الثقافة ثالثاً.. كيف تتغلغل إيران في دير الزور (3)

زانا العلي ـ الرقة

ما إن تمددت إيران في سوريا بشكل عام وشمال شرقها بشكل خاص، حتى بدأت بتغير ثقافة المنطقة لتصبح أقرب إلى الفارسية، كإحياء أنساب عشائر “آل البيت” وتمجيد شخصيات مثل “الحسين وفاطمة”.

دخلت إيران شرقي سوريا في العام 2017، بحجة مساندتها قوات الحكومة السورية، في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، لكنها بدأت بالتمادي ونشر فكرها في المنطقة.

تعمدت الفصائل التابعة لإيران،  جذب النساء من خلال دعمهن عبر المراكز الثقافية أو تجنيدهن عسكرياً وإنشاء مراكز ثقافية خاصة في البوكمال والميادين تقيم فيها العديد من الأنشطة التي تدعم النساء، منها دورات تمريض وخياطة، وتعين معلمات مدارس من قبل المراكز الثقافية الإيرانية.

بدأ “لواء الباقر” التابع للحرس الثوري الإيراني، في مدينة الميادين شرقي دير الزور، بتجنيد النساء، في محاولة لإنشاء كتيبة نسائية تحت مسمى “كتيبة الزهراء، واستعانت قائدة الكتيبة (مجهولة الاسم) بالنساء في منظمات لحزب البعث في البوكمال”.

بحسب مصادر اعتمدت نورث برس عليها، فإن تلك المنظمات، قامت بفتح مقرات لهذه الكتيبة (الأول في حي الجورة – الثاني في منطقة المعري بمدينة البوكمال)، توكل إليهم مهام استخباراتية.

كشافةالمهدي

يتبع التشكيل العديد من السياسات مع أطفال المنطقة الشرقية في سوريا، منها التغيير المذهبي حيث شهدت مناطق دير الزور وريفها منذ منتصف عام 2019 إرسال مجموعات من الأطفال إلى مراكز وحوزات شيعية في النجف وكربلاء. إضافة إلى إنشاء دورات ضمن مناطق سيطرتهم في (البوكمال، الميادين، ودير الزور).

ووفقاً للمصادر فإن الفصائل الإيرانية تقوم بتنظيم رحلات ترفيهية للأطفال إلى مقامات شيعية في أرياف دير الزور، مع إعطاء مكافآت مالية.

يشرف على عمليات تجنيد الأطفال قيادي محلي في لواء الباقر يدعى “منتصر الحسين” من بلدة حطلة شرقي دير الزور.

أما في البوكمال يشرف على تجنيد الأطفال المدعو يوسف الحمدان أبو عيسى المشهداني ،قائد “الفوج ٤٧ حرس ثوري”، وبلغ عددهم 200 طفل تم تسميتهم بـ”كشافة الفوج 47″، وأقيمت لهم 10 معسكرات تدريبية خلال العام الفائت.

وبحسب مصادر إعلامية في تلك المنطقة، قتل أكثر من ١٨ طفلاً في دير الزور خلال قتالهم مع الفصائل الإيرانية خلال عام 2022.

وبرزت فرق (كشافة المهدي وكشافة البتول ونجمات البتول)، وكان عملها تجنيد الأطفال من الجنسين. واستغلت هذه الفرق حاجة الناس، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها وذلك عبر تقديم الإغراءات المادية والمساعدات الشهرية.

ومن الداعمين المحليين لـ”كشافة المهدي”، محمد أمين الرجا (عضو مجلس شعب) من بلدة حطلة، ونواف راغب البشير شيخ عشيرة البكارة.

يتمركز الفريق في المربع الأمني في مدينة البوكمال، وفي حي الصناعة، ووسط مدينة دير الزور، وحي العمال، وكلية الهندسة الإلكترونية في شارع بور سعيد.

الثقافة المجتمعية

عملت فصائل تابعة لإيران منذ سنوات، على تدريب أبناء العشائر، لكنهم لا يتمتعون بالصلاحيات كالأجانب (غير السوريين)، باستثناء حصولهم على بطاقات أمنية لا يمكن لقوات الحكومة السورية اعتراضهم.

أما المقاتلين منهم يتم إرسالهم إلى مهمات لتمشيط البادية ومناطق يعتقد بتواجد تنظيم “داعش” فيها، وعادة يقتل هؤلاء العناصر، أو لحماية آبار النفط لضمان عدم الهجوم على قواتهم المتواجد في تلك المناطق.

وأحياناً أخرى، تشكل الفصائل العشائرية، دروعاً بشرية لحماية المقرات الأمنية والمشافي التابعة للحرس الثوري الإيراني أو القواعد العسكرية، مثل قاعدة الإمام علي، والتي لا يسمح أساساً بدخول عناصر سوريين إليها.

ويقتصر دور تلك الفصائل على ترفيق وحماية شاحنات التهريب، كون أغلب تلك الفصائل لا تثق بهم إيران، بسبب تسريبات تحدث بين الفينة والأخرى من صور ومقاطع فيديو أو إحداثيات لمواقع عسكرية.

المراكز الثقافية

يقود المراكز الثقافية الإيرانية في دير الزور المدعو حاج رسول الإيراني وتتوزع في مناطق: الميادين، يقودها شوقي الراوي، البوكمال يقودها راشد سعيد الفيصل وهو قيادي سابق في “الحرس الثوري الإيراني”، ومركز في بلدة حطلة وآخر في محكان”.

تستهدف هذه المراكز فئات المجتمع كافة بعد دراسات تقوم بها، (فئة الأطفال، عبر إقامة الاحتفالات الدينية وإشراكهم بها أو عبر تكريمهم ضمن المدراس أو في حملات الكشافة، إضافة إلى إرسالهم إلى مناطق قم والنجف لتعليمهم المذهب الشيعي”.

أما النساء تستهدفهم عبر إقامة دورات تدريبية تشمل (الخياطة، الكوافيرة، التمريض، التعليم، واستهداف الصغيرات في دورات “نجمات البتول”.

وفيما يخص الرجال تستهدفهم في التدريبات المهنية، مثل الكهرباء، الصحية، الأعمال الإنشائية، تعليم الحاسوب، الإعلام والتصوير.

وتستهدف الفصائل النخب والمؤثرين في المجتمعات وأصحاب الشهادات كون هذه الفئات لها تأثير على سكان المنطقة في تحسين صورة إيران في دير الزور.