ما الذي ينتظره العرب من دمشق ولماذا طال أمد الخطوة السورية؟
ليلى الغريب/ أردو جويد ـ دمشق/ حلب
رغم التوقعات المتفائلة التي رافقت زخم الحراك السياسي، منذ مطلع أيار/ مايو الماضي، ما زالت الأزمة السورية دون أي أفق للحل.
فهل تعثرت الجهود والمبادرات، خاصة التي بلورها العرب في اجتماعي (جدة وعمان)، وأفضت إلى عودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية؟ أم أن الأزمة بانتظار خطوة من دمشق، حسبما تقضي المبادرة التي بدأها العرب بخطوة إعادة سوريا إلى الجامعة؟
والأهم، ما الذي ينتظره العرب من دمشق؟ ما الخطوة التي يطالبون باتخاذها؟ وهل سيكون التجاوب مضموناً؟
صعوبات
منذ الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأردني إلى سوريا في 3 من الشهر الجاري، والتقى خلالها الرئيس السوري بشار الأسد، لم تعد المبادرة العربية، التي تبلورت في اجتماع عمان، تطرح إعلامياً.
لكن الوزير الأردني كان أعلن خلال زيارته، من دمشق، أنه ثمة “صعوبات كبيرة” تواجه جهود الحل السياسي للأزمة، وتحدث الصفدي عن قضايا عودة اللاجئين، والمفقودين، وتهريب المخدرات عبر سوريا، ووصفه بأنه “خطر حقيقي”.
وقال إنه يجب أن تكون هناك “خطوات تقنع المجتمع الدولي بأن ثمة تقدم يحصل حتى ترفع العقوبات”، وهو ما يشير إلى أن رفع العقوبات الغربية مرتبط أيضاً بتلك المبادرة.
فما الخطوات المطلوبة التي تحدث عنها الصفدي؟ وهو الذي زار سوريا ممثلاً للدول العربية، وليس فقط لبلاده.
من مفارقات الأزمة السورية، حسبما يرى كاتب متخصص بالشأن السياسي، يقيم في دمشق، أن تكون عودة اللاجئين، ملفاً يطرح على السلطات السورية بوصفه خطوة في مسار الحل، وليس أن تكون تلك السلطات ذاتها هي التي تطالب بتلك العودة، إذ إن هؤلاء مواطنون سوريون أولاً قبل أن تشردهم الحرب.
ويضيف الكاتب الذي فضل عدم ذكر اسمه، لنورث برس، أن هناك دوماً ملفات وقضايا تبقى خلف الغرف المغلقة، وما اتفق عليه العرب في لقاء جدة لم يصل كله إلى الإعلام.
لكن ما تسرب وكذلك ما تشير إليه التصريحات هو أن الخطوة المنتظرة من دمشق الآن تتركز حول البدء بخطوات عملية لوقف تهريب المخدرات، وبحث خطوات لعودة اللاجئين، يتبع ذلك قضايا أخرى أكثر حساسية تتعلق بالمفقودين، وبدء مسار سياسي.
عوائد بالمليارات
لماذا المخدرات؟ وهل يشغل العرب انتشار تلك الآفة، لتكون نقطة تفاوض مع دمشق؟ يتساءل الكاتب السوري، ويجيب: إن هناك تقديرات تقول إن تجارة المخدرات تحقق “عوائد بمليارات الدولارات”.
ويشير إلى أرقام أوردتها صحيفة دير شبيغل الألمانية، التي زعمت أن أكثر من 5 مليارات دولار هي عوائد تلك التجارة، وهو ما يفسر طرح ذلك الملف ضمن مفاوضات يفترض أن تكون معنية بحل سياسي قبل أي شيء آخر.
ويشير في هذا السياق إلى مشروع القانون الذي طُرح قبل أيام أمام مجلس النواب الأمريكي، ويتناغم مع هذا الطرح إذ يمضي أكثر باتجاه “محاربة المخدرات”، بل إن أحد واضعي القانون قال في تصريح لصحيفة “ذا ناشيونال” إن على الولايات المتحدة أن تؤدي دور “الشرطي السيء” في هذا الشأن.
بنية تحتية
وعن عودة اللاجئين، فقد أشار المحلل السياسي أحمد العباس (اسم مستعار) إلى أنه سبق أن صدرت عدة تصريحات لمسؤولين سوريين تشير إلى أن ذلك الأمر يستدعي تأمين بنية تحتية مناسبة، وفي ذلك ربط بين تلك العودة والمساهمة التي تتوقعها دمشق من العرب في إعادة إعمار البلاد، وهي عملية صارت تقدر بمئات مليارات الدولارات.
لكل ذلك فإنها الخطوة (إعادة اللاجئين) التي ستقدم عليها دمشق رداً على خطوة إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، و”النصر السياسي” الذي حققته السلطات فيها، خاصة عبر مشاركة الأسد في القمة العربية التي احتفى بها الإعلام السوري وإعلام حلفائه.
هل قطع العرب خطوة؟
وقال “العباس” لنورث برس، إن مسار الحلول السياسية للأزمة السورية كان دوماً يبدأ بالآمال العريضة قبل أن تتحول إلى سجالات غير مجدية، ثم تتلاشى، منذ الاجتماعات التي عقدت في إسطنبول بداية الأزمة السورية، وليس انتهاء بمسار جنيف، ثم أستانا.
وأضاف أن مسار المبادرة العربية، التي وضعها الأردن ثم أعاد لقاء جدة صياغتها، لا يختلف كثيراً، فالخطوة التي أقدمت عليها الدول العربية من استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، لا تعدو كونها خطوة إعلامية، استثمرتها دمشق إعلامياً أيضاً، ولكن على أرض الواقع لم يحدث أي تطور حقيقي في المواقف العربية تجاه دمشق.
وأشار المحلل السياسي، إلى أن الدول الراعية للمبادرة العربية لا تتردد في دعم الاقتصاد التركي عبر وضع الودائع الكبيرة في مصارفه، في وقت يحتاج فيه السوريون كل دعم ممكن.
وعليه فإن تنفيذ أي خطوة مطلوبة الآن “يتوقف على حجم تداعياتها”، بحسب المحلل السياسي، وأضاف: “الواضح أن هناك تخوفاً حقيقياً في دمشق من أي خطوة لن تكون واحدة في مسار الحل الذي تقول عنه جميع الأطراف إنه سيكون شاملاً”.
في حين رأى نبهان الخليل، وهو اسم مستعار لعضو في أحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية بحلب أن إعلان دمشق عن الخطوة الأولى “لن يكون في السرعة المتوقعة والعزلة التي عاشتها منذ أكثر من عقد لن تعود دون استعادة الثقة والتواصل مع الدول العربية”.
وأضاف “الخليل”، لنورث برس، أن الثقة تنطلق من تعزيز التبادلات التجارية والاقتصادية والتعاون في مجالات أخرى مثل السياحة والثقافة والتعليم بالإضافة إلى الجوانب الأمنية “بما يخدم عودة الثقة نحو تطبيع منفتح دون أي حدود لعودة سوريا إلى ازدهارها المستقبلي”.
وأشار “الخليل” لنورث برس، أن من سياسة دمشق “التهميش لما لا تريد وهي تعلم ما يدور في محيطها جيداً”، وأكبر تجاربها مع المعارضة السورية في عدد الاجتماعات غير المباشرة والمباشرة مع الضامنين منذ أكثر من عقد من خلال آستانا وغيرها التي جعلتها الحكومة تتفكك وتعود إلى نقطة الصفر وهي لن تغيير أسلوبها لا اتجاه الدول العربية ولا الغربية”.