التهديدات التركية تمنع أصحاب مشاريع صغيرة في كوباني من تطويرها

فتاح عيسى – كوباني

يعمل محمد على توسيع عمله بصناعة “البوظ”، وإضافة معمل لتعبئة المياه الصحية إلى جانبه، إلا أن مخاوف دائمة من التهديدات التركية والقصف المتكرر ومحاولات شن هجمات على المنطقة، تمنعه، وهو الأمر الذي يؤثر على تطوير مشاريعه.

يقول نبو محمد علي (53 عاماً) وهو صاحب معمل صناعة البوظ ومعمل لصناعة الحجر والرخام في كوباني، إنه افتتح في عام 2020 معملاً للبوظ بحجم صغير لتأمين احتياجات المنطقة، إضافة لافتتاح معمل لصناعة الحجر والرخام قبل ذلك.

ويرى أصحاب المشاريع الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة في مدينة كوباني، شمالي سوريا، أن التهديدات التركية على المنطقة وقصفها المتكرر بالطائرات المسيرة والمدفعية، تقف عائقاً أمام تطوير وتوسيع هذه المشاريع، وتأسيس المزيد من المشاريع الاقتصادية التي تحتاجها المنطقة.

ويعمل مصنع “محمد علي” برأسمال يصل إلى 14 ألف دولار، ويستفيد منه ثمانية عمال، إضافة إلى أن عمال الصيانة “الكهرباء والحدادة وفلترة المياه”، يستفيدون من مشروعه أيضاً.

عائق التهديدات

يرى “محمد علي” أن التهديدات التركية للمنطقة تعتبر عائقاً أمام رغبتهم بتوسيع المشاريع الصغيرة وتأمين احتياجاتها من بعض المنتجات.

خاصة أن في كوباني مساحات أرض كبيرة، وتوفر الأيدي العاملة والرأسمال، يجعلهم يفكرون بإنشاء مشاريع جديدة، إلا أن التهديدات التركية تعتبر “عائقاً جدياً”، حيث يتخوف أصحاب رؤوس الأموال من احتمال قصف المعمل، أو اجتياح المنطقة ونهبه من قبل تركيا، “كما فعلت في عفرين”، يقول “محمد علي”.

ولدى الرجل معمل لصناعة الحجر، ويرغب بتطويره، لكن لا يستطيع بسبب المخاوف من التهديدات التركية للمنطقة.

ورغم أن هناك أشخاص يريدون مشاركته في الاستثمار بهذه المشاريع عبر رفد المعامل برأسمال أقوى، إلا أن التهديدات التركية ومخاوف تأثيراتها على هذه المشاريع تؤدي لتوقف تنفيذها.

وفي كوباني “كنز حقيقي” للاستثمار وهو الحجر ويعتبر أغلى من القمح والبترول، وسيعود الاستثمار فيه بالفائدة على المنطقة ويؤمن فرص عمل لمئات الأشخاص، إذا ما تم إنشاء مقلع حجارة بحجم كبير، إضافة إلى مناشر حجر من أجل استخدامها في مشاريع البناء، على حد وصف “محمد علي”.

مخاوف من الاستثمار

يوضح “محمد علي” أن رأسمال معمل ومقلع يتراوح بين 200 و300 ألف دولار، لكن بسبب الخوف من الاستثمار في ظل التهديدات التركية وتعرض المنطقة للقصف المستمر، فإن السكان وأصحاب رؤوس الأموال داخل المدينة، والمهاجرين في الدول الأوروبية يعرضون عن الاستثمار .

ويرى أنه من الضروري تحقيق الاستقرار السياسي في المنطقة، لإنشاء مشاريع جديدة والاستثمار فيها برؤوس أموال كبيرة.

بينما سربست بكي (34 عاماً) وهو صاحب معمل صناعة “الكولا” في كوباني، فكر مراراً في إضافة خط إنتاج تعبئة الكولا بعبوات “تنك” وتعبئة مشروب الطاقة، بسبب الطلب الكبير عليه، إلا أن التهديدات التركية تجعله في كل مرة محتاراً في أن يبدأ المشروع أو لا، خوفاً من عدم استكماله، وخسارة رأسماله في أي لحظة تقرر تركيا شن حرب على المنطقة.

وبدأ الرجل بتأسيس معمله في نهاية عام 2021 برأسمال بلغ أكثر من 250 ألف دولار، حيث ينتج المعمل كمية تتراوح بين 500 و1000 طرد من “الكولا” من الحجم العائلي، يتم بيعها في مدن كوباني ومنبج والرقة والطبقة والحسكة ودير الزور.

لكن مخاوفهم من هذا التهديدات، تقف عائقاً أمام توسيع مشروعهم الذي سيوفر فرص عمل إضافية ويحقق الفائدة للمزيد من السكان.

تهديدات تمنع التطوير

يستطيع الرجل إضافة خط إنتاج لتعبئة العصائر والمياه الصحية، إلا أن القصف التركي المتكرر على المنطقة وعدم تحقيق الاستقرار السياسي يدفعه لتأجيل تنفيذ هذه الأفكار والمشاريع حتى يتحقق ذلك الاستقرار.

وفي حال حدوث الاستقرار سيعمل المستثمرون لافتتاح العشرات من المعامل، وذلك سيعود بالفائدة على الجميع، وتبديد مخاوف المستثمرين، وإيقاف الهجرة بين الشباب وربما عودة اللاجئين في الدول الأخرى للعمل في المنطقة، على حد قول “بكي”.

يقول يوسف أوسو (60 عاماً) وهو صاحب معمل منظفات في كوباني، إنه يعمل برأسمال يقدر بـ 12 ألف دولار، رغم أنه قادر على إضافة رأسمال آخر يصل إلى 30 ألف دولار من أجل تطوير الإنتاج في معمل كماً ونوعاً، إلا أنه يتخوف من التهديدات التركية.

وبدأ “أوسو” العمل في مصنع المنظفات عام 2007، ولكن تعرض للتخريب أثناء غزو تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” لكوباني عام 2014، وعاود افتتاح معمله مرة أخرى في عام 2015 بعد طرد التنظيم.

ينتج معمله حالياً نحو سبعة أصناف من المنظفات، بكمية تصل إلى ثلاثة أطنان يومياً، ولكن في حال تحقيق الاستقرار السياسي في المنطقة يستطيع توسيع المعمل لينتج كمية تصل إلى نحو عشرة أطنان يومياً، وزيادة عدد الأصناف إلى عشرة على الأقل.

لكن، عدم الاستقرار السياسي والقصف التركي المتكرر على الريف والمدينة، يدفعهم لاستيراد برميل واحد من المواد الأولية في كل فترة بدلاً من استيراد عشرة براميل.

ويوفر معمله فرص عمل لعدة عائلات بشكل مباشر، إضافة لتوفير دخل لأصحاب السيارات والتجار، وفي حال حدوث الاستقرار سيقومون بتطوير المعمل لتحقيق المزيد من الفائدة وتوفير المزيد من فرص العمل.

تحرير: أحمد عثمان