طريقة إدارة الاقتصاد السوري تؤدي إلى انهيارٍ يومي في مؤشراته

ليلى الغريب ـ دمشق

يشهد الاقتصاد السوري انهياراً شبه يومي في معظم مؤشراته، ويترافق ذلك مع تراجع في الوضع المعيشي والصحي للسكان.

ويعيش معظم السكان وأصحاب الخبرات الاقتصادية حالة من اليأس، بسبب استمرار تراجع  مؤشرات الوضع الاقتصادي، وعدم الالتفات لإيجاد أي حلول تعمل على وقف التراجع اليومي في الواقع الاقتصادي الذي يدفع ثمنه الناس من معيشتهم وصحتهم.

فساد ومحسوبيات

وما يزيد من سوء الوضع هو طريقة إدارة الاقتصاد التي يصفها البعض بالتسلطية والشللية، حيث أنه لا يوجد تجار في البلاد، وإنما هنالك إقطاعيات لكل قطاع.

وأشار أحد المتابعين للشأن الاقتصادي إلى أن الأموال التي وصلت سوريا من دولة الإمارات فقط تصل إلى 3 مليار دولار، وأن مبلغاً كهذا يمكن أن يحدث تأثيراً إيجابياً فيما لو تم التعامل به بما ينعكس بالفائدة على الاقتصاد والمواطنين.

ولكن “هذا لم يحصل، والسرقات تحصل جهاراً”، حسب قوله، من قبل أطراف ينتمون لجهات عامة تنتهي تبعيتهم “لأصحاب مناصب متقدمة”.

وأن الأمر، بحسب المصدر، “يحتاج إلى القضاء على الفساد والفاسدين المتسترين، ودون ذلك سيستمر انهيار الوضع الاقتصادي”.

ويجمع اقتصاديون في مناطق سيطرة الحكومة، على أن الواقع الاقتصادي في سوريا “صعب للغاية”، ولا يشبه غيره من اقتصادات البلدان، وأن بلداً كالصومال أصبح مقصداً لسوريين كثر.

وهنالك من يضع اللوم على الإدارات التي أصدرت القرارات والقوانين الهدامة التي انتهت بهذه المشاكل، أو بالحكومات غير الكفؤة، والتي لم تتمكن من إدارة الاقتصاد بالشكل الذي يجنبه المشاكل التي يعانيها الآن، كضرورة العمل على  تحرير الأسواق من كل القيود والقرارات الهدامة للاقتصاد الوطني، وكذلك تحرير سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، ومعالجة موضوع التضخم.

إلغاء المعيقات

واقترح اقتصادي وصاحب منشأة صناعية، في حديث لنورث برس، إلغاء القرارات التي أثبتت التجارب اليومية فشلها مثل كل قرارات المصرف المركزي المتعلقة بتقييد حرية سحب ونقل الأموال، وإلغاء منصة تمويل المستوردات وتعهد التصدير وقرار تجريم التعامل بالدولار، وتأسيس منصة في المركزي لبيع وشراء الدولار لمعرفة ما هو سعر التوازن الحقيقي بين العرض والطلب على الدولار.

وبرأيه أن هذا “يساهم في منع صفحات فيسبوك المجهولة المصدر من التحكم باقتصاد البلد”.

في حين أشار سامر خضر (اسم مستعار) لأستاذ في كلية الاقتصاد، إلى أن عوامل استقرار الليرة “غير متوافرة”، وأن هنالك “تراجعاً كبيراً في الإنتاج والتصدير، وضعفاً في دور البنك المركزي”.

ولفت إلى سوء التعامل مع موضوع الاستيراد، حيث قامت الحكومة بفتح الباب لاستيراد مواد كمالية يمكن الاستغناء عنها لأشخاص محددين، وترك السلع الأساسية لأشخاص محددين أيضاً يتحكمون بسعرها، الأمر الذي تسبب بارتفاع كبير في الأسعار لغياب المنافسة.

وأشار “خضر” إلى أن الأسباب التي تؤدي لرفع سعر الصرف “كثيرة”، والمشكلة أن هذا ينتهي “بأرباح كبيرة لشخصيات نافذة”.

خطوات واضحة

وأشار الاقتصادي “خضر” إلى أن خطوات تراجع قيمة الليرة “واضحة منذ نحو عام تقريباً”. وأن “أكبر كارثة مالية” واجهت الاقتصاد السوري هي “هروب رأس المال للخارج على شكل دولار”، الأمر الذي أدى لمزيد من انهيار الليرة السورية.

وذكر أن ارتفاع أسعار الدولار يتسبب بأضرار كبيرة على الاقتصاد، من حيث تراجع القوة الشرائية للرواتب الضعيفة أصلاً، وللمدخرات والاحتياطات النقدية بالليرة السورية سواء كانت في المنازل أو المصارف.

بالإضافة لارتفاع كبير في الأسعار، والأهم من ذلك هو حصول حالة من الخوف من ارتفاع سعر الصرف، مما يزيد الطلب عليه، ويؤدي إلى المزيد من ارتفاع سعر الدولار.

تحولت إلى عبء

وأنه في هذا المناخ العام يلجأ التجار إلى شراء الدولار وتخزينه. وشدد أحد التجار في حديث لنورث برس، على أن حصيلة أمواله اليومية بالليرات السورية “تشكل عبئاً حقيقياً عليه”، لأن تركها كذلك ريثما يعيد شراء بضاعة جديدة يعني “خسائر كبيرة في قيمتها”، كما أن تحويلها إلى دولار أو ذهب، “ليس بالأمر السهل”، وسيجد صعوبة في شراء البضائع فيها مرة ثانية. وأشار إلى أن هذا حال معظم التجار الذين يعملون برأس مال محدود.

تحرير: تيسير محمد