة مطابقة تماماً لوصفة البنك والصندوق الدولي، وإنهاء كامل لشعارات الاشتراكية والدولة الراعية التي استنزفت موارد الدولة حتى الهلاك”.

أما الخبير الاقتصادي عمار يوسف فكتب جملة واحدة قال فيها: “يا بدك تطعميني يا بدك تسرقني حدد خيارك”.

تحرير: تيسير محمد