الجفاف يهدد حياة عشرات آلاف النازحين في الحسكة
دلسوز يوسف ـ الحسكة
بينما تتجاوز درجات الحرارة الـ 40 مئوية، يقف إسماعيل محمد، وسط مخيم للنازحين بريف الحسكة، شمال شرقي سوريا، حائراً وهو يشكو من نقص المياه عقب إعلان الإدارة الذاتية، الحسكة منطقة منكوبة بسبب قطع تركيا المياه عنها.
ويقول الرجل الخمسيني، الذي قصد السوق لشراء خضروات لأسرته لنورث برس: “المياه بشكل عام قليلة وغير كافية، الخزان سعة خمسة براميل حصة لستة عوائل هنا وسط هذا الصيف الحار”.
ويشير النازح الذي ينحدر من قرية ليلان بريف سري كانيه، أن حصتهم اليومية كعائلة كبيرة، تتجاوز 15 فرداً، لا يتجاوز الـ 30 لتراً أغلب الأحيان، نظراً لتقاسم أكثر من خمسة عوائل لخزان سعته خمسة براميل.
ويصف “محمد”، الوضع بـ”المأساوي”، “أغلب الأحيان نقوم بجلب المياه من خارج المخيم لسد احتياجاتنا لتشغيل المكيفات والتنظيف”.
وتعاني مدينة الحسكة وريفها، مؤخراً من تفاقم أزمة المياه الصالحة للشرب عقب قطع تركيا مجدداً مياه محطة علوك التي تغذي نحو مليون نسمة بالمياه.
والاثنين الفائت، أعلنت الإدارة الذاتية مدينة الحسكة وقراها ومخيمات النازحين فيها، “منطقة منكوبة” لقطع تركيا المياه عنها ‘‘بتواطؤ روسي وحكومي’’.
“المياه قليلة”
ويوجد في مدينة الحسكة أربعة مخيمات للنازحين، ويعد مخيم واشوكاني الواقع شمالي الحسكة أكبرها، حيث يقطنها أكثر من 16 ألف نازح من منطقة سري كانيه (رأس العين) وريفها، وفق إحصائيات إدارة المخيم لـ نورث برس.
ويعتمد قاطنو هذا المخيم، على غرار سكان المنطقة، على الصهاريج الجوالة لمدهم بالمياه من الآبار السطحية الموجودة في ريف المدينة، إلا أن النازحين يشكون من قلة حصصهم اليومية في ظل ارتفاع درجات الحرارة وموقع المخيم الصحراوي.
وفي ساعات القيظ يتصبب العرق من جبين جمعة الخالد، وهو صاحب بقالية وسط سوق المخيم، بينما يشكو من نقص المياه التي تدفعه لجلبها من خارج المخيم يومياً.
ويقول الرجل الأربعيني لنورث برس: “لدينا نقص في عدد الخزانات، فكل عائلة تحتاج إلى برميل مياه على الأقل يومياً، خاصة نحن في الصيف نشغل المكيفات”.
والقطاع الذي يسكن فيه الرجل، يوجد فيه خزان سعته 10 براميل وتعتمد عليه 13 عائلة، “خلال نصف ساعة يستهلك الخزان كاملاً، وإذا كنت مشغولاً أثناء تعبئة الخزان ستضطر لجلب المياه من مسافات بعيدة من خارج المخيم عبر أصحاب السيارات المارة”.
وباتت مشكلة المياه معاناة تؤرق النازحين والسكان في الحسكة، في ظل مخاوف من جفاف مياه الآبار السطحية التي تغذي المنطقة بالمياه الصالحة للشرب.
وحذر شيخموس درويش وهو خبير جيولوجي في المياه الجوفية خلال تصريح سابق لنورث برس، من جفاف آبار سطحية بريف الحسكة “خلال فترة الشهر”، ما ينذر بوقوع “كارثة إنسانية وشيكة”.
وفي تصريح سابق، أشار عيسى يونس، الرئيس المشارك لمديرية مياه الحسكة، إلى أن “استمرار هذه الكارثة الحقيقية هو نتاج اتفاق دولتي روسيا وتركيا ومباركة النظام السوري، لخنق شعبنا ووأد تجربته الديمقراطية دونما شعور بمدى فداحة هذه الجريمة”.
وكانت مصادر مطلعة في مديرية المياه بالحسكة، ذكرت لنورث برس، أنهم كانوا يمدون منطقة سري كانيه/ رأس العين، بطاقة 8 ميغا واط من الكهرباء، علماً أن آبار علوك تحتاج لـ 3 ميغا واط لتشغيلها، إلا أن الجانب التركي لم يلتزم بالاتفاقية.
وخلال السنوات الفائتة منذ سيطرتها على محطة علوك بريف سري كانيه أواخر عام 2019، قطعت تركيا المياه لأكثر من 40 مرة عن منطقة الحسكة، وفق مديرية مياه الحسكة.
‘‘ارتفاع نسبة الملوحة’’
ورغم الجهود المبذولة، لم يخفِ برزان عبدالله، الرئيس المشارك لمخيم واشوكاني، المخاطر التي تهدد حياة النازحين خلال الفترة القليلة القادمة.
وقال لنورث برس: “من المخاطر التي نتخوف منها أن المخيم يستجر ما بين 700 – 800 متر مكعب، ويتم استهلاك المياه كثيراً في فصل الصيف ووضع المياه صعب جداً بالمنطقة، إلى جانب صعوبة جر المياه من الفرات إلى الحسكة”.
وشدد على وجود مخاوف أخرى من توجه الأوضاع نحو الأسوأ في ظل عدم وجود آبار صالحة للشرب في محيط 50 كم مربع.
ولسد هذه الفجوة، تستعد الادارة الذاتية لمد مدينة الحسكة بالمياه عبر جر المياه من جنوبي مدينة عامودا بريف القامشلي. وقال رستم بكر، الرئيس المشارك للجنة البلديات والبيئة في الحسكة لنورث برس، إن مشروع جر المياه من مدينة عامودا إلى الحسكة سينتهي خلال تسعة أشهر في حال توفرت المواد اللازمة للبدء بالمشروع الذي ينتظر المصادقة وتحرير الميزانية.
ويرى سكان أن هذه المدة الزمنية بعيدة المدى إذ سيدخل المشروع حيز التنفيذ العام الفائت، بينما يعاني السكان حالياً من أوضاع صعبة.
ويشير عبدالله، إلى أن الأوضاع التي يعيشها النازحون “صعبة ونأمل أن لا تصل إلى حد الكارثة”.